حوارات

الحلو :نحن مع الثُّوار في خندق واحد من أجل التغيير الجذري وبناء السُّودان الجديد

الخرطوم : النورس نيوز

القائد/ عبد العزيز آدم الحلو في حوار
نحن مع الثُّوار في خندق واحد من أجل التغيير الجذري وبناء السُّودان الجديد
طالب عبد العزيز آدم الحلو، رئيس الحركة الشعبية – شمال، الثوار في كافة المدن السُّودانية بمواصلة النضال من أجل التغيير الجذري والقضاء على السُّودان القديم بعلله الكثيرة المُتمثِّلة في القوانين الدِّينية، والأحادية الثقافية والدِّكتاتورية والتَّدهور الإقتصادي، مؤكِّدا وقوف الحركة الشعبية مع لجان المُقاومة في خندق واحد من أجل تحقيق تلك الأهداف.
وأضاف الحلو في حوار أجرته معه صحيفة () إن التَّصعيد الثوري يجب أن يقود إلى تسليم السُلطة للمدنيين عبر الوسائل التي تجعل فاتورة بقاء العسكر في السُلطة أعلى من فاتورة التحوُّل الديمقراطي، مُبيِّناً بأن الإنقلابيين يبحثون عن مُبرِّر للإستمرار في السُلطة – ولذلك يُفضِّلون الحرب على السلام وعليه لا أمل في التوصُّل لسلام حقيقي في ظل الإنقلاب.
وأكَّد رئيس الحركة الشعبية – شمال تمسُّكهم بمشروع السُّودان الجديد بإعتباره المشروع الوحيد الذي يستطيع توحيد السُّودانيين في (وطن يسع الجميع)، مُشيراً إلى واقعية الحركة في طرحها لمشروعها وأهدافها، وإن تحقيق السُّودان الجديد لا يمكن أن يحقِّقه حزب واحد، أو حركة واحدة، وإنما يحتاج لإجماع كافة الأطراف والقوَى السِّياسية على توفير شروط السلام الدائم والوحدة العادلة. فإلى مضابط الحوار:
حاوره : أتيم سايمون
تصوير: ديبور اواك
إلتقيتُم خلال هذا الشهر بالآلية الثلاثية (اليونيتامس / الإتحاد الأفريقي / الإيقاد) ماذا دار في هذا اللقاء وما هي أهم النتائج ؟.
إلتقينا الآلية الثلاثية بتاريخ: 1 ديسمبر 2022 وقاموا بتنويرنا بجهودهم بشأن التسوية بين القوى السياسية وحكومة الإنقلاب. وأوضحنا لهم بأننا على إستعداد لإستئناف التفاوض إذا أسفرت التسوية عن إنهاء الإنقلاب وتشكيل حكومة مدنية بهدف الوصول إلى إتفاق سلام شامل وعادل.
تدعو الحركة الشعبية لتحرير السُّودان – شمال إلى قيام سودان جديد ووطن يسع الجميع ولكن في الآونة الأخيرة إنحصر خطابكم بالتركيز على إقليم جبال النوبة والفونج – هل تخلّيتُم عن طرحكم لمشروع الوحدة؟.
نحن في الحركة الشعبية لم ولن نتخلَّى عن مشروع السُّودان الجديد لأنه الوحيد الذي يستطيع توحيد الشعوب السُّودانية في وطن يسع الجميع. ولكن نحن واقعيون كما أن هنالك تعقيدات وأن تركيبة المُجتمع السُّوداني مشوَّهة، قائمة في جذرها على إنقسام الوجدان الوطني والضمير السِّياسي. نحن نعرف أن السودان الجديد لا يمكن أن يحقِّقه حزب واحد أو حركة واحدة وإنما يحتاج لإجماع كل القوى السياسية على توفير شروط السلام الدائم والوحدة العادلة وذلك يتمثَّل في دستور يفصل الدِّين وكل الهويات العرقية والثقافية والجهوية عن الدولة، لكن التجربة العملية أثبتت أن القوى السياسية والإجتماعية الشمالية مُتمسِّكة بثوابت السُّودان القديم والدلائل على ذلك كثيرة. أولاً: إنهم وبالإجماع السكوتي دفعوا الجنوب للإستقلال في 2011 مقابل الإحتفاظ بالشريعة الإسلامية والهوية العربية للدولة. وثانياً: بعد سقوط البشير أمَّنت الوثيقة الدستورية على قوانين الترابي الدينية مع الإعتراف بالدَّعم السَّريع كجيش وطني موازي للجيش السُّوداني في سابقة غير معهودة في تاريخ الشعوب على مستوى العالم. وثالثاً: أنه بعد إنقلاب 25 أكتوبر جاء الدستور الإنتقالي لـ(تسييرية نقابة المُحامين) مؤمِّناً على القوانين ذات الصبغة الدينية. وقد تبدَّى لنا عملياً أن النُخب المُهيمنة بالمركز غير جادة فيما يتعلَّق بمسألة الوحدة والسلام، ومهمومة بالإحتفاظ بالسلطة حتى ولو كانت على أشلاء المواطنين. وإلَّا فإننا نطالبهم إقناعنا بكيفية تحقيق تحوُّل ديمقراطي في ظل دولة دينية عرقية وتحت قوانين الشريعة الإسلامية؟. الدولة الدينية تفرٌق بين المواطنين على أساس المعتقد حتى ولو كانوا يشاركونها نفس العقيدة ولكن يتبعون لمذاهب أو طرق مختلفة.
وبما أن النُخب المركزية غير مُستعِدَّة لدفع إستحقاقات الوحدة فإن الراحل د/ جون قرنق قد سبق وقال: (إذا إستحال تحرير السُّودان بالجملة، سنعمل على تحريره بالقطاعي) ويجب الإقرار بأن هناك فرق بين مواطني الأقاليم التي عانت من التهميش المركَّب ( إقتصادي، إجتماعي، سياسي، عرقي، وديني وغيره) ومواطني الأقاليم التي عانت من التَّهميش التنموي فقط. فأقاليم جبال النوبة، الفونج ودارفور واجهت التَّهميش المُركَّب بالإضافة إلى حروب الإبادة المُستمرة حتى يومنا هذا. أن حق تقرير المصير هو حق إنساني وقانوني نصت عليه المعاهدات الدولية وكذلك تم إقراره في وثائق الحركة الشعبية لتحرير السُودان – شمال في المؤتمر العام الإستثنائي في عام 2017. لذلك طرحه وفدنا التفاوضي كشرط من شروط الوحدة الطوعية. ونحن نرَى أنه من حق الشعوب السُّودانية تقرير مصيرها ومُستقبلها السياسي والإداري.

