تقارير

الصحة الاتحادية : حمى الضنك تجتاح ولايات السودان

مدير الوبائيات بالبحر الأحمر: ظهور الوباء في هذا التوقيت مؤشر خطير
شمال دارفور.. ارتفاع مخيف للإصابة بحمى الضنك والملاريا والتهاب الكبد الفيروسي
كسلا تتخوف من معسكرات اللاجئين والصحة تؤكد استقرار الأوضاع
(164) حالة تراكمية بشمال كردفان ومواطنون يلجأون للعلاج البلدي
مدير الصحة بغرب دارفور: (8) حالات إصابة بالضنك واثنتان بجدري القرود

لم تكد الولايات تخرج من واحدة من أزماتها المتجذرة حتى تدخل في أزمة أخرى تلقي بظلالها على المشهد وتزيد معاناة مواطنيها، فما بين الكوارث الطبيعية التي تمثلت في السيول والأمطار التي ضربت عدداً من الولايات وأحدثت بها خسائر في الأرواح والممتلكات ومازالت آثارها باقية، وأحداث العنف والاقتتال القبلي بين مكونات هنا وهناك وما نتج عنها ايضاً من ازهاق للارواح وموجات نزوح وغيرها من الآثار الناجمة عن ذلك.. بين هذي وتلك تطل كارثة صحية عبر موجة من الحميات، حيث أعلنت وزارة الصحة الاتحادية عن تأثر ثماني ولايات بحمى الضنك وظهور 387 حالة اشتباه بجدري القرود وزيادة الإصابة بفيروس كورونا في الخرطوم والجزيرة.

مثلث الرعب
وقالت الإدارة العامة للطوارئ الصحية ومكافحة الأوبئة بوزارة الصحة إن ثماني ولايات تأثرت بحمى الضنك وهي (شمال كردفان، غرب كرفان، شمال دارفور، جنوب دارفور، غرب دارفور، البحر الأحمر، النيل الأبيض وكسلا).
وأشار التقرير الذي تم استعراضه في الاجتماع الدوري برئاسة الوزير المكلف د. هيثم محمد إبراهيم إلى زيادة فى حالات الإصابة بالكورونا فى ولايتي الخرطوم والجزيرة، حيث بلغت حالات الاشتباه خلال الأربع وعشرين ساعة السابقة 42 حالة و6 حالات مؤكدة فى ولايات السودان المختلفة.
شمال كردفان.. تضارب الأرقام
تصدرت ولاية شمال كردفان خلال الأيام الماضية قائمة الولايات الأكثر إصابةً بحمى الضنك. وكشفت وزارة الصحة والتنمية الاجتماعية بشمال كردفان عن (164) حالة تراكمية لحمى الضنك تم رصدها خلال الفترة من 22 أكتوبر وحتى الآن.
وأوضحت الوزارة في تعميم صحفي أن موجة الحميات التي ظهرت في الولاية خلال الأيام الماضية جعلت الوزارة تتدخل لعمل التحوطات اللازمة بأخذ (19) عينة من المرضى بمحليات شيكان، بارا وغرب بارا وإرسالها للفحص عبر المعمل القومي (إستاك).
وأظهرت نتيجة فحص المعمل القومي (18) إصابة بحمى الضنك، وأكدت أنه في نفس تم إعلان حالة الطوارئ من قبل حكومة الولاية، واتخاذ عدد من الإجراءات الوقائية والاحترازية لمكافحة المرض وحماية المواطنين.

