السودان.. سرقة وتخريب المقتنيات الأثرية .. جريمة جديدة في سجل المليشيا

الخرطوم – نبيل صالح

امتداداً لسلسلة جرائمها في حرب أبريل وجهت أصابع الاتهام لقوات الدعم السريع بسرقة مقتنيات أثرية من متحف السودان ونقلها إلى جهة غير معلومة وجاء الاتهام بناء على وقوع العملية في منطقة تقع تحت سيطرة الدعم السريع ، وتعد هذه الجريمة من جرائم الحرب التي تقع تحت طائلة القانون الدولي، ووصف خبراء آثار وباحثين في التاريخ والآثار الجريمة بالنكراء ولم تحدث في حروبات الأرض إلا في بغداد التي استباحتها قوات المغول والتي قامت بحرق ونهب آثار بابل ومكتبة بغداد.

 

وأثارت سرقة آثار متحف السودان القومي، قلقًا واسعًا، بعد أن كشف تقرير حديث، عن تفاصيل جديدة حول الحادث، والتي أكدت بالفعل حدوث عمليات السرقة في أكبر المتاحف في ظل الحرب الشمطاء التي تعاني منها البلاد.
وأعرب الباحث في التاريخ النوبي محمد وجدي عن حزنه وصدمته من عملية سرقة مقتنيات أثرية لا تقدر بثمن من متحف السودان القومي وقال أن جريمة سرقة الآثار لا تقل بشاعة عن الانتهاكات الأخرى التي ارتكبتها ميليشيا الدعم السريع في الخرطوم وبقية المدن التي تسيطر عليها وأضاف وجدي في حديثه لـ”النورس نيوز” أن هذه الآثار محمية بموجب قانون دولي ولا يستطيع من قام بتخريبها أو سرقتها الإفلات من العقاب سواء كان شخصا أو مجموعة أو دولة، واضاف ان هذه الحرب أفرزت جرائم لا يمكن تخيلها خصوصا أن أحد أطرافها لا تتعامل مع مثل هذه الأشياء بدراية أو معرفة ولا يعرفون قيمتها التاريخية والرمزية، وطالب وجدي بتدخل المنظمات الأممية المعنية بالتاريخ الإنساني وإدانة الدعم السريع.

 

وقي تصريحات صحفية قالت د. غالية جار النبي، مدير الهيئة القومية للآثار والمتاحف في السودان، لـ”قناة العربية” ، أكدت أن عملية السرقة حدثت فعلًا، وأنها علمت بها منذ نحو شهر، لكنها اختارت عدم الإعلان عن الأمر في البداية لضمان عدم إفساد جهود تتبع اللصوص، التي قد تؤدي إلى تدمير أو إخفاء الآثار المسروقة إذا شاع الخبر.

 

ووفقًا للدكتورة غالية، فإن توجيهات السلطات العليا والأجهزة الأمنية قضت بإبقاء الحادث سرًا، حيث اختار الشخص الذي أبلغ عن السرقة أن يظل مجهول الهوية.
ومن جانبه قال الباحث والأكاديمي كوبدي حسن وراق أن ابشع ما أفرزته هذه الحرب الجرائم الفريدة وغير المألوفة في كل حروب السودان وأضاف في حديثه لـ”النورس نيوز” انه حتى في الحربيين العالميتين لم تحدث جريمة مثل جريمة تخريب المقتنيات التاريخية والأثرية وعزا كوبدي ذلك إلى وعي الشعوب التي تدرك قيمة التاريخ والآثار وتابع “لكن الذين استجلبتهم الدعم السريع لا يميزون بين المومياءان والاخشاب وهذا ما وضحه مقطع فيديو في أول أيام الحرب عندما دخلت هذه القوات إلى المتحف وعبثوا بالمومياوات في صناديقها واعتقدوا انها جثث لضحايا أخفوهم الكيزان كما ظهر في الصوت وهذا الأمر كان ينذر بخطر كبير على المقتنيات التاريخية والأثرية في المتحف القومي”.

 

وظهرت حسب مواقع إعلامية بعض القطع الأثرية المعروضة للبيع في المناطق الحدودية بين السودان وجنوب السودان، بالإضافة إلى داخل جنوب السودان، وبينت مديرة الهيئة أن المخزن الخاص بالقطع الأثرية في المتحف تعرض للسرقة، إلا أن التحقيقات ما زالت جارية لتحديد مدى نطاق السرقة.

 

وأشارت د. غالية إلى أنهم استعدوا للأسوأ وبدأوا بالتنسيق مع الجهات الإقليمية والدولية، مثل منظمة يونسكو والإنتربول، لاسترداد القطع الأثرية المسروقة، إلا أن النبأ تسرب إلى وسائل التواصل الاجتماعي، مما دفع الهيئة إلى الكشف علنًا عن الحادث، كما نفت الصور المتداولة التي تظهر شاحنات محملة بآثار، موضحة أنها تُظهر شاحنات تابعة للهيئة تم نهبها لاحقًا.

Exit mobile version