أكثر من 200 الف نازح بولاية القضارف وغياب للمنظمات والحكومة الاتحادية

القضارف – تقرير/مزمل صديق
رغم اجتهادات حكومة وشعب القضارف فى إيواء النازحين الفارين من ولاية سنار بسبب الحرب العبثية ، الا ان الامر يزداد تعقيدا نتيجة استمرارية النزوح والاوضاع الماساوية التى يعايشها النازحون خاصة المرضى والاطفال وكبار السن ، يأتى هذا فى ظل الغياب التام للمنظمات التى تعتبر حالات النزوح واحدة من برامج تدخلاتها، باستثناء بعض التصريحات التى (لا تسمن ولا تغنى عن جوع ) ، ويظل دور المنظمات هشا ما لم تتحرك الى ارض الواقع بفاعلية تجاه من رمت بهم حرب فى حين غرة وجعلتهم يمشون عشرات الكيلومترات سيرا على الاقدام والخوف من أصوات القنابل والمتفجرات يلاحقهم قبل مواصلة رحلتهم القاسية الى ولاية القضارف .
* مدخل :
يقول أحد مواطنى مدينة سنجة انه وفى حوالى الثالثة ظهرا اقتحمت المليشيات المنازل بصورة دراماتيكية سريعة ، مبينا انه لم يفكر لحظتها ولم يعطى فى الأصل مساحة للتفكير لجهة انه واحد ممن تطلق عليهم المليشيا (الفلول) ، ويواصل حديثه : تناولت أقرب شنطة وجمعت فيها ما تيسر من ملابس انا وزوجتى وابنتى، وعند خروجنا بالباب الصغير المنزل اقتحمت المليشيا لحظتها المنزل بالباب الكبير فى ذات الاثناء ، مبينا انه وزوجته وابنته تحركوا سيرا على الاقدام لمسافة تتجاوز العشرة كيلو مترات قبل ان يمن الله عليهم بحافلة متوجهة للقضارف وقال : بعد معاناة استطعنا الصعود على الحافلة ، واشار الى انهم أثناء خروجهم من المنزل شاهدوا مناظر يندى لها الجبين على حد قوله ، واضاف: امرأة تحمل طفلين وتقود اخر وكبار فى السن محمولون على درداقة وبعضهم تكاتك هذا بخلاف من تخلفوا عن أسرهم من الاطفال وكبار السن وغيرهم ، ووصف ان ما حدث لمدينة سنجة بالكابوس.
* ضياع:
فى اليوم التالى لاحداث سنجة تفاعلت وسائل التواصل الاجتماعى والمواقع الاعلامية بصورة مكثفة مع حالات ضياع الاطفال وكبار السن وتخلفهم عن أسرهم، وقد تكللت المساعى بجمع البعض الا ان اخرين ما زالوا فى غياهب الغيب ، نشير هنا الى ان مدينة سنجة كانت تاوى اعداد مهولة من نازحى ولايتى الخرطوم والجزيرة قبل دخولها فى قائمة انتهاكات مليشيات الدعم السريع …
* مشاهد مأساوية:
ظلت حركة النزوح متواصلة منذ اندلاع الأحداث الماساوية بمدينة سنجة وجبل موية ، الا ان ولاية القضارف ظلت فى حالة طواريء متواصلة حكومة وشعبا لأجل ايواءهم ولكن فى حقيقة الامر ان اعداد النازحين تفوق امكانيات الجانب الرسمى وما زالت المبادرات الشعبية متواصلة لأجل المزيد من تقديم الخدمات ، كما ان غياب المنظمات اثر بصورة واضحة خاصة فى امر النازحين مؤخرا رغم اجتماع والى ولاية القضارف المكلف اللواء ركن معاش محمد أحمد حسن وتوجيهه الصارم و المباشر للمنظمات بضرورة التدخلات العاجلة فى امر النازحين ، ولكن يظل الهلال الاحمر فى المشهد بتقديمه بعض الخدمات فى وقت تناى فيه منظمات اخريات عن المشهد ، والناظر لحركة النزوح الواسعة يلعن بالفطرة الحرب ومن قادها ، فاوضاع النازحين الطالبين للأمان بولاية القضارف فى تزايد مستمر مع غياب المنظمات والحكومة الاتحادية فإلى متى يستمر الواقع الماساوى المخزى… بالمقابل تبارت عدد من القرى فى إكرام النازحين بصورة انسانية مشرفة تؤكد مقولة (كل اجزائه لنا وطن) خاصة قرى ام شجرة والرواشدة بجانب عدد من احياء القضارف .
* إحصائيات:
كشفت إحصائيات رسمية من حكومة القضارف عن اعداد النازحين الفارين من سنار وسنجة والتى قدرت بنحو ١٢٠ الف بينهم ٩٠ الف تم حصرهم عبر التدخل السريع عبر وزارة الصحة بالولاية ، الا ان الواقع يكذب أرقام الحكومة حيث يتجاوز اعداد النازحين المئاتى الف فيما يتواصل طوفان النزوح باستمرار.

 


* تدخلات:
ظلت ولاية القضارف حكومة وشعبا فى حالة حراك متواصل بتقديم الخدمات للنازحين الا ان الامر يزداد تعقيدا مما يتطلب التدخل العاجل خاصة رجال المال والاعمال الذين لم يبخل بعضهم بمد يد العون فى صورة تؤكد أصالة ومعدن الشعب السودانى ، كما ان ديوان الزكاة لم يبخل بما هو متاح ابتداء من موجات نازحى ولايتى الخرطوم والجزيرة ، بجانب وزارة المالية والاقتصاد التى تعمل جاهدة بتوفير ما هو ممكن رغم شح الموارد مقارنة بالمنصرفات والاعباء المهولة فى تقديم الخدمات وصرف الرواتب وغيرها .
* شكرًا وجدي ميرغنى:
راى احد مواطنى القضارف معلقا على تدخل رجل المال والاعمال وجدى ميرغنى انقله كما هو كنموذج يحتذى فى تدخلات رجال المال والاعمال بولاية الخير والنماء ولاية القضارف وجاء فيها :
هكذا يكون الفعل الايجابي في زمن المسغبة ، التقدير للصديق رجل الأعمال وجدي ميرغني محجوب، رئيس مجموعة شركات ومؤسسات محجوب أولاد، الذي خصص مزرعة في مساحة 80 فدانًا بمنطقة ود الحوري مجهزة بمصادر المياه والكهرباء لتكون مقرًا لاستضافة النازحين وأسرهم، بالتنسيق مع الجهات ذات الصلة بالولاية. مع تخصيص مكاتب الشركة بالمنطقة لتكون مقرًا إداريًا لمتابعة يوميات النزوح وتقديم خدمات غذائية عاجلة للنازحين.
وأنواع هذه الرعاية هي المرجوة من الرأسمالية الوطنية في زمن الحرب والنزوح والمسغبة وغياب الأمن وانهيار الدولة في كافة مؤسساتها الخدمية والأمنية والعدلية والتعليمية والاجتماعية والإنسانية والصحية….. نتمنى أن تتكامل جهود المنظمات مع مبادرة وجدى ميرغنى حتى تكتمل الصورة بإنشاء خيم بمواصفات عالية خاصة وان خريف هذا العام يبشر بمعدلات امطار عالية .
* التدخلات الصحية:
ظلت وزارة الصحة بالتنسيق مع وزارة المالية والاقتصاد بولاية القضارف فى حالة حراك متواصل فى الشأن الصحى للنازحين بتوفير الأدوية والمعينات وكافة التدخلات الصحية اللازمة فى ظل الترددات العالية التى تشهدها المؤسسات الصحية منذ أحداث ولاية الخرطوم مرورا باحداث ولاية الجزيرة بجانب الأحداث التى شهدتها ولاية سنار مؤخرا .
* التأمين الصحي بالقضارف على الخط:
طبقا للموقع الاعلامى على موقع التواصل الاجتماعى ( القضارف نيوز) قال مدير فرع الصندوق القومي للتأمين الصحي بولاية القضارف الدكتور محمد صلاح الدين إن الصندوق يقدم جميع الأدوية الخاصة بالسكري والضغط والأمراض المزمنة بالمجان عبر عيادات خاصة للنازحين ، وأوضح خلال تدشين فرع الصندوق لعيادات الوافدين من الولايات المتأثرة بالحرب بالسوق الشعبي القضارف ” الذي يعتبر المحطة الأخيرة لرحلة الوافدين الطويلة” وبتقاطع شارع الحوري اليوم (الخميس)، أوضح أن الخطوة تتم إنفاذا” لموجهات رئاسة الصندوق القاضية بتحقيق العدالة الاجتماعية في الخدمات الطبية وأضاف أن الظرف الراهن بالبلاد زادت من أدوار التأمين الصحي في محور الحماية الاجتماعية، وقال د. صلاح الدين إن الخدمات التي يقدمها التأمين الصحي لضيوف الولاية تشمل مقابلة الطبيب، المعمل، الصيدلية، خدمات التمريض إضافة لوجود إسعاف للحالات الطارئة وأضاف أن العيادات تقدم خدماتها للوافدين طيلة ساعات اليوم الاربعة وعشرين للتقليل من حجم المخاطر الصحية.
وأفاد متلقي الخدمه من العيادة أنهم وجدوا العلاج مجاني.
و دعا الوافدين الذين يحتاجون للخدمات التوجه للموقع بالسوق الشعبي.
العم محي الدين البدوي من ولاية الجزيرة
عبر عن إمتنانه للخدمات التي قدمها له التأمين الصحي بالقضارف.
كما شكر التوم شرف الدين وافد من ولاية سنار مدينه سنجه كل أهل القضارف للوقوف مع محنتهم و أكد تلقي الخدمات مجانا”.
* المشوار طويل:
رغم ما قدم من خدمات للنازحين الا ان التحدى ما زال ماثلا والمركبات على مدار الساعة تحمل ارتالا من النازحين القادمين الى ولاية القضارف ، ويشهد السوق الشعبى بمدينة القضارف تكدس المئات الذين ينتظرون العون والسند فى محنتهم التى ستبقى نقطة سوداء فى تاريخ الحروب العبثية التى وجهتها مليشيات الدعم السريع ضد المواطن فى صورة لم تحترم قوانين الحروب ولا آدمية الانسان ، وعلمت مصادرنا ان هناك مبادرة كبرى ستعلن عنها الغرفة التجارية بولاية القضارف يوم غد السبت والتى سيكون لها مردود ايجابى كبير فى تقديم الخدمات للنازحين مع ضرورة التحرك العاجل للحكومة الاتحادية والمنظمات والمزيد من رجال المال والاعمال …

Exit mobile version