على مسؤوليتي …. الشمالية.. إحساس جديد! ….. طارق شريف
شمس خجول وابتسامات ترحاب بدّدت تعب السفر الطويل..الولاية الشمالية هذا الصباح، بدت في وجه صباحي جميل.كلّما زرت أرض أهلنا في الولاية الشمالية أحنّ لشوارعها وناسها ونخيلها الباسقات، إذ تعود أصولنا إلى جزيرة لبب، وفيها روعة الأهل وطيبتهم، والناس في لبب يصنعون الحب.الرهان على الاستثمار هو رهان رابح لأن الشمالية هي ولاية تتميز بأنها أرض الفرص الاستثمارية، حيث تعدد الموارد الطبيعية والبشرية وتنوع المناخ الذي يمكّن من زراعة محصول صيفي بالإضافة إلى المحصول الشتوي. في الزيارة التي ضمّت عدداً من نجوم الصحافة السودانية من رؤساء التحرير وكبار الكتّاب، وقفنا على مشروع معاوية البرير الزراعي في منطقة “التيتي” الذي تبلغ مساحته (35) ألف فدان. وما يلفت النظر للمشروع هو استخدم التقانات الحديثة الذي أحدث الفرق في الإنتاج، وأيضاً إدخال تربية الحيوان في المشروع من المميزات الأخرى التي نأمل أن تكتمل بإضافة التصنيع الزراعيِّ. زرنا أيضاً مشروع “الراجحي”، وكان الحاج معاوية البرير الذي بدا في الرحلة الأكثر شباباً، حريصاً على زيارة مشروع “الراجحي” معنا وسعيداً لنجاح المشروع، وهذا يدل على الجمال الإنساني الذي يميز هذا الرجل وهو يرى في نجاح أي استثمار مكسباً كبيراً لصالح الاقتصاد السوداني.أجمل مشهد في الزيارة كان بـ”دار العوضة”، التي شهدت افتتاح مستشفى تكفّل به معاوية البرير كاملاً غير منقوص. وكما قال والي الشمالية اللواء الركن محمد محمد الحسن الساعوري الذي أحسن استقبالنا: إن ما قام به معاوية البرير يتجاوز مسألة المسؤولية الاجتماعية، أهل دار العوضة بادلوا البرير الحب وتحلقوا حوله كالفراشات زرافات ووحدانا، وهنا يقول معاوية البرير: (شعرت بأنني لن أستطيع إكمال كلمتي من حفاوة الناس بنا وخرجت من دار العوضة بإحساس جديد). الزراعة كما يقول الشيخ العبيد ود بدر خيرها يعمّ الجميع حتى الطير يأخذ نصيبه منها وفيها بركة وخير وفير.رغم كل شيء، الاستثمار الزراعي في السودان شائك ومحفوف بالمخاطر، أهم ما يمكن أن تفعله الدولة هو محاربة البيروقراطية التي تهدد الاستثمار الزراعي في السودان، ولنا في الدول من حولنا مثل مصر وإثيوبيا نماذج مشرقة، حيث طبّقت نظام النافذة الواحدة وفرشت السكة وروداً للمستثمرين. كلّما مررنا بالأراضي الشاسعة الخالية في الشمالية تتملكنا الحسرة على ضياع هذه الثروات الطبيعية، لماذا لا تفكر الدولة الآن في توزيع هذه الأراضي لمن يزرعها وتوجّه البنوك لتمويل الزراعة والتصنيع الزراعي؟رجال الأعمال الذين يعملون في الضوء ويستثمرون في ما ينفع الناس ويدعم الاقتصاد الوطني أمثال معاوية البرير، يجب أن يجدوا دعم الدولة واهتمامها حتى يصبح الأمر حافزاً لكل رجال الأعمال للولوج في مجال الاستثمار الزراعي. ودّعنا الشمالية، وفي القلب حنين وفي الخاطر ألف سؤال عن تحديات الاستثمار في الولاية ولحسن الحظ أنني دوّنت كل شيء من تفاصيل الرحلة لأحكي المشهد في مجلة (حواس) الاقتصادية، بعددها الذي سيصدر بعد أسبوع بإذن الله، وقد طلبت من المدير الفني لـ(حواس) الفنان التشكيلي شهاب الكندي حذف كثير من الصفحات وإفراد مساحة واسعة لهذه الزيارة. لأن الشمالية تستحق.
صحيفة الانتباهة