بين التأكيد والنفي.. ما حقيقة المجاعة في السودان؟

تقرير-  هبة علي- تضاربت التقارير الدولية مع تقارير حكومة السودان بشأن المجاعة في البلاد وتفشيها في معسكر زمزم بشمال دارفور، فالحكومة التي نفت وصف المجاعة مراراً أرسلت وفداً
برئاسة مفوض العمل الإنساني بالولاية للمعسكر فخرج نافياً وجودها، فيما لاتزال التقارير الدولية والمحلية من المنظمات ذات الصلة تؤكد ماتنفيه الحكومة..

واطلعت لجنة الأمن الغذائي وسبل كسب العيش بولاية شمال دارفور خلال اجتماعها الذي انعقد يوم أمس بمقر حكومة الولاية بالفاشر برئاسة والي الولاية المكلف رئيس  اللجنة الحافظ بخيت محمد، اطلعت على نتائج  الزيارتين الميدانتين اللتين قام بهما كل من مفوض العمل الإنساني بالولاية دكتور عباس يوسف آدم وفريقه الفني  وشركاء  الوزارة من المنظمات الوطنية والدولية إلى معسكر زمزم مؤخرا بغرض التقصي حول التقارير الصادرة من بعض المنظمات  والتي أشارت فيها الي وجود مجاعة  بمعسكر زمزم وحدوث وفيات وسط الأطفال دون سن الخامسة بمعدل طفلين كل ساعة بسبب سوء التغذية .
وأكد مفوض العون الانساني بالولاية ان جميع تلك المرجعيات والتقارير قد أكدت استقرار الأوضاع الإنسانية وعدم وجود مجاعة او وفيات للأطفال  بالمعسكر موضحا ان حالات الوفيات التي تحدث  بالمعسكر هي ضمن معدلات الوفيات  الطبيعية.
وقطع مفوض العون الإنساني بالقول أن ازمة الغذاء العامة  التي يعاني منها سكان الولاية حاليا يعود إلى قيام مليشيا الدعم السريع بقطع الطرق الرئيسية  لمنع وصول السلع الغذائية والمساعدات الإنسانية للانسان، بجانب قيامها بقصف احياء مدينة الفاشر ومعسكرات وتجمعات النازحين حولها بالمدافع الثقيلة مما أدى إلى تأزم الوضع الإنساني.

ماذا قالت التقارير الدولية؟

وكان معيار “التصنيف المتكامل لمراحل الأمن الغذائي”، قد أكد أن معسكر “زمزم” في شمال دارفور، الذي يأوي زهاء نصف مليون نازح قد دخل في مرحلة المجاعة الفعلية، مع بروز مؤشرات حقيقية في معسكري أبو شوك والسلام، ولكن “الأدلة المحدودة المتاحة تحول دون تأكيد المسألة”.
وأكدت الشبكة أن الأدلة المعقولة تشير إلى تجاوز عتبات المجاعة – المرحلة الخامسة من معيار التصنيف المرحلي المتكامل – في معسكر زمزم للنازحين، دون أن تجزم قطعيا بحدوثها في مناطق أخرى.
و وفقًا لآخر تحليلات مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية “اوتشا” فإن حوالي 25.6 مليون شخص – أي أكثر من نصف سكان السودان – يواجهون الجوع الحاد بما في ذلك أكثر من 755,000 شخص على حافة المجاعة.
وحذر تقرير صدر من التصنيف المرحلي للأمن الغذائي من أن خطر المجاعة يلوح في 14 منطقة – مما يؤثر على كل من السكان والنازحين واللاجئين – في دارفور الكبرى وكردفان الكبرى وولايات الجزيرة وبعض النقاط الساخنة في الخرطوم، إذا تصاعد الصراع بشكل أكبر، بما في ذلك من خلال زيادة حشد الميليشيات المحلية الأمر الذي يعرقل التنقل وتقديم المساعدة الإنسانية وأنشطة التسوق وسبل العيش.

 

لاتوجد مجاعة بل أزمة غذاء

المحلل السياسي د. عثمان الفاتح قال لـ”النورس نيوز” : “حالياً لا توجد مجاعة لكن يمكن أن نقول هنالك نقص كبير في الغذاء وفي القدرة على الحصول عليه وهو أمر يواجه نحو مليوني مواطن سوداني في تشاد، ويواجه نحو ثلاثة مليون مواطن اجبروا على النزوح من منازلهم ومدنهم وقراهم في ظروف صعبة جدآ، إذ أنهم فقدوا غالب ممتلكاتهم وأموالهم وباتوا عاجزين عن شراء الطعام” .
وأشار عثمان إلى إمكانية الحكومة نظرياً  باتخاذ إجراءات محددة مثل توزيع الذرة من المخزون الاستراتيجي للأسواق المحلية باسعار مخفضة والعمل على استجلاب دعم دولي وتوزيعه مباشرة على النازحين في مناطق النزوح لتلافي حدوث مجاعة.
وأردف: ” بالرغم من أن السودان لا يعاني أي مجاعة حالياً، لكن بما أنه يعاني من نقص في الغذاء فإن عدم قيام الحكومة السودانية باتخاذ الإجراءات اللازمة او التأخر في اتخاذها يمكن أن يتسبب في مجاعة في غضون ستة أشهر أو أقل.

للحرب تأثيرين على الانتاج الزراعي

وقد تأثر القطاع الزراعي بالحرب الحالية الأمر الذي يرى مراقبون أنه سيؤدي إلى حدوث مجاعة لاسيما في ظل التدهور الاقتصادي وانهيار قيمة العملة المحلية أمام العملات الأجنبية.
ويمضي في هذا الإتجاه المحلل الاقتصادي علي ميرغني، مؤكداً من خلال حديثه لـ”النورس نيوز” أن للحرب تأثيرين على الانتاج الزراعي، الاول افقي ويتعلق بانخفاض المساحات بسبب انعدام الأمن وصعوبة استخدام الآليات الثقيلة، أما الثاني راسي ويتعلق بشح مدخلات الانتاج وارتفاع سعر الموجود منها بعد أن تعرضت مخازن الشركات الكبيرة للنهب، وتابع: حرفيا يوجد شح كبير في مبيدات الحشائش والاسمدة للقطاع المطري.
وأضاف:  “ربما هذا ما دفع وزير الزراعة الاتحادي لتوجيه للمشاريع الزراعية المروية في الولايات الآمنة بتخصيص مساحات أكبر لزراعة الذرة، بيد أنه يُعاب على هذا التوجيه انه لم يشمل اجراءات تحفيزية”.

إعلان المجاعة يعني فتح المعابر

من جانبه يرى كبير الباحثين في مركز فوكس بجنيف د. عبد الناصر سلم أن السودان يعاني من أزمة غذاء حادة، مشيراً إلى أن المجاعة في دارفور وفي المدن المحاصرة من قِبل الدعم السريع والتي يُمنع دخول المواد الغذائية والطبية ومعينات الحياة.
و أوضح سلم من خلال حديثه لـ”النورس نيوز” أن الحكومة تنفي حدوث المجاعة لجهة أن إعلان المجاعة يعني فتح جميع المعابر للمساعدات وهذا هو سبب الخلاف بين الجيش والدعم السريع في شأن إيصال المساعدات الإنسانية.
وأضاف: لا أعتقد أن هنالك حلاً لمقاومة شبح الجوع غير إيقاف الحرب.

Exit mobile version