الأخبار الرئيسيةتقارير

إجراءات 25 أكتوبر… مرور عام هل من جديد؟

الخرطوم – نبيل صالح

في صبيحة الخامس والعشرين من أكتوبر العام 2021م استيقظ الشعب السوداني على مارشات عسكرية ، ايذاناً ببدء مرحلة جديدة من رحلة البؤس السياسي ، وأعلنت القيادة الانقلابية عن إيداع كل المدنيين في الحكومة الانتقالية في المعتقلات وتجميد الوثيقة الانتقالية  زاعمة بأن خطوتها تأتي لوضع الحصان أمام العربة بعد أن تأزم الوضع السياسي وكاد يصل حد انفجار حسب زعمهم، الحاصلين من الساسة والمراقبين تنبأوا عقب بيان البرهان قائد الانقلاب بليل طويل مظلم سيعيشه السودانيون والعودة الى مربع عدم الاستقرار السياسي الذي صاحب البلاد 30 عاماً جراء انقلاب الاسلاميين وقد كان.

 

تعقيد المشهد السياسي

ويعتقد المراقبون أن الاجراءات الموصوفة بالانقلابية  عقًدت المشهد السياسي الداخلي بشكل أكثر حدة من ذي  قبل ، ولم يخب توقعاتهم ، وفي ظل وجود قادة الاحزاب التي قادت الثورة السودانية مع القوى المدنية الأخرى في زنازين النظام الانقلابي حسب قولهم ، والرفض الواسع للاجراءات من الشارع السوداني  إضطر العسكر للانتقال افتراضاً الى الخطة “ج” عندما فشل في الاحتفاظ بالسلطة الكاملة، وأعلن إعادة تعيين حمدوك رئيساً للوزراء،ولكن لم يتوقع العسكر التغيرات السياسية في الواقع السياسي في العالم وفي السودان على وجه الخصوص ، حيث شجع تنازل المكون العسكري الشارع السوداني على رفض الصفقة، وطالب الجيش بتقديم المزيد من التنازلات، ومنها إطلاق سراح جميع المعتقلين السياسيين، ومحاكمة ضباط الجيش المتورطين في قتل  المتظاهراً خلال أعمال العصيان التي استمرت شهراً، وإقامة حكومة ذات قيادة مدنية وجيش يقتصر دوره على أعمال وزارة الدفاع، ويرى البعض  أن الجيش كان يعزز سلطته للإبقاء على الوضع الراهن من خلال الوكالة عن طريق دفع القيادة المدنية التي تتمتع بالمصداقية إلى هامش المشهد السياسي.

بداية شائهة

ويعتقد د.نصر الدين عثمان المحلل السياسي  أن الحكومة الانتقالية التي تمخضت عن الوثيقة الدستورية كانت أشبه بتسوية سياسية بين القيادة العسكرية والمدنية مدفوعة بأهداف متباينة بالنسبة لكليهما، بينما  القوات المسلحة كان دافعه الرئيسي هو وقف الخسارة المفاجئة للسلطة، ثم تصدر التنافس السياسي المشهد باعتقال الجيش لرئيس الوزراء السابق، عبدالله حمدوك، وأعضاء آخرين في حكومته، في 25 أكتوبر 2021م،  وقال نصر الدين لـ “النورس نيوز” أن  ورود تقارير عن محاولة انقلاب فاشلة دبرها  مجموعة من المتعاطفين مع الإسلاميين، بعضهم ضباط حاليون وسابقون في الجيش السوداني، وبرر الجيش الإجراءات التي اتخذها في 25 أكتوبر الماضي بأنها جاءت لإعادة المرحلة الانتقالية إلى مسارها ولتعزيز الاستقرار السياسي، ولكن توقيتها  أثار الشكوك، حيث جاءت في وقت كان من المقرر أن يسلم فيه الجيش قيادة مجلس السيادة إلى المدنيين

 

عودة النعرات العنصرية

 

ويمضي نصر الدين بقوله ” أدى عدم الاستقرار  السياسي  الى عودة النعرة القبلية ، والأحداث العنيفة في بعض المناطق الواقعة على أطراف السودان إلى تفاقم عدم الاستقرار السياسي في البلاد، فمنذ سبتمبر 2021، اندلعت التظاهرات في شرق السودان رفض مكونات قبلية مؤثرة  على اتفاق السلام الذي تم توقيعه في أكتوبر 2020 بين الحكومة الانتقالية والجماعات المتمردة في المنطقة، وكان للاحتجاجات تداعيات اقتصادية حيث عطّل المتظاهرون تدفق حركة التجارة والبضائع من ميناء بورتسودان والعاصمة الخرطوم. ولقد ترددت أصداء الأحداث التي شهدتها أطراف البلاد وانعكست على مناطق أخرى.

 

تفاقم الاوضاع

وفي المقابل يرى البعض ان  أن اندلاع العنف القبلي  والمخاوف من انتقال العنف إلى مناطق أخرى في البلاد قد أدى إلى تصعيد التوترات السياسية، ففي نوفمبر 2021، أدت الاشتباكات بين الرعاة والمزارعين في منطقة جبل مون بولاية غرب دارفور إلى مقتل 50 شخصاً، كما شهدت مناطق طويلة ودار السلام وسورتوني وكبكابية بشمال دارفور اشتباكات مماثلة ، وانتقلت هذه الصراعات جراء عدم الاستقرار السياسي الى مناطق لم تكن بها اقتتالات قبلية من قبل حيث شهد اقليم النيل الازرق أبشع جرائم الاحتكاكات القبلية وراح ضحيتها المئات ونزح الآلآف من منازلهم

وأدى تفاقم الأزمة السياسية لمشكلة اقتصادية ومعيشية عويصة  على الرغم من بوادر الانتعاش والاستقرار التي ظهرت في أعقاب الإطاحة بالبشير في عام 2019، فإن عدم الاستقرار السياسي الذي طال أمده أعاق الانتعاش الاقتصادي، وهو ما قد يؤدي بدوره إلى زيادة عدم الاستقرار السياسي، حيث إن الظروف الاقتصادية المتدهورة هي التي أشعلت الاحتجاجات التي أدت إلى الإطاحة بالبشير في عام 2019م .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *