آراء و مقالات

همس الحروف … تأثيرات قرار تفعيل نظام استمارة الاستيراد الإلكترونية (IM) على السوق و الأمن القومي :(التحديات والحلول) ✍️ د. الباقر عبد القيوم علي

همس الحروف

تأثيرات قرار تفعيل نظام استمارة الاستيراد الإلكترونية (IM) على السوق و الأمن القومي :(التحديات والحلول)

✍️ د. الباقر عبد القيوم علي

 

الكثيرون يتحاملون على الجمارك السودانية بإعتبار أن مديرها المكلف اللواء صلاح أحمد إبراهيم قد أصدر قراراً بتطبيق نظام شهادة (IM) الشىء الذي أصاب المعابر بحالة كساح عام ، و عطل جميع العمليات الجمركية ، و هذا الامر محاولة منهم لشيطنة الرجل بدون ذنب ، و ما هو معلوم بالضرورة أن هذا الأمر سيضر بمصالح المستورين في مقتل ، و قد سيتسبب في تلف الكثير من البضائع ، و قد يدخل الكثيرين من التجار إلى السجون ، او سيخرجهم بصورة نهائية من السوق ، و هذا هو حال السودان ، القرارات كلها تأتي بصورة مفاجئة و غير مدروسة العواقب و كأن من يقع عليه سيف هذا القرار لا يهم الدولة في شيء .

 

 

 

 

 

 

 

 

إلا إنني أريد أن أوضح للذين يسخطون من إدارة الجمارك السودانية بخصوص هذا القرار : أن الجمارك هي جهة تنفيذية فقط تتولى تطبيق القوانين واللوائح المتعلقة بالتجارة ، والضرائب الجمركية ، و دورها الرئيسي هو تنفيذ السياسات التي تصدرها الجهات العليا مثل الرئاسة أو وزارة التجارة ، وليس لديها السلطة لتشريع القوانين ، و مهمتها الأساسية تنحصر فقط في مراقبة و تفتيش البضائع و تحصيل الرسوم الجمركية ، و تنظيم عمليات الاستيراد والتصدير وفقًا للتشريعات السارية .

 

 

 

 

 

 

 

 

الإجراء الذي تم اتخاذه يتضمن منع تخليص أي معاملات استيراد إلا من خلال استمارة الاستيراد الإلكترونية (IM) ، و هذا يعني أنه لا يمكن للمصارف البدء في أي إجراءات مصرفية أو تحويل أي نقدي أجنبي للخارج لأغراض الاستيراد دون تقديم هذه الاستمارة ، و الهدف من هذا الإجراء هو تنظيم السوق ، و تخفيف الضغط على السوق الموازي من خلال ضمان الرقابة الفعالة على كافة عمليات الاستيراد و وسائل الدفع مما يحمي ذلك حصيلة النقد الأجنبي المتوفرة .

 

هذا القرار ، و بغض الطرف عن سلبيته أو إيجابيته لم يصدر عن الجمارك ، بل هو قرار صادر من جهات أخرى مثل وزارة التجارة أو السلطات الاقتصادية العليا ، فالجمارك كجهة تنفيذية ملزمة بتنفيذ هذا القرار ، و تطبيقه حرفياً في عمليات التخليص الجمركي ، و الهدف من ذلك هو ضمان الادإلتزام بالإجراءات الجديدة التي تنظيم عمليات الاستيراد بشكل يتماشى مع السياسات الحكومية و التي تضبط التعامل بالنقد الأجنبي .

 

 

 

 

 

 

 

و بما أن مؤسسة الجمارك تلعب دوراً استشارياً للحكومة ، فعليها أن تقدم النصائح و التوجيهات لإدارة الدولة بشأن هذه الإجراءات الجمركية التي تعتبر تعسفية لأنها أتت بصورة مفاجئة و لم يستشار فيها المورد أو حتى لم يتم إخطاره بتاريخ البدء بها ، و يجب أن توضح الجمارك التأثيرات المحتملة لهذا القرارات لإدارة الدولة ، فمن الضروري أن تقدم الجمارك المشورة بشأن كيفية تطبيق القرار بشكل يخفف من تأثيراته السلبية على التجار و على السوق بصورة عامة .

 

من المؤكد أن هذا القرار سيؤثر سلباً على مصالح التجار الذين وصلت بضائعهم إلى الموانئ، و المعابر ، فمن الواجب على الجمارك قد ترفع هذه المخاوف إلى الجهات المعنية لتوضيح كيفية التعامل مع هذه الحالات وتقديم الحلول المناسبة لضمان عدم تعطيل التخليص الجمركي للبضائع التي وصلت بالفعل .

 

 

 

 

 

 

أما في حالة شراء البترول الليبي ، و قصدت عبارة شراء و لم إستخدم عبارة إستيراد ، وذلك لأن تنفيذ بيع هذا البترول يتم بالعملة المحلية ، و لهذا من الواجب بمكان أن يُستثنى (البترول الليبي) من هذه الإجراءات التي تفرض استخدام استمارة الاستيراد الإلكترونية (IM) و التي تتطلب تحويلات بالعملة الأجنبية ، فاستثناء البترول الليبي من هذا القرار سيكون منطقياً لتجنب تعقيد عمليات الاستيراد ، و تجنب التأثير على الإمدادات التي تتم بطرق مالية مختلفة ، و يجب توضيح هذا الاستثناء من خلال توجيهات رسمية لضمان عدم حدوث أي مشاكل في تنفيذ الإجراءات الجديدة .

 

و بما أن شراء البترول الليبي لا يؤثر على الاحتياطيات من العملة الصعبة ، فإن استثناؤه من متطلبات استمارة الاستيراد الإلكترونية (IM) قد يكون مبرراً لتفادي أي تأثيرات سلبية على السوق أو على الموردين .

 

 

 

 

 

و أريد أن أرسل تحذيراً قوياً للحكومة ، و يجب أن تأخذ الجهات العليا هذا التحذير مأخذ الجد : في حالة عدم إستثناء البترول الليبي من كل القيودات التي تسهل دخوله ، فمن المؤكد أن يتحول الموردون إلى بدائل أخرى ، و هذهوالبدائل هي الذهاب به إلى دارفور ، الشيء الذي سيمنح المليشيا فرص للإمداد مما يقوي شوكتها ، و هذا الأمر قد يؤدي إلى تداعيات غير مرغوب فيها على الاستقرار والأمن القومي .

 

فعلى الجهات المختصة أن تعي ما تقوم به من إجراءات ، و دراسة كل التداعيات التي تنشأ من مثل هذه القرارات التي دائما تأتي في أوقات غير أوقاتها ، و على الدولة فهم هذه القضايا بصورة أعمق ، و محاولة إيجاد حلول مناسبة لها في أقرب وقت حتى لا يتضرر المواطن و لضمان استمرارية الإمدادات دون الإضرار بالاقتصاد أو الأمن الوطني .

 

و الله من وراء القصد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *