في ذكرى رحيله.. محمد وردي من ربوع السودان إلى فنان أفريقيا الأول

الخرطوم – رندة بخاري
تلاوة السيرة الذاتية للفنان محمد وردي تتجدد في زكري رحيله السنوية فوردي حاضر فينا لا يغيب ابدا ودونكم اغنياته التي لازالت تتسيد سوح الغناء كيف لا وتلك الاغنيات هي التي شكلت وجداننا وعبرت عما يعتمل في قلوبنا فكل اغنية من اغنياته هي حاله عايشنها فكان من الطبيعي ان تلتصق بأسماعنا ولا تغادرها ابدا

اغاني نوبية

تقول السيرة الذاتية ان عثمان وردي ينتمي الى قرية «صواردة» في النوبة بشمال السودان، وجاء الى الخرطوم عام 1956 بعد اعوام من عمله بالتدريس، واستقر في العاصمة ليمارس هوايته في الغناء، وبدأ بترديد أغاني المطرب السوداني الكبير الراحل ابراهيم عوض في الحفلات الى جانب اغاني نوبية كتبها ولحنها بنفسه
يا سلام منك .
والتحق بالإذاعة السودانية عام 1957 وبدأ يلفت انتباه المستمعين والنقاد والشعراء في الخرطوم، وسجل اغنية (يا سلام منك) التي تعتبر من اشهر أغنياته، بعدها ذاع صيته وتوالت أعماله التي وصلت إلى اكثر من 250 اغنية، كتبها شعراء كبار منهم اسماعيل حسن الذي شكل معه ثنائية استمرت لأكثر من 20 عاما ومحجوب شريف وعمر الطيب الدوش وآخرون، وقد قام بتلحين اغلب اغانيه، خاصة بعد ان درس الموسيقى في كلية الدراما والموسيقى بالسودان في الستينات من القرن الماضي

ربوع السودان

الاستاذ معتصم فضل المدير السابق للهيئة القومية للأذعة والتلفزيون ظلت شهادته في الفنان محمد وردي بمثابة مرجعية تاريخية اذ قال وردي يعتبر رمز من رموزا هذه البلاد ومحمد وردى منذ بواكير صباه هو ابن الاذاعة التي رعته في شبابه ووقفت الى جواره وهو الذى جاءنا من اجل ان يسجل اغنيات لبرنامج ربوع السودان فاصبح فنان كل السودان ومضى فضل بالقول :وردى غنى للوطن وللحب والجمال ولم يكن فنان لشخص بعينه او حزب بعينه كان وسيزال فنان كل السودانيين بجميع انتمائتهم ووردي له رصيده الفني الموجود في مكتبه الاذاعة القومية هو الباقي لجمهوره بعد رحيله

شن بتقولوا

التقى الفنان محمد وردى في مسيرته الفنية التي بدأت في العام 1957 بشعراء كثر ابرزهم وهو الشاعر محمد على ابو قطاطي الذي كان ما بينه وردي عشرة عمر بدأت منذ ان حط برحاله في الخرطوم وكان ساعة اذن طالبا في المعهد العالي للموسيقى والمسرح و سبق وان زاره في بداياته في مقر عمله في الهيئة القومية للمياه فكان لقاء استثنائي رفدا عبرها الساحة بمجموعة من الاغنيات منها الناس القيافة ..المرسال ..شن بتقولوا وغيرها من الاغنيات اول اغنية تغني بها وردي وردى اول مرة بأغنية باسم كاسر النمور وهى من الاغنيات الحماسية

بمثابة السلام الجمهوري
لعب الملحن خليل احمد والاستاذ علي شمو دور في لقاء محمد وردي بالشاعر اسماعيل حسن وطلبوا منه ان يقدم له بعض الاغنيات ومن ثم توالت الاعمال بينهم حتي صارت ثنائية ما بينهم يضرب بها الامثال في الوسط الفني وله اكثر من 250 اغنية مسجلة في الاذاعة وهذا ما حصرته اسرته الي الان التقيا الشاعر اسماعيل حسن بوردي عن طريق الصدفة وانتشرت اغنياتهم جميع انحاء السودان ومازال صداها يتردد الى يوم الناس هذا ونذ كر منها خاف من الله والمستحيل ولو بهمسة والاغاني الخفيفة صدفة غلطة حنية )هي التي تحرك الاجيال الحديثة اما نور العين لدي البعض بمثابة السلام الجمهوري

الدموع دايما حبايب
وشاءت الاقدار ان تمر سحابة صيف بين الشاعر اسماعيل حسن و وردى وربما هذا هو الذي جعل ان يكون هناك تعاون فنى بين الشاعر اسحاق الحلنقي الذي ربطته علاقة قوية مع محمد ودري الذي قال العلاقة بيني و الفنان الراحل محمد وردي في الستينات حيث سمع محمد وردى بان هناك شاعر من ابناء الشرق وطلب ان يلتقى به وبالفعل ذهب اليه مساء في نادى الفنانين وكان يحمل معه اغنية اسمها الدموع دائما حبايب فقراءها الحلنقي لوردي وكان يجلس بالقرب منهما الشاعر الراحل عبدالرحمن الريح الذي طلب من اسحاق ان يكتب في الفرح ويترك عنه الدموع فكانت اغنية اعز الناس ثم توالت الاعمال بينهما

متمسك برايه ومبادئه
اغنية حدق العيون ليك يا وطن هي اول عمل يجمع العملاق محمد وردى في العام 1986 م بالشاعر محمد عبدالقادر ابو شورة الذي قال ان مسيرة وردي حافلة بالبذل والعطاء وظل يحارب الاغنيات الهابطة ويدعو الى فن محترم وكان صريحا في هذا الموضوع للدرجة التي جعلت كثيرين يغضبون منه ولكنه ظل على الدوام متسمكا برايه ومبادئه التي لم يحدث ان حاد عنها واستطرد قائلا :كان من المفترض ان يتعنى لي بأعمال اخرى ولكن تدهور صحته حال دون ان تخرج هذه الاعمال الى الناس

عبقرية الغناء

لعبقرية من عبقريات الفن السوداني الفنان محمد وردي هكذا يري الاعلامي عمر الجزلى الذي ربطته علاقة صداقة معه وزاره عندما كان في امريكا وكان من المفروض وقتها ان يجري معه مقابلة فانا اول مرة احاوره فيها كانت في العام 1971 م بعد المحاولة الانقلابية لهاشم العطا فبعد ان قضى عام في السجن طلب ان اجرى معه حوار فانا دخلت الاذاعة بعده وكنا كثيرا ما نتقابل فذهبنا اليه ذات يوم انا والراحل ذو النون بشرى في زيارة واتفقنا على ان نقوم بتسجيل ثلاثين حلقة لبرنامج اسماء في حياتنا ولكن اراد الله ان لا ينزل هذا الاتفاق الى ارض الواقع فانا سافرت وجئت وهو ايضا سافر ثم جاء للسودان واتذكر انه اقترح على ان نسجل الحلقات في حديقة منزله ولكن شاءت الاقدار ان لا ينذل الاتفاق الى ارض الواقع ا وذاد الجزلى الفقد لا يوجد من يعوضه حسين ..ابراهيم عوض ..زيدان

تيتم الغناء

يعتز كثير الملحن احمد المك بعلاقة الصداقة التي ربطته مع محمد وردى وقال المك في زكري رحيله بدأت اولا بالأعجاب بفنه وكنت كثيرا ما اذهب اليه في مكتبه وعندما اصبحت ملحن اصبحت اطلعه على اعمالي ليدلي لي برايه فيها لأنه كان فنان شامل يختار اغنياته وتيتم الفن بعد رحيله فهو علامة فارغة في تاريخ الاغنية السودانية

Exit mobile version