حظر “المؤتمر الوطني”.. الأبعاد والتأثير

تقرير- هبة علي

على نحو غير متوقع اتفقت قوى المؤتمر التحضيري للحوار السوداني-السوداني بأديس أبابا على حظر مشاركة المؤتمر الوطني في العملية السياسية بعد وقف الحرب، وقوبل هذا الاتفاق بالترحيب من جهات تشدد على إقصاء المؤتمر الوطني وتراه حجر عثرة أمام أي اتفاق قادم، فيما ترى مجموعات أخرى أن إقصاءه لن يحل أزمة البلاد التي كان الإقصاء أحد أسبابها..

تفاصيل ما حدث..

مصادر متطابقة أفادت أن القوى السياسية السودانية المشاركة في مؤتمر أديس أبابا اتفقت على عدد من المعايير التي من شأنها حظر مشاركة أي حزب يقع تحت طائلتها في العملية السياسية المستقبلية بعد انتهاء الحرب.
وكشفت المصادر لـ “سودان تربيون” أن مداولات ساخنة استمرت يومين بين المشاركين في المؤتمر التحضيري للحوار السوداني-السوداني حول مشاركة حزب المؤتمر الوطني المحظور في هذه العملية السياسية.
وعلمت المصادر أن المؤتمر كلف لجنة لمناقشة مشاركة حزب المؤتمر الوطني المحلول في العملية السياسية بعد وقف الحرب، لأهمية الموضوع، خاصة وأن هناك عددًا من القوى السياسية مثل تحالف “تقدم” والحركة الشعبية لتحرير السودان بقيادة عبد العزيز الحلو وحركة تحرير السودان بقيادة عبد الواحد النور غابت عن حضور المؤتمر بعد تأكيدات بمشاركة منسوبي المؤتمر الوطني في الجلسات.
وبعد نقاش مستفيض، توصلت اللجنة إلى اتفاق يقضي بأن يكون الحوار السوداني-السوداني شاملاً ومفتوحاً للجميع من حيث المبدأ، باستثناء من صدرت ضدهم أحكام أو وُجهت إليهم تهم بارتكاب جرائم حرب، أو جرائم ضد الإنسانية، أو جرائم إبادة جماعية، أو صدرت بحقهم أحكام وفقاً للوثيقة الدستورية لعام 2019.
وتؤكد الوثيقة الدستورية على عدم سقوط جرائم الحرب، والجرائم ضد الإنسانية، وجرائم القتل خارج نطاق القضاء، وانتهاكات حقوق الإنسان والقانون الإنساني الدولي، وجرائم الفساد المرتكبة منذ 30 يونيو 1989 بالتقادم. كما تنص على محاسبة منسوبي النظام السابق عن جميع الجرائم المرتكبة منذ ذلك التاريخ.
وأوضحت المصادر أن هذه الصيغة تسمح بإقصاء حزب المؤتمر الوطني من المشاركة في ترتيبات الفترة الانتقالية دون المساس بمبدأ شمولية المشاركة في إنجاز مهامها، خاصة وأن الإسلاميين يرفضون الإقرار أو تحمل مسؤولية الجرائم التي اقترفت في حق الشعب السوداني ومحاسبة المتورطين فيها.
وجزمت المصادر أن قيادات حزب المؤتمر الوطني التي تمت دعوتها لم تشارك في الاجتماع التحضيري بناءً على رغبة الجهة المنظمة بعد مقاطعة العديد من القوى السياسية للاجتماع وعلمها بمعارضة العديد من المشاركين.

فلاش باك
وكانت قد انطلقت الأربعاء الماضي المداولات الأولية للعملية السياسية السودانية في العاصمة الإثيوبية، تحت رعاية الاتحاد الأفريقي. ومن المفترض أن تختتم أعمالها في 15 يوليو.
وشهدت الجلسة الافتتاحية مشاركة نحو 20 كتلة ومجموعة سياسية؛ أبرزها “الكتلة الديمقراطية، العودة لمنصة التأسيس، قوى الحراك الوطني، تحالف السودان من أجل العدالة، مجموعة التراضي الوطني، حزب المؤتمر الشعبي وبعض ممثلي الإدارة الأهلية.
ولم تشارك تنسيقية القوى الديمقراطية المدنية “تقدم”، وحركتا تحرير السودان بقيادة عبد الواحد نور والحركة الشعبية- شمال بقيادة عبد العزيز الحلو، والحزب الشيوعي، وحزب البعث العربي الاشتراكي.