وفي ذات الوقت اعتبر مصدر إعلامي لـ (الانتباهة) فضل حجب اسمه، أن إحصائية الوزارة غير دقيقة وأن عدد الإصابات يفوق عشرات المرات ما تمت الإشارة إليه، وكشف المصدر عن عدد من الوفيات أغفلها تقرير الوزارة، مبيناً أن مستشفيات حاضرة الولاية الأبيض تشهد تكدساً كبيراً للمواطنين بحثاً عن العلاج، وهناك أسر قد لا تجد من بينها من لم يصب بالحمى، وأضاف انه لا يوجد حتى الآن تشخيص واضح للمرض، بالرغم من أن وزارة الصحة أكدت على أنه حمى الضنك. وكشف المصدر عن حالة نزف تصاحب عدداً من المرضى، وأشار إلى أن كثيرين لجأوا للعلاج البلدي خاصةً مشروبات التبلدي والعرديب والحلبة.
وفي ذات السياق حاولت الصحيفة التواصل مع مدير عام وزارة الصحة د. الأنصاري، إلا أنه من الواضح تهرب من ذلك.
ولاية كسلا.. مخاوف من معسكرات اللاجئين
وفي عام 2018م اجتاحت حمى الشيكونغونيا أو ما عرفت به محلياً بـ (الكنكشة) ولاية كسلا، ولا يكاد بيت حينها يخلو من هذا الداء، إذ كانت الحصيلة من المصابين قد تجاوزت الآلاف بينما فقدت أرواح نتيجة لهذا المرض، وخلال الأعوام التي أعقبت تلك الموجة حمل مؤشر الوزارة عن إصابات لكنها لم تكن بذات العدد في ذلك الوقت، لجهة أن المرض صار من الأمراض المستوطنة واعتاد الناس عليها عقب كل موسم خريف، وهذا ما أشار إليه مدير عام الصحة والتنمية الاجتماعية بولاية كسلا علي آدم في حديثه لـ (الانتباهة)، لكنه أشار إلى أن حكومة الولاية أبدت اهتماماً واضحاً بمجابهة المرض مع تدخلات من وزارة الصحة الاتحادية، مؤكداً أن الوضع تحت السيطرة، غير أنه أبدى تخوفه من ظهور حالات لمرض جدري القرود نتيجة لوجود معسكرات اللاجئين بالشجراب، إضافةً إلى حدود الولاية مع دول الجوار. وكشف وزير الصحة عن حالتي اشتباه إحداهما بالشجراب والأخرى بود الحليو, وأن الولاية تعاني من معسكرات اللاجئين، وأضاف أن وزارته تقوم بالتنسيق مع الجهات المختلفة في حملات إصحاح البيئة والتأكد من سلامة مياه الشرب، إضافةً إلى حملات التوعية بريفي كسلا لمجابهة أية وبائيات محتملة. لكنه عاد وأكد أن الولاية خالية من أية وبائيات.
البحر الأحمر.. مؤشرات خطيرة
ومن ضمن الولايات التي أشار إليها تقرير وزارة الصحة الاتحادية ولاية البحر الأحمر بظهور حالات حمى الضنك خلال الأيام الماضية فيها، وهذا ما أكده كذلك د. هشام عثمان مدير الإدارة العامة للطوارئ بالولاية في تصريح لـ (الانتباهة)، مشيراً إلى أن الوباء من الأمراض المستوطنة بالولاية، وأن الحالات بدأت تظهر مع بداية العام قبل أن تنحسر بسرعة لكنها عادت مرةً أخرى مع بداية شهر أكتوبر الماضي، وأشار إلى ظهور نتائج إيجابية لحالات حمى الضنك والشيكنغونيا في محليات سنكات وجبيت قبل أن تتمدد الحالات لتصل إلى بورتسودان. وأعتبر د. هشام ظهور حالات المرض في هذا التوقيت مؤشراً خطيراً، مبيناً أن الخريف في بدايته هناك، مناشداً الحكومة المركزية والولائية التدخل العاجل حتى لا تتكرر تجربة عام 2019م. وأضاف د. هشام أن وزارة الصحة بدأت في إرسال فرق إلى المناطق المتأثرة والوقوف على الوضع الصحي، كاشفاً عن نفوق أعداد من الإبل في محلية هيا، غير أنه أكد أن نتائج الفحص المعملي أكدت خلوها من الوبائيات.
نفوق أعداد من الإبل
