لم نخرج من أجل تبديلا ايدلوجيا أو جوازا جورجيا.. هيثم مصطفى”البرنس” يكتب
كتب.. هيثم مصطفى كرار
اللهم احفظ البلاد ، والعباد ، من كل داء ومكروه، اللهم أنت المعين لشعبنا ، فكن له معين. والتحية لكوادرنا الطبية ، في كل ربوع الوطن الحبيب ، وهي تسهر الليالي ، وتكابد ظروفها ، للاطمئنان على المواطن، فينبغي علينا مساعدتهم ، بتطبيق الإحترازات الصحية الصارمة ، ما أمكن ذلك.
من اكبر الأخطاء التي يرتكبها الإنسان في حياته ، ويندم عليها لاحقاً ، هي الصمت في الأوقات التي كان عليه أن يتكلم فيها، وعادة لا يتعمد الإنسان الصمت ، إلا إذا كان خائفاً من عواقبٍ معينة ، أو يعاني من رِهاب ، ( اعاذني الله و إياكم منه) و بما أني قد عفاني الله من الصنفين ، و لا اخشى الا الواحد الديان.
ونحن نطوي صفحات العام الاول لثورة ديسمبر المجيدة ، فلا يجب أن نصمت في وقت الكلام، فالذي سحبني لهذه المنطقة ، ذات الطابع السياسي هو معاش الناس، حاضرهم الذي نعايشه ، كل ثانية بصورة لصيقة، إذاً يفرض الكلام نفسه، فالمواطن بات يستبدل جهره بهمسه، يصرخ ملياً ، أمام عجز الحل الرسمي من المسؤولين، يصرخ اليوم (واقعاً) ، ويصرخ من مصيره المجهول (متوقعاً)، فما قيمة هذه الثورة إذا لم تكترث لحياة الناس البسطاء؟ ، فرأس الرمح فيها كانت الضائقة المعيشية، والأوضاع المتردية، لم يخرجوا من أجل تبديل ايدلوجيا ، ولم يخرج أحدهم يطلب جوازاً من جورجيا.
بينما لسان حالهم اليوم ( نزرع نحن ويحصد غيرنا) يموت ابناءنا ، وآبائنا، مستشهدين ، و يكسب الساسة على ظهرنا مستوزرين ، ومعينين، لا يفكر أحد من البسطاء في كرسي حاكم ، يجلس عليه بل يفكر في وجبة وقفة الخضار لأطفاله نهاية اليوم، لا يفرق معه ( الجَمَل أو الجمَّال)، (الخيل أو الخيّال)، ولا يفكر في حياة الرفاهية والدلال، أمنيتهم الوحيدة ، العيش مستورين الحال، وبالحلال.
وعلى ذكر الحلال ، الذي أصبح للبقية آخر المقال، وبعيد المنال ، ولا يفسحوا له المجال، يدخل معاش الناس فيه بقوة ، فيفسد المجتمع بحثاً للقمة كريمة ، تقضي على الجوع ، و تردم من البطن الهُوّة، فتفسد الأخلاق، ويضيق على الضعاف الخناق، ويضيع المجتمع في غفلة من الزمان السرّاق ، فالبطون الفارغة تستيقظ باكراً.
والساسة لا زالوا فقط مهتمين بأيهما نال تلميعاً اعلامياً أكبر و أيهما أجاد النفاق، و نسوا الشهداء الذين استشهدوا مع الرفاق، و إن سألتهم يتذرعون بملايين الأعذار فهم بارعين في الإختلاق.
هؤلاء الغلابة واليتامى ، يصدعون أقوى القلوب الرحيمة ، فالماء اللطيف يأكل حتى الصخر القاسي، ولكن يبدو أن مياه الساسة التي جرت لا تدير الطواحين، ونذورهم التي قطعوها للكادحين ، والشهداء ، لم يستطيعوا الايفاء بها ، على أقل تقدير في معاش الناس ، لا ندري للضعف ام مستترات بالخلف.
فلن نقول ناشطون ، و لكن ييدو أن هناك من يقضي حياته كاملة في القراءة ، دون أن يحقق شيئاً، فلا زالوا يقرؤون.
فالشعب لا يريد نمراً في الطريق الخطأ ، يكفيه فقط سلحفاة في الطريق الصحيح ، وهو قادر على الصبر على بُطئها، فبوصلة الثورة لا زالت تسبح بوادٍ غير ذي زرع ، و ماشية غير ذات ضرع ، و شجرة ليست ذات فرع ، ووضع المواطن في حالة صرع، فما قيمة أن تسقط الشخصيات ، ويبقى نظامهم مستمراً؟.
فالأحمق هو من ينظر في عيوب الناس فينكرها ، ثم يرتضيها لنفسه، ونحن لا زلنا لم نبرَح وضع النظام البائد في خيباتنا الاقتصادية ، بل زاد الأمر تعقيداً وسوءاً ، .فالغلابة يتساءلون ، هل من وثقنا بهم تتساوى أقوالهم مع أفعالهم ؟ هل استشهد فلذات أكبادنا ، من أجل تسفيه أمرنا ، وتجاهل رمقنا