توسيع قاعدة المشاركة

مبدأ “عدم إقصاء أحد” لازم أزمة السنوات الماضية وخلق شد وجذب بين أطراف ترفض مشاركة المؤتمر الوطني و واجهاته، وأطراف أخرى تشدد على ضرورة توسيع قاعدة المشاركة وعدم استثناء أحد، وظهرت قبل الإنقلاب العسكري وبعده، وقبل الحرب والآن بعدها.
المحلل السياسي عثمان ميرغني يرى أن توسيع قاعدة المشاركة السياسية أصبح واحداً من أهم أركان التسوية التي تنهي الحرب وتبتدر العملية السياسية.
وأضاف بحديثه لـ”النورس نيوز” : رغم أن غالبية الرأي العام بعد الثورة كان يرى معاقبة المؤتمر الوطني بحرمانه من المسلك السياسي لفترة محددة؛ إلا أن الوضع الآن يتطلب تجاوز ذلك واستيعاب الجميع،حتى لا يضيع الوطن.

تناقض في المواقف
من جهته يرى المحلل السياسي أسامة عبد الماجد أن الأطراف المشاركة في المشهد السياسي متناقضة في مواقفها و رؤيتها وقرآتها للمشهد السياسي، مشيراً إلى أن الجميع يتحدث عن حوار دون إقصاء أحد وعندنا يتم التقارب بين القوى السياسية تخرج النتيجة النهائية إقصاء لبعض الأطراف وتحديداً المؤتمر الوطني والحركة الإسلامية.
وقال عبد الماجد لـ”صدى السودان” إن المواقف متباينة بشأن مشاركة المؤتمر الوطني.
وأردف: على القوى السياسية أن تقفز الآن إلى الأمام وإذا حدث إحراج في المشهد وتم حوار سوداني سوداني يشمل الجميع؛ يمكن أن تكون هذه خطوة متقدمة في الاسهام بوقف الحرب.
ونوه عبد الماجد إلى أن قف الحرب ليس فقط في طاولة السياسيين، وكذلك يكون على طاولة العسكريين ويكون هذا الطريق بداية لإحلال السلام في السودان.
ولفت: يجب الضغط على مليشيا الدعم السريع وتنفيذ الشروط التي تم التوافق عليها في مايو الماضي بموجب إتفاق جدة وهو الخروج من المنازل والأعيان.

لحاق بركب الثورة
من زاوية أخرى أوضح المحلل السياسي طاهر المعتصم أن الإتفاق يجعل المجموعة التي اجتمعت في أديس أبابا تلحق بركب ثورة ديسمبر وما نتج عنها من اتفاقات، وأضاف: بعد أن رينا منبر جدة وجيبوتي واجتماع القاهرة والأمم المتحدة والاجتماعات الإقليمية والدولية لوقف الحرب تؤسس لواقع مابعد ثورة ديسمبر دون العودة إلى ماسبق.
وأشار المعتصم بحديثه لـ”النورس نيوز” إلى أن أهمية الإتفاق على حظر المؤتمر الوطني تكمن في جعل نقاط الإختلاف مع المجموعات الأخرى المنادية بوقف الحرب ليس ببعيدة لجهة أن الاتهام ظل يلاحق هذه المجموعة بأن لديها علاقة وثيقة بالمؤتمر الوطني او النظام السابق.
وأردف: مؤكد أن هذه الخطوة جزء لا يتجزأ من تحركات إقليمية ودولية للاصطفاف لوقف الحرب التي تسبب في كارثة إنسانية لملايين السودانيين.

Exit mobile version