عثمان جلال يكتب … إلى مفاوضات جنيف ولكن بإرادة الشعب والجيش

عثمان جلال يكتب/

إلى مفاوضات جنيف ولكن بإرادة الشعب والجيش

 

 

 

(١)
في محاضرة ألقاها وزير الأمن الداخلي الاسرائيلي آفي ديختر عام ٢٠٠٨م وضح فيها الرؤية الصهيونية تجاه السودان حيث ذكر ان اضعاف السودان واستنزاف طاقاته يعتبر واجبا وضرورة من اجل تعظيم قوة إسرائيل وهو ما يحتم عليها استخدام الحديد والنار تارة والدبلوماسية ووسائل الحرب الخفية تارة أخرى. وذكر ان استقرار السودان سيحوله إلى دولة إقليمية كبرى وعمق استراتيجي لمصر وقوة مضافة إلى قوة العرب . وقد تمكنت إسرائيل من تمزيق مفهوم الأمن القومي العربي المشترك بتحييد مصر بعد اتفاقية كامب ديفيد ١٩٧٩م وتحييد الاردن بعد اتفاقية ١٩٩٤م، وتدمير الجيش العراقي عام ٢٠٠٣م، وانهاك الجيش العربي السوري نتيجة الحرب الاهلية المدمرة منذ العام ٢٠٠٣م ، وتدمير الجيش الليبي عام ٢٠١١م ، واتفاقات ابراهام ٢٠٢٠ مع الامارات والبحرين والمغرب والسودان وإثارة النزعات المذهبية والطائفية في الدول العربية والاسلامية الهشة مما رجح حالة توازن القوى الاستراتيجي في المنطقة لصالح الكيان الصهيوني .

 

 

 

 

(٢)

بعد تخلي الولايات المتحدة الأمريكية عن مشروع الشرق الاوسط الجديد الذي وضع محدداته الفكرية والسياسية تيار المحافظين الجدد (النيوكوينز) بعد حرب الخليج الثانية عام ١٩٩١م والمتمثلة في نشر الديمقراطية والقيم الغربية السياسية في المنطقة العربية تلاقت الرؤية الأمريكية والصهيونية والاماراتية والسعودية والمتمثلة في محاربة الحركات الاسلامية لأنها تتخذ من الديمقراطية وقوامة المجتمعات المرجعية في الحكم وصناعة النهضة الحضارية الشاملة وهذا يشكل تهديد استراتيجي للأنظمة الملكية شبه الاقطاعية في الخليج العربي وتهديد وجودي للكيان الاسرائيلي.

 

 

 

 

(٣)
معلوم ان نظام الانقاذ في السودان تبنى صناعة مشروع نهضة حضارية مرتكزة على الديمقراطية وقوامة المجتمع مما وضعه في حالة صدام سياسي وحضاري مع هذا الحلف الذى سعى لاسقاطه عبر الوسائل الصلبة والناعمة حتى تحقق له ذلك عبر انقلاب اللجنة الأمنية لنظام البشير في ابريل ٢٠١١م .
سعى التحالف الرباعي عبر أدواته الناعمة الى تمكين تحالف قحت المنبت جماهيريا في الحكم بدء بالتحالف مع الجيش والدعم السريع ، ثم انفض التحالف بعد قرارات ٢٥ اكتوبر ٢٠٢١م، ثم نزع هذا الحلف مرة أخرى بذات الأدوات الناعمة لاعادتهم للحكم عبر الاتفاق الاطاريء ديسمبر ٢٠٢٢م، ولما أصرت قيادة الجيش السوداني على ضرورة تحقيق الإجماع والتوافق حول مهام المرحلة الانتقالية لجأ التحالف الرباعي إلى الخطة ب وهي القوة الصلبة حيث وظف مليشيا آل دقلو الارهابية لإزاحة قيادات الجيش ، ومن ثم دمج الجيش في المليشيا الاسرية القبلية، وتمكين تحالف آل دقلو وقحت من الحكم ، ومن ثم التحكم في سيادة وموارد السودان.

 

 

 

(٤)
تحطمت مؤامرة الرباعية نتيجة الصمود الاسطوري للقوات النظامية والشعب السوداني ولما أدرك هذا التحالف الشيطاني استحالة هزيمة الشعب والجيش السوداني لجأ مرة أخرى إلى الأدوات الناعمة عبر حيلة التفاوض في جدة والمنامة وجنيف والغاية من ذلك إعادة إنتاج المليشيا الارهابية وجناحها السياسي تقدم في المشهد السياسي الوطني ريثما تنضج عوامل صعودهم من جديد للحكم إما عبر القوة الصلبة ، او الناعمة اي الانتخابات.
تتعدد أدوات وتكتيكات هذا التحالف الرباعي الشرير ولكن تبقى استراتيجيته ثابتة وهي إبقاء السودان في دائرية الصراع والانهاك والاستنزاف، وعدم الانتهاض دولة وأمة.

 

 

(٥)
لكن هل ستذهب الحكومة السودانية للمشاركة في مبادرة جنيف التفاوضية رغم ان الوسيط هو العدو الاستراتيجي للدولة السودانية؟؟ فليذهب وفد التفاوض الحكومي إلى جنيف يوم ١٤ أغسطس ٢٠٢٤م لكن بوعي وعزة ومعبرا عن إرادة واجندة الشعب والجيش السوداني والمتمثلة في اجتثاث مليشيا ال دقلو الارهابية من جذورها وعدم القابلية لإعادة إنتاجها سياسيا وعسكريا واقتصاديا او التعايش معها اجتماعيا.
فليذهب وفد التفاوض الحكومي إلى جنيف ليؤكد ان واجب المجتمع الإقليمي والدولي صيانة وحدة السودان للحفاظ على السلم والأمن العالمي وهذا يقتضي تصنيف المليشيا منظمة إرهابية والضغط على الدول الراعية لها لايقاف التمويل العسكري واللوجستي ودعم الجيش السوداني حتى النصر.
فليذهب وفد التفاوض إلى جنيف دون التنازل عن حق السودان في ابرام اتفاقيات تعاون بحرية وعسكرية واقتصادية مع روسيا والصين وتركيا وايران.
فليذهب وفد التفاوض إلى جنيف مع ضرورة استمرار حالة التلاحم والصمود بين الشعب والجيش حتى تحطيم المليشيا الارهابية.
ان إرادة المجتمع والجيش السوداني وحدها ستحسم المعركة في الميدان، وستصنع مشروع النهضة الشاملة ودعامتها الديمقراطية المستدامة.

الأحد/ ٢٠٢٤/٨/١١

Exit mobile version