ألا ترون إن طرحكم لحق تقرير المصير يُفقِّدكم تأييد الشعب السُّوداني وخاصة قوَى المُقاومة التي تقف مع أطروحاتكم ومواقفكم منذ إندلاع ثورة ديسمبر 2018 ؟.
لسنا في حاجة إلى شعبية قائمة على خداع الجماهير وشعارات غير قابلة للتطبيق وإنما نسعَى لبناء كتلة تاريخية مُرتكزة على برنامج عملي يُحقِّق التَّغيير الجذري. وإذا تعزَّر ذلك فإننا سنواصل في تنفيذ برنامجنا. لاحظنا أن المواثيق التي أصدرتها جميع القوى السياسية تفادت مُخاطبة جذور الأزمة وتسير على ذات نهج فترات الإنتقال السابقة وأساليبها في ترحيل مهام الإنتقال للحكومات المُنتخبة في تجاهل مُتعمَّد لوظيفة فترات الإنتقال و تهرُّباُ من مُجابهة الآسئلة المصيرية.

لماذا تربطون السلام بقضية (العلمانية) الأمر الذي عقَّد عملية التفاوض حسب رأي الحكومة ؟ والبعض يصف موقفكم هذا بـ(التعنُت).
هذا الربط ناتج من تجلِّيات إستخدام الدِّين في السياسة والفتاوي التي حوَّلت الدين إلى طرف في الصراع السياسي في السُّودان. حيث تم إستخدام الدين كأداة للتكفير والتجييش وإعلان الجهاد والتطهير العرقي والإبادة الجماعية في مناطق الهامش وقتل ما يزيد عن إثنين مليون (2,000,000) سوداني بإسم الدين حتى إنفصل جنوب السودان وظهر الجنوب الجديد ليموت فيه أكثر من مليون بجبال النوبة والفونج ودارفور. لذلك نرَى ضرورة الإقرار بفصل الدِّين عن الدَّولة صراحة في الدستور الدائم. لأن ( العلمانية – فصل الدِّين عن الدولة) تُمثِّل شرط أساس ورئيس من شروط الوحدة الطوعية وضروري لإبعاد الدين عن الدولة – لأن الدولة للجميع والتدين شأن خاص بالجماعات والأفراد.

بعض مُعارضيكم يرون إن الشعوب في مناطق سيطرتكم لا علاقة لها بما تطرحونه وإن قضاياهم تتمثَّل فقط في غياب التنمية والخدمات – كيف تردون على ذلك ؟.
لا نلوم اُؤلئك المُعارضين لآنهم ضحايا لآليات التغييب التي تُمارسها السلطة وأجهزتها الأمنية والإعلامية بإخفاء حقيقة القهر وأساليب التطهير العرقي والإبادة الواقعة على شعوب الهامش وخاصة بالمناطق المُحرَّرة. وأن الحركة الشعبية لا تفعل أكثر من التعبير عن أراء مواطني المناطق المُحرَّرة التي تصلها عبر المؤسَّسات الديمقراطية التي أنشأتها. وأن شعوب الهامش إكتشفت أن القضية أكبر من غياب التنمية والخدمات. شعوب الهامش في حوجة لحق الحياة أولاً ، ثم العدالة والمساواة والحرية وبعدها تأتي التنمية والخدمات.
وصار معلوماً لدى شعوب الهامش أن غياب التنمية والخدمات في أقاليمها سببها الأساس هو التفرقة على أساس الدين وأن الفتاوي الدينية التي صدرت كفرَّت كل سكان الهامش وضربتهم بالطائرات والقنابل. فكيف لمن يرسل لك الأنتينوف لقتلك يقوم بتقديم التنمية والخدمات لك. وسبق أن قال البشير:(النوبة ديل ماعندنا ليهم غير الطلقة والهواء الماشي ده). وحلَّلت تلك الفتاوي دمائهم وأموالهم ونسائهم. ولا تنسى أن مواطني المناطق المُحرَّرة إختاروا البقاء فيها لمدة (38) عاماً ومنذ الحرب الأولى وقرَّروا خوض كفاح طويل الأمد حتى يتحقَّق السُّودان الجديد القائم على العدالة والحرية والمُساواة، (بالجُملة – أو القطَّاعي).
أنتم قبلتم بوساطة جنوب السُّودان في تفاوضكم مع حكومة الخرطوم – هل أنتم راضون عن أداء الوساطة ودورها؟.