ومن ناحيته أكد ناظر عموم قبائل القرهباب وعمدة محلية هيا الأمين محمود في تصريح لـ (الانتباهة) أن المحلية شهدت انتشار الوباء قبل أكثر من شهر في المناطق الواقعة في أروقة خور عرب غرب محلية هيا وكذلك في منطقة جبل أوكر شمال هيا، بالإضافة إلى تسجيل إصابات بالحميات وسط المواطنين داخل مستشفى هيا، وذلك بسبب أكل لحوم الإبل المصابة وشرب ألبانها، مشيراً إلى أنهم كقيادات أهلية أبلغوا جهات الاختصاص للقيام بدورها، مثمناً الجهود التي قامت بها عدد من الجهات لتلافي الخطر، وأنهم ظلوا يناشدون المواطنين الامتناع عن أكل لحوم الإبل وشرب ألبانها إلى حين انجلاء الموقف، وأضاف أن هناك معلومات وصلته من عدد من المناطق المتأثرة تشير إلى نفوق أكثر من مائة رأس من الإبل وتحديداً صغارها التي قال إنها لا تقوى على مقاومة المرض، وأشار الناظر إلى أن الأوضاع بدأت في التحسن عما كانت عليه.
غرب دارفور.. ثماني حالات إصابة
أول حالة للإصابة بمرض جدري القرود تم الإعلان عنها من ولاية غرب دارفور، وكشفت وزارة الصحة بولاية غرب دارفور عن ارتفاع حالات الإصابة بجدري القرود إلى حالتين وسط مخاوف من المواطنين من ارتفاع النسبة.
وقال مدير عام وزارة الصحة بولاية غرب دارفور د. عثمان علي إن حالات الإصابة بجدري القرود ارتفعت إلى حالتين بعد أن جاءت حالة اشتباه لأحد أشقاء المصاب الأول بالإيجابية. وحول ما تردد عن انتشار لمرض حمى الضنك أكد د. عثمان في تصريح لـ (الانتباهة) أن الولاية سجلت ثماني حالات إصابة مؤكدة بحمى الضنك جميعها بمدينة الجنينة، إضافةً إلى حالة إصابة واحدة بمرض الشيكونغونيا، مبيناً أن الملاريا تشكل نسبةً عاليةً من الإصابة في أوساط المواطنين.
شمال دارفور.. ارتفاع مخيف
كشف د. محمد إدريس آدم دليل المدير العام لوزارة الصحة بشمال دارفور في تصريحات صحفية، عن زيادة كبيرة في حالات الإصابة بالملاريا بلغت في جملتها أكثر من تسعة آلاف حالة، فيما بلغت الإصابة بحمى الضنك (570) حالة، مشيراً إلى الارتفاع في حالات الإصابة بالتهاب الكبد الفيروسي ((B.
وأطلع والي الولاية الجنرال نمر محمد عبد الرحمن ــ بحسب مراسل الصحيفة صديق تبن لدى لقائه بمدير عام وزارة الصحة الدكتور محمد إدريس آدم دليل ــ اطلع على مجمل الأوضاع الصحية بالولاية خاصةً في ما يتصل بزيادة حالات الإصابة بحمى الضنك والملاريا والتهاب الكبد الفيروسي، واستمع الوالي خلال الاجتماع  إلى مجمل التحديات والمشكلات التي تواجه القطاع الصحي والعمل في المؤسسات الصحية بالولاية، وأكد الوالي حرصه على تذليل كافة الصعاب حتى يضطلع القطاع الصحي بدوره كاملاً. وناشد إدريس الحكومة في المركز والمنظمات والهيئات الدولية وكافة الجهات التدخل العاجل للحد من انتشار المرض، كما دعا المواطنين إلى أخذ الحيطة والحذر وتغطية الأواني وكلورة المياه لتجنب انتشار الحميات المرتبطة بفصل خريف هذا العام.
وفي ذات الأثناء وصل الى محلية مليط بولاية شمال دارفور فريق طبي متخصص برفقة عدد من أعضاء اللجنة الفنية الولائية لإجراء التقصي المرضي حول الوبائيات والحميات النزفية التي انتشرت في بعض محليات الولاية، والوقوف على الأوضاع الصحية بصورة كلية بمحلية مليط، وتقديم الدعم الفني للكوادر الطبية في المحلية.
وأكد المدير الطبي لمستشفى مليط مهند أحمد جمعة في تصريح لـ (الانتباهة) ظهور حالات حميات نزفية وارتفاع في الإصابة بالملاريا في مليط، وقال إن الفريق الطبي سيقوم بأخذ العينات وإرسالها لمعمل (استاك) لمعرفة هذه الحميات، مشيراً إلى وفرة في أدوية الملاريا بمستشفى مليط.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *