المراقب للتنويرات الصحفية التي يعقدها وزير الري أو من ينوب عنه من (الكمبارس) يلاحظ اللغة الخشبية القديمة من عهد الانقاذ اللعين وما فيها من تدليس وليٌ للحقائق البينة والتغبيش المتعمد، لغة شبيهة بالتسميع الجماعي (تسميع الكنبة) والذي يتساوى فيه الحافظ وغير الحافظ وهذا الأخير ربما يتميز بتعابير الوجه والحرفنة في تحريك الشفاه و (جغمسة) الكلمات التي لا يحفظها بصوت خافت ويطلق صوته أعلى من صوت المجموعة عندما يمر على الموضع الذي يحفظه.
هذه حال تنويرات وزير الري (الانقاذي) والتي لا يجد المستمع اليها ضالته فيها والإجابة على التساؤلات التي تشغل فكره ولا يرجع من هذه التنويرات الا وهو أكثر حيرة، و يرفض وزير الري ان يجري أي لقاء صحفي محترف الا من وراء حجاب و شريطة أن يحدد الوزير الاسئلة المحرمة على الصحفي؛ مثل لماذا استقال الوكيل رحمة الله؟ و ما هي الخبرات والمؤهلات التي وجدها في ضو البيت، الوكيل الحالي، ولم يجدها في كل مهندسي الري؟ و ما هي المخاطر الناجمة عن سد النهضة؟ وهل قامت وزارة الري بحصر الضرر المحتمل من جراء قيام وتشغيل سد النهضة؟ و ماهي الخطط التي قامت بها الدولة من اجل تعويض المتضررين؟ و ما هي الجهة التي ستدفع ذلك التعويض؟ و ما هو مصير اتفاقية مياه النيل بعد ان تفقد مصر و السودان التحكم في مياه النيل؟ وإلى آخر الأسئلة الصعبة.
لسنا هنا لإطلاق الإتهامات، فإطلاق كلمة (انقاذي) ليست تهمة تلقي على وزير الري، بل صفة مثبتة استحقها عن جدارة وإستحقاق ولن يجد سبيلا لنفيها عنه بل عن كامل لجانه الفنية ومستشاريه ولا غرو ففيهم من شغل مناصب وزارية في عهد الظلام الإنقاذي الذي مارسوا فيه تهميش الرأى الآخر وحرموا الكل من مجرد قول رأيهم و مارسوا فيه صنوف الفساد والاستبداد. وكان الظن ان تخلصنا الثورة منهم ومن فسادهم. ورغم عظمة الثورة وزخمها لم تستطع حتى الآن زحزحتهم من مواقعهم ولا انزالهم من صياصيهم وانما بدلت مقاعدهم، شيل أحمد وخته مكان حاج أحمد وجيب حاج أحمد بدل أحمد، وظلوا قابضين على تلابيب وزارة الري وملف سد النهضة كأخطر ملف و مشكلة تواجه السودان منذ ان صار دولة وستؤثر عليه الآن كما ستتأثر بها اجيال لعشرات ان لم اقل مئات السنين القادمة.
لا أعيب على وزير الري وطاقمه(انقاذيتهم) فقط ولكن الطريقة التي يعالجون بها موضوع سد النهضة. ولا أعيب عليهم ان اتو مرة أخرى بنفس الطاقم لإكمال ما بدأوه من (طبيخ) ولكن اللوم على من وضع فيهم ثقة لم يكونوا أهلاً لها وزادهم تمكيناً وأداء ركيك ومرتبك واختطاف حقنا في المشاركة في إبداء الرأى بل حتى بخلوا على الشعب السوداني بشرح رأيهم و وجهة نظرهم إلا ما يتاح ويرشح من هنا و هناك من التنويرات التي لا تغني ولا تسمن من جوع. مللنا سماع الاسطوانة الاثيوبية (ذات النسخة السلمانية) والقول المرسل عن الفوائد المفتراه التي سيحظى بها السودان من جراء اقامة سد النهضة. ولعمري و هذا الافق الضيق، وذلك الفكر المستورد و المستأجر الذي لا يشبه ولا يناسب السودان ولا ما يواجهه من أخطار تهدد آمنه وأرضه، ذلك القول الذي لم ينفك وزير الري وزمرته يذكره ويمجد فوتئد سد النهضة على السودان وكأن السودان هو الذي انشأه، ولا أحسبه يجهل مخاطر سد النهضة الاثيوبي!!
ولكن وراء هذا الصمت ما وراءه، لأن القول السديد و الفكر الصحيح والعقل السليم يقول أن من وقع عليه الفعل ان يحصر في المقام الأول الاخطار الناجمة عن السد والإضرار الواقعة عليه اولاً وهذا ما تجنبه الوزير في كل افاداته الصحفية !!! هذا ما يزيد من قلقنا وتوترنا كون انه تخلى عن دوره في الوقوف بجانبنا (نحن السودانيين) و وقف قلبا و قالبا في صف الوفد الاثيوبي وراح يعدد لنا الفوائد سد النهضة ويمتن علينا بالكهرباء المكذوبة و إلى آخر الاسطونة الاثيوبية التي لم يتغنى بها غير الوفد السوداني!.
ان الدول الناهضة والتي تاخذ كل الاحتمالات حتى لا تفاجأ ولا تؤخذ على حين غرة تدرس كل الاحتمالات و تعمل لها ألف حساب حماية لأمناها و أمانها مهما كلف من جهد. وخير مثال كوريا الجنوبية التي انشأت سد السلام (Peace Dam) ، وهو سد بدون بحيرة، اي لا عمل له الا عندما ياتي طاري، اقامته على حدودها مع كوريا الشمالية، بعد ان اقامت الثانية سداً بالقرب من حدودها، أشبه لموقع سد النهضة بالنسبة للسودان، على مجرى نفس النهر، اقامت كوريا سد السلام حماية لها و تحسبا لانهياره او للتشغيل الإستفزازي والتنمر المقصود؛ ولكن مثل هذا التصرف الحكيم لا يعرفه مثل هذا الوزير ولا مستشاروه. امن وامان السودان غير مطروح في اولويات همومهم
اننا في مجموعة مناهضي الترتيبات الجارية لسد النهضة Anti Current GRD Arrangements (ACGA)
هذه المجموعة التي تضم نساءاً ورجالاً يحملون مؤهلات علمية عالية في مختلف المجالات وخبرات رفيعة و معتبرة في مختلف التخصصات وبعض المهتمين بالأمن المائي للسودان، و بعضنا قد سبق له العمل في نفس هذا الملف ويدري خباياه، هذه المجموعة لا يجمعها الا حبها للسودان و العمل للحفاظ عليه من الكوارث و الدسائس والهم الدائم ان ترى الوطن في مصاف الدول المتقدمة و الموقع الكبير الذي يشبه السودان و انسان السودان؛ لقد حاولنا وبشتى السبل توصيل رأينا للجهات المختلفة فكان ردهم كما لو اننا نحادث الجانب الأثيوبي لا السوداني؛ و هذا المقال لعله يصل قمة هرم السلطة طلباً وطمعاً في ابراز وجهة نظرنا فقط ولكشف (المستخبي) ولضمان ايصال كل ما يخص هذا الملف للسلطة السياسية العليا لا سيما و ان المفاوضات قد قطعت شوطاً بعيداً وتسارعت خطواتها فلم نجد وسيلة إلا ان نطلب من الفريق البرهان بصفته رئيس مجلس السيادة والطرف المسؤول عن الحانب الامني، ان يتولي الشق الامني في هذا الملف بالدراسة والبحث التدقيق الذي يستحق و بالتحديد في الجوانب التي فشل فيها وزير الري ومستشاروه فشلاً؛ و الإجابة على تساؤلاته.
وأوضح مثال لذلك عندما سُئل وزير الري في واشنطن عن مخاطر انهيار السد لم يجد اجابة أقوى من: (انا من سنار!). اجابة تعكس الارتباك ودليل على كبر هذا الملف عليه ولا اعتقد ان احدا بمثل وزير الري تليق به اجابة مثل ما أجاب. تلك الاجابة ان كانت عن قناعة وزير الري ومن معه فإن احسنا الظن به لرميناه بالجهل، و إن أسأنا الظن فيه حق لنا ان نقل فيه ما يشاء وسنجد من القرائن الكثيرة سيما وان هذا الملف الخطير قد ارتبط بأسماء كثيرة (ومجهولة الهوية) وتزامنت معه تزامناً يستحيل حدوثها صدفة و سوف لن نعتبرها اذا اسأنا الظن ان تجمعها في اديس ابابا مجردصدفة.
مطالبنا محددة وهي موجهة للجهات السيادية و التنفيذية لكل من:
١- رئيس مجلس السيادة والجهات الامنية تولي الشق الامني كغيرنا من الدول الثلاثة المعنية بسد النهضة.
٢- السيد رئيس الوزراء تنظيم لقاء جامع الفريقين لتوضيح وجهات النظر المختلف عليها قبل اتخاذ أي خطوة اخري في هذا الملف الخطير.
٣- مواجهة الوزير ولجنته مباشرة و بحضور السلطة السياسية و الأجهزة الأمنية حتي يستبين الخبيث من الطيب.
و الله من وراء القصد والسودان دائما في حدقات عيوننا و حنبنيهو.