فيما أرى … طبول الصفيح (2) … عادل الباز

فيما أرى

طبول الصفيح (2)

عادل الباز

 

 

(1)

في الحلقة الأولى من هذا المقال قلت إن طبول الصفيح بدأت تقرع لإيقاف الحرب بعد أسبوع واحد من فشل الإنقلاب الذي خططوا له جيداً ولكن إرادة الله غلابه ولأنه لا يهدي كيد الخائنين.

 

 

(2)

 

 

هدفت تلك الطبول لوقف الحرب وإعادة عقارب الساعة إلى الوراء ولكن كان الزمن قد فات وحين أدركوا ذلك بدأ التخويف من تداعيات الحرب والكوارث التي يمكن أن تنتج عنها، بالأمس ناقشنا الادعاء بأن تمرد قوات الدعم السريع يمكن أن يجر البلاد إلى حرب أهلية وفضحنا كذب ذلك الادعاء الذي كذبه الواقع والوقائع التي تجري الآن إذ ليس هنالك حرب أهلية شهدتها البلاد بعد عام ونصف ولا هم يحزنون!!.

 

 

 

٣
في هذه الحلقة ننظر في الادعاء بأن هذه الحرب يمكن أن تتطور لحرب إقليمية لتعم كل دول الجوار وبهذا فهي خطيرة على الأمن والسلم الإقليمي والعالمي كمان… بالله شوف الدجل ده يعني حربنا هذه أخطر من حرب أوكرانيا وأخطر من حرب غزة!!.
ماهي الدول التي يمكن أن تمتد لها شرارة حرب السودان؟ لابد أنها دول الجوار، إذن لابد لننظر في مواقفها وأوضاعها.

 

 

 

(٤)

أولاً يستحيل أن تمتد الحرب لمصر وليبيا نسبة لأن هاتين الدولتين محصنتين بالجغرافيا وبمعرفتها بحكم تجاربهما بما يمكن تجره الحروب على شعوبهما. مصر مؤمنة (بأهل الله) وبالطبيعة وجيشها وليس من سبب واحد يجعل الحرب تصلها من أيا من الطرفين المتحاربين أو من سبب يفجر أوضاعها الداخلية بسبب حرب السودان، إن لم تكن هي المستفيد الأول منها.

 

 

 

(٥)

غرباً تشاد، وهي الدولة الأكثر احتمالاً أن تصلها الحرب، ولكن ذلك لن يحدث والسبب أن فرنسا هناك وفي الحدود (أدرى) مدججة بالآلاف من الجنود والأسلحة تحرس مصالحها التي تضعضعت في كل غرب أفريقيا، وثانياً إن النظام التشادي اتخذ من دولة الإمارات حليفاً ممولاً رئيسياً لموازنة بلاده واستلم مليار ونصف مليون دولار لتأمين نفسه اقتصادياً ثم إن السيد كاكا على الرغم من دمه زغاوي إلا أنه باع موقف بلاده للجنجويد الذين يقتلون الآن أهله في الفاشر وغيرها، ولذا ليس من مصلحة المتمردين أن تشتعل الحرب في ديار حلفائهم وخاصة أن أراضي أولئك الحلفاء تعمل كقاعدة خلفية تمدهم بالسلاح والتشوين وكل شئ فليس من مصلحة المتقاتلين من الطرفين (جنجويد وقوات مشتركة) تفجير الأوضاع في تشاد وخاصة أن القوات الفرنسية تعمل ككلب حراسة لنظام كاكا وهو آخر ما تبقى لها من مملكتها القديمة.

 

 

(٦)

 

الجنوب، ليس هناك أي تخوفات أن تمتد شرار الحرب لداخل حدوده فليس هناك معارضة فعالة يمكن أن تستغل الحرب لتشعل حرباً أهلية هناك وليس ثمة سبب يدفع الجنوب لخوض حرب مع أيا من طرفي النزاع في السودان وخاصة مع أوضاعه المالية المتدهورة وعلاقاته الممتدة مع المتصارعين.

 

 

 

 

 

 

(٧)

لم يتبق إلا إثيوبيا إذا استبعدنا اريتريا تماماً فهي في مأمن وليس من سبب واحد يمكن أن يجعل الحرب تنتقل إليها، إثيوبيا نأت بنفسها باكراً عن أن تكون طرفاً في الصراع لأنها تعلم أن مقدرة السودان على الاضرار هائلة، وخاصة مع حدودها المشتعلة بسبب مقاومة الرافضين من التقراي لاتفاق جنوب أفريقيا إضافة لوجود مليشيات فانو النشطة في زعزعة أمن المناطق الحدودية مع السودان ثم إن لاثيوبيا علاقة جيدة بطرفي النزاع بما لا يسمح للطرفين بالتفكير بإيصال شرارة الحرب لحدودها إضافة إلى أن رئيس الوزراء آبي أحمد أعلن من البرلمان أنه لن يسمح بطلقة واحدة تعبر الحدود الإثيوبية لداخل السودان.

 

 

 

 

 

(8)

 

بناء عليه يسقط الادعاء بأن حرب المتمردين الجنجويد ضد الشعب السوداني يمكن أن تنتقل لتصبح حرب إقليمية، وهو ادعاء سارعوا به لإنقاذ الجنجويد من السحق وهو ماسيلحق بهم طال الزمن أم قصر رغم اجتياح القرى الآمنة والمدن وارتكاب كل الفظائع ولكن في النهاية سيندحروا ويخرجوا لنا من أرض وسماء.

Exit mobile version