نحن قبلنا وساطة جنوب السودان بكامل وعينا وبإختيارنا وراضون عن أداء الوساطة، والفشل ليس بسبب الوساطة وإنما يعود لفقدان الإرادة لدى الخرطوم للتوصُّل لحل سلمي.
هل لديكم أي تواصل مع القوى السِّياسية الفاعلة في السُّودان؟ وما هو موقفكم من التسوية الجارية الآن في السُّودان؟.
تواصلنا مع الكثير من القوى السياسية ومنظمات المجتمع المدني الاُخرى ووقعنا مع بعضهم إعلانات سياسية حدَّها الأدنى كان فصل الدِّين عن الدولة، وعندما حاولنا أن نذهب معهم لخطوة أبعد بتشكيل مظلة أو كُتلة تُمكِّننا من الضغط سوياً على السُّلطة لتحقيق التحوُّل الديمقراطي، تنصَّلت تلك القوى ولم تذهب معنا شبراً واحداً للأمام. أما بالنسبة للتسوية الجارية الآن في الخرطوم فهي فرصة لإنهاء الإنقلاب وإعادة العسكر للثكنات وفتح الطريق لبناء سودان جديد. ونأمل أن تتجاوز تلك القوى السياسية خلافاتها وتصل للتوافق المطلوب الذي يعيد العسكر للثكنات.
هنالك شبه هُدنة بينكم مع الحكومة السُّودانية منذ سقوط نظام البشير حيث لم تشهد أي عمليات كبيرة خلال السنوات الأخيرة ما عدا بعض الخروقات – هل تعتقدون إن هذا مؤشِّر لرغبة الحكومة في إحلال السلام ؟.
الهُدنة بدأت في عهد البشير في 2016 بوقف عدائيات آحادي يُمدِّده كل طرف من وقت لآخر، ولكن إنقلاب 25 اُكتوبر 2021 وإعلان حالة الطوارئ وضع حداً لتلك الهُدنة الرسمية، أما من الناحية العملية فإن الوحدات العسكرية وأجهزة الإستخبارات وقوات الدَّعم السريع بالإقليمين إستغلَّت تلك الهدنة لتصعيد العدوان على مواطني المناطق المُحرَّرة عبر دعم وكلآئها في الدفاع الشعبي والمُجاهدين للإغارة والنهب والقتل المُستمر بهدف إستنزاف وإضعاف الحركة الشعبية والجيش الشعبي،إلا إن الجيش الشعبي إلتزم بمبدأ الدفاع فقط، عليه لا يُمكن الحديث عن رغبة للحكومة في إحلال السَّلام.
هل تجدون التأييد والدَّعم الإقليمي والدُّولي لقضيتكم ومواقفكم التفاوضية ؟.
نحن في الحركة الشعبية والجيش الشعبي نعتمد على أنفسنا فقط. ومواقفنا التفاوضية والقضايا التي نطرحها معلومة للجميع.
في ظل التطورُّات الجارية الآن في الساحة السِّياسية، هل ترون أي بصيص أمل في التوصُّل لسلام حقيقي في ظل سيطرة العسكر على كامل المشهد في الخرطوم؟.
إن الإنقلابيين يبحثون عن مُبرِّر للإستمرار في السُلطة – ولذلك يُفضِّلون الحرب على السلام وعليه لا أمل في التوصُّل لسلام حقيقي في ظل الإنقلاب.
مع تزايُد سوء حالة الإنسان في السُّودان والتشرزُم وتباعُد المواقف بين القوى السِّياسية، هل لا زلتم تحتفظون بتحالفاتكم القديمة مع جماعات الحرية والتَّغيير والتنظيمات المدنية الأخرى التي وقعتُم معها على مواثيق عمل مُشترك في جوبا ؟.
نحن لازلنا مُتمسِّكين بتلك التحالفات، ولكن تلك القوى هي التي إبتعدت عنا. وذهبت في إتجاهات بعيدة عمَّا تم الإتفاق عليه. وليس لدينا سلطة عليهم لإجبارهم على الوقوف مع ما لا يؤمنون به.
يبدو حاليا إن الشارع في السُّودان يقود ثورته لوحده بعد أن فقد الثقة في الكثير من التنظيمات والتكتُلات التي شاركت في الحكومة من خلال تقاسُم السُلطة مع العسكر، ما هي رسالة الحركة الشعبية للثُّوار في كافة مدن السُّودان وأين هي الحركة من حراك الداخل المُتصاعِد والرافض للتَّسوية ؟.
على الثوار مواصلة النضال من أجل التغيير الجذري ونعني بذلك القضاء على السُّودان القديم وعلله الكثيرة مثل القوانين الدينية، الآحادية الثقافية، الديكتاتورية، التَّدهور الإقتصادي ،الحروب الأهلية وإنتشار السلاح. ونحن في الحركة الشعبية معكم في خندق واحد من أجل تحقيق تلك الأهداف عبر وسائلنا التي تجعل تكلفة فاتورة بقاء العسكر في السلطة أعلى من فاتورة التحوُّل الدِّيمقراطي بتسليمهم السلطة للمدنيين.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *