الأخبار الرئيسيةتقارير

موجة الإضرابات… هل تصيب الدولة بشلل!؟

 

الخرطوم – نبيل صالح

على نحو مفاجئ أعلنت وزارة التربية والتعليم ولاية الخرطوم عن تعديل تقويم العام الدراسي ، وقالت  الوزارة  في بيان مساء اليوم أنه تم تعديل التقويم المدرسي للعام 2022_2023م بموجب قرار اداري رقم (12) لسنة 2023م استناداً على أحكام المادة 14 /6/أ من قانون تنظيم التعليم العام بولاية الخرطوم لسنة 2009م .

وقال مصدر بوزارة التربية والتعليم ولاية الخرطوم طلب حجب أسمه أن قرار تغيير تقويم العام الدراسي يأتي على خلفية  الإضراب الذي أعلنته لجنة المعلمين ووجدت صداً دوليا ومحلياً ، وأمس الأول كشف الناطق الرسمي باسم لجنة المعلمين السودانيين، سامي الباقر، عن نجاح وصفه بالتاريخي لإضراب المعلمين، مشيراً إلى تنفيذه بـ (16) ألف مدرسة من جملة (20) ألف، وطالب الباقر في مؤتمر صحفي ، بطيبة برس، الحكومة بضرورة تحمل مسؤولياتها لمعالجة الواقع المزرى للتعليم وضرورة إغلاق المدارس الخاصة أسوة بالحكومية التي طالها الإضراب، وقال إن فتح المدارس الخاصة يعد ظلماً لطلاب الحكومي ومن باب أولى غلق مدارسها. ورفضت اللجنة ما سمته بسياسات التهريب والتخويف والمضي في الإضراب، وهددت بتسيير المواكب أو الاعتصام داخل وزارة المالية الاتحادية حال تلكؤ الدولة عن تنفيذ مطالب المعلمين الـ(8)، وفي موازاة ذلك طالب ممثل الولايات باللجنة محمد حامد وزير المالية جبريل إبراهيم بالاعتذار لشريحة المعلمين، قائلاً خلال مداخلته في المؤتمر الصحفي أن وزير المالية بهت المعلمين.

وطبقاً لبيان وزارة التربية ولاية الخرطوم  تبدأ عطلة الفترة الأولى اعتباراً من يوم غد الأربعاء الموافق 11- يناير 2023م وحتى الخميس الموافق 26- يناير 2023م  م ـ على ان تباشر جميع المدارس نشاطها التعليمي اعتبارا من يوم الأحد الموافق 29- يناير 2023م .  وأشار البيان أن  هذا القرار يشمل جميع مراحل التعليم بالولاية ويتضمن المدارس الحكومية والخاصة وعلى الإدارات التعليمية المختصة على مستوى رئاسة الوزارة والمحليات تنفيذ هذا القرار .

وضربت موجة من  الإضرابات  عدد من المؤسسات والقطاعات الحكومية في السودان ، احتجاجا على ضعف  الرواتب وتفاقم الأوضاع الاقتصادية فيما تشهد الأسواق تزايدا مضطردا في أسعار السلع الأساسية ، وأضطر العاملون لخيار  الإضراب للحصول على مطالبهم  مع استمرار الغياب الحكومي عن تلبيتها ومعالجة الأوضاع المتفاقمة في عديد من مؤسسات الدولة التي أصيبت بالشلل شبه التام.

وفي الأسبوع الماضي دخل العاملون في وزارة الصناعة وديوان الضرائب وعدة بنوك منها الادخار والنيل ، في إضراب مفتوح عن العمل  بسبب تدني الأجور وتدهور بيئة العمل ، فيما شهد العام 2022، موجة من الإضرابات نفذ عمال السكة حديد في عطبرة إضراباً مفتوحاً للمطالبة بتعديل الأجور وصرف علاوة مستحقة.

 

وأغلق محتجون نوفمبر الماضي ميناء بشائر للمطالبة بالتعويض عن الأراضي والتوظيف والتنمية والخدمات بالمنطقة مما أجبر العاملين في الدخول في إضراب قسري عن العمل ، فيما فتح بنك فيصل الإسلامي باب الاستقالات الطوعية للعاملين، بعد قرار لمجلس الإدارة بإغلاق بعض مكاتب الصرف ونوافذ الخدمة ومقترحات دمج وتقليص بعض الأقسام ، وفي يناير 2022 دخل الموظفون ببنك الخرطوم في إضراب عن العمل، احتجاجًا على فصل 210 موظف تعسفياً ومنح 547 آخرين إنذارا، بعد المطالبة بتحسين الأجور .

 

سلسلة الإضرابات

وتنقلت سلسلة الإضرابات من العاملين بهيئة مياه الخرطوم، خلال نوفمبر الماضي إلى العاملين ببنك السودان المركزي الذين نفذوا في الشهر نفسه وقفة احتجاجية رفضا للتنقلات التعسفية ، وخلال سبتمبر الماضي نفذ العاملون بالكهرباء إحدى أكبر الإضرابات في البلاد احتجاجا على تدني الأجور وعدم تنفيذ وزارة المالية لتعهدات بمعالجة الهيكل الراتبي، وتزامنت تلك الإضرابات مع إضراب واسع للأطباء ، كما اضرب العاملين في وزارة الزراعة والغابات وأستاذة جامعة الخرطوم بسبب تخفيض رواتبهم في الشهر ذاته، وشملت موجة الإضرابات التي تنتشر بالبلاد الأسواق كأول حادثة إضراب التجاري بالبلاد بإغلاق عدة أسواق الفترة الماضية في الخرطوم والقضارف وتمبول والأبيض والدمازين وغيرها احتجاجا على الضرائب الباهظة.

 

شلل الدولة

وحذر المراقبون من استمرار موجة الإضرابات لجهة تأثيرها المباشر في دوران عجلة الحياة في المؤسسات المدنية ، وقال المحلل الاقتصادي وليد عبد الرحيم لـ “النورس نيوز” أن اعلان هذا الكم من الاحتجاجات والتهديد بالإضرابات يعني أنه ليس هناك رضا وظيفي لضعف رواتب العاملين في هذه المؤسسات التي من بينها مؤسسات ايرادية ترفد خزينة الدولة بمليارات الجنيهات ، مقابل أن يقبض بضعة آلاف في نهاية الشهر لا يغني ولا يسمن من جوع ، ونبه وليد لضرورة النظر لهذه الظاهرة خصوصاً في المؤسسات ذات الطابع الايرادي والمالي بعين الاعتبار لجهة تأثر الدولة  بتوقف أعضائه الحيوية مثل المصارف والضرائب والمؤسسات الأخرى وتابع ” وهذا ما يؤدي الى تدهور الدولة وأصابتها بشلل تام” .

الهروب

وانتقد الخبير التربوي حسن محمد حسين قرار وزارة التربية والتعليم بتعديل التقويم الدراسي ، لجهة آثاره السلبية على التقويم نفسه والتحصيل الأكاديمي ، ووصف حسين خطوة الوزارة بالهروب من مواجهة موجة إضراب المعلمين وفشل وزير التربية والتعليم من حل مشكلتهم ، وأعرب حسين عن حزنه من أوضاع المعلمين الذين من المفترض ان يتقاضوا أعلى الرواتب في الدولة حسب قوله ، وقال ” انا حزين على أوضاع المعلمين وما يعانونه بسبب ضعف رواتبهم رغم أنهم من يجتهدون في بناء الموارد البشرية ” ودعا حسين وزارة التربية والتعليم والدولة في اعلى مستوياتها الاهتمام بالمعلم والتعليم لأهميتهما في تطور الأمم والدول ، وتابع ” كيف لدولة مثل السودان نالت استقلالها منذ أكثر من 60 عاماً أن تخصص ميزانية للصرف الحكومي أكثر من التعليم بنسب تكاد تكون أكثر من 200 %”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *