الأخطاء الطبية.. تكاليف معنوية ونفسية.. يدفع فاتورتها المواطن..!

*المجلس الطبي يكشف عن تلقيه 98 شكوى طبية خلال العام الماضي
* أطباء: الجامعات الطبية تفتقر الى المعدات والأدوات الحديثة
*اختصاصيون: كفاءة الطبيب يكتسبها من الجامعة، ومرهونة على فترة الأمتياز والتدريب

في ظل تفشي العديد من الأوبئة والنقص الحاد في العقاقير الطبية يشتكي العديد من المرضى من تمدد وتراكم الأخطاء الطبية بالمستشفيات الخاصة والحكومية، حيث تباينت الأخطاء الطبية بين خطأ مميت وفادح أثناء اجراء العمليات ومنها ماهو متعلق بالوصفات الطبية العلاجية الروشتة التي يكتبها الطبيب (روشتة)، ووفقا لإفادات دكتورة حباب خالد الأمين العام للمجلس الطبي أن الأخطاء الطبية بلغت خلال العام المنصرم ما يزيد 79 شكوى دفع بها المتضررون الى المجلس الطبي وهي قيد النظر.
موت جنين
المواطنة مريم عبد العزيزحكت مأساتها مع الأخطاء الطبية قائلة، كنت في حالة ولادة، عندما أحسست بألم الولادة ذهبت لأحدى المستشفيات الحكومية، قابلني أحد الأطباء العاملين بالمستشفى، كان بمعية مجموعة من طلاب الأمتياز، تركني الطبيب معهم لمتابعة حالتي، في كل مرة يقولون لي أن وضع الجنين مستقر وأن موعد الولادة لم يحن بعد، تركوني حتى لحظات المخاض، كانوا يخططون بأن تكون الولادة طبيعية، تركوني أتوجع، إتضح لاحقا أن وضع الجنين غير طبيعي وان السائل الامنيوني تناقصت نسبته، تغير لونه للأصفر، فقدت طفلي بينما عناية الله وحدها لطفت بي.
تسمم في الدم
المواطنة ريان محمد هي الأخرى سردت لـ(الجريدة) أن والدها بعد تفاقم حالته الصحية ذهبنا به الى إحدى المستوصفات، حيث أوصى الأطباء بإجراء عملية منظار وكان دكتورالأشعة يعاني من مرض جلدي ولم يجرِ عمليات تعقيم للمنظار مما تسبب بإصابة والدي بتسمم في الدم الأمر الذي استدعى إدخاله للعناية المكثفة لفترة شهر كامل كلفتنا فاتورة باهظة وتلكفة نفسية بالغة.
إنعدام الخبرة
الدكتوره شيماء حمدي أوضحت في حديثها لـ(الجريدة) قائلة أن الأخطاء الطبية تحدث نتيجة لغياب الخبرة والكفاءة من الطبيب الممارس لمهنة الطب أو الممرض (السستر) أو الفئات المساعدة عموما، كما يمكن أن يحدث الخطأ الطبي في الدول المتقدمة وذلك يكون نتيجة لتجريب خطط علاجية حديثة وجديدة، وأردفت، يمكن ان يحدث الخطأ الطبي دون عمد (سهوا) دون قصد من قبل أعضاء الفريق الطبي قد يحدث نتيجة توتر أو خوف أو عدم دراية بالإجراءات اللازم اتباعها، منوهة الى أن هنالك فرق بين الخطأ الطبي نتيجة الأهمال الذي يكون نتيجة للتهاون بحالة المريض، أو أصابته أو نتيجة لعدم إمتلاك الخبرة الكافية، ومضت بالطبع أي طبيب مسؤول عن الخطأ الذي يقع فيه، والمسؤولية والعقاب على حسب نوع الخطأ ودرجته وقالت أن تصنيف الخطأ الطبي يكون عن طريق تقديم طلب للنيابة العامة ومع الأوراق الطبية المتوفرة حيث تقدم الاوراق ومعرض الشكوى للمجلس الطبي الذي بدوره يحيل كل القضايا الى النيابة العامة .
طالبة الطب
وفي السياق تحدثت مروه ميرغني الطالبة في كلية الطب جامعة الخرطوم قائلة أن سبب حدوث الخطأ الطبي غالبا يكون نتيجة لخروج الطبيب أو مساعديه عن الأصول العلمية الثابتة أثناء أداء عمله سواء كان جراحيا او غيره وعدم إتباعه للتحوطات اللازمة دون الرجوع للوائح والضوابط الاكلينيكيه وقالت يصنف الخطأ بخطأ طبي بأخذ ملف المريض المتعلق بحالته الصحية وإحضار نموذج عن حالة المريض الصحية قبل وبعد العملية، ولا يحاسب الطبيب إلا أذا كان الخطأ مقصوداً، ونوهت أن المسؤولية، نوعين، مسؤولية فردية، ومسؤولية مدنية فالخطأ الناتج دون قصد، لا يحاسب عليه الطبيب أما الناتج من الإهمال نتيجة تهاون الطبيب بحالة المريض أو بإصابته يحاسب عليه المريض وفقا للقوانين في مثل هكذا قضايا .
فترة الجامعة
الدكتورة سماح الحاج اختصاصية طب الأطفال أوضحت أن الأخطاء الطبية تحدث نتيجه لعدة أسباب، منها مستوى وكفاءة الطبيب بجانب الجامعة التي تخرج فيها، وأشارت الطبيب عند تخرجه من الجامعة يتحتم عليه أن يقضي فترة الإمتياز، وهذه الفترة لها دور فبعض الطلاب يدرسون سنة كاملة والبعض يدرس أكثر من سنة، هذه الفترة بالطبع لها تأثير كبير على الطبيب، فترة الامتياز تعتمد على المستشفيات من حيث الإمكانيات والمرضى فيها ونوعية المعامل الموجودة والطوارئ ونوابها الاخصائيين، والنواب ذات أهمية كبيرة بالنسبة للأشخاص الدارسين إمتياز لأن لهم دورا كبيرا في تعليمهم وهم في ذات المجال متدربون تحت أخصائيين، ومضت قائلة فترة الإمتياز فترة جيدة للتعليم اذا كانت المستشفيات مهيأة او متكاملة من حيث الامكانيات، بذلك يقل الخطأ الطبي نوعا ما، وتابعت بعد فترة الامتياز يخضع الطبيب لإمتحان حتى يتأهل الى نائب ويظل متدرب تحت مراقبة ومتابعة طبيب أخصائي هو المسؤول عنه طيلة الفترة التدريبية في المستشفيات التعليمية سواء كانت في الخرطوم أو خارجها، حتى يتأهل الطبيب المتدرب لأخصائي يحتاج الى فترة ما بين (4 ـ 6 ) سنوات، خلال هذه السنوات يدفع الطبيب مبلغ سنويا لوزارة الصحة، ونوهت الى أن طلاب الإمتياز ظهرت بينهم مفهوم (البنقلة) وهي تعني أن يدفع الطلاب مبالغ مالية لي أي شخص يسد مكانك، وهذه الظاهرة كانت منتشرة عند النواب فقط، ولكن للاسف هذه الظاهر (للقروش) وليس للعلم وليس لفائدة المهنة، وقطعت دكتورة سماح أن معظم المستشفيات غير مؤهلة من حيث المعدات والأجهزة الطبية الكافية والمتطورة لإستقبال المرضى وهذا له دور كبير أيضا في الأخطاء الطبية.
المجلس الطبي
في سبيل الوصل الى الحقائق كاملة جلست الجريدة الى الدكتورة حباب خالد الأمين العام للمجلس الطبي التي كشفت في حديثها لـ(الجريدة) عن أن نسبة الشكاوى الطبية التي دفع بها المتضررون الى المجلس الطبي تزيد عن 89 شكوى، خلال العام الماضي.
وفيما يتعلق بالأخطاء الطبية قالت الأمين العام للمجلس الطبي حباب خالد في حديثها لـ(الجريدة) أن عدد إحصائية الشكاوي الطبية للعام 2022 بلغت 79 شكوى وأن العقوبات التي تفرض على الطبيب في حالة حدوث خطأ طبي يكون على حسب نوع الخطأ و تأثيره ثم تتم بعد ذلك المحاسبة والعقاب، وأردفت بداية يتم إنذار الطبيب ويلزمه المجلس بكتابة تعهد شريطة أن لا يتكرر مستقبلا وفي حال تكرار الخطأ من نفس الطبيب يتم إيقاف الطبيب لمدة لا تقل عن ستة أشهر وذلك حسب نوع الخطأ الذي إرتكبه الطبيب بعد أيضآ يتم إيقاف الطبيب بعد إنذاره نهائيا من العمل.

 

الخرطوم ـ نهى بابا
صحيفة الجريدة 

Exit mobile version