الأمة القومي في مصر .. هندسة التحالفات السياسية

الخرطوم- صلاح مختار

لوقت قريب لم تنشط القاهرة فى مساعٍ لحل الأزمة السياسية في السودان بعد اجراءات الـ(25) من اكتوبر التي أعلنها الفريق أول عبد الفتاح البرهان ، بل كانت بعيدة عن المسرح الداخلي ربما لوجود لاعبين من دول الاتحاد الأوروبي وأميركا والسعودية والإمارات، رغم ذلك كانت تستشعر المخاطر التي تنجم من تدهور الاوضاع الداخلية في السودان باعتبار امنها القومي الذي يمتد الى جنوب السودان, وهو ما عبر عنه الرئيس المصري السيسي, ولذلك تحركت بقوة دفع ذاتية ومختلفة, وحركت الساكن من القوى السياسية السودانية التي ركنت في زاوية تراقب الوضع الداخلي.

 

دوافع ذاتية

ربما الشعور بالخطر كانت واحدة من دوافع الحكومة المصرية ان تحرك الاتحاديين للعلاقة الخاصة بمصر , وتدفع بهم الى الداخل للعب دور في تهدئة الأوضاع السياسية والعمل على جمع أكبر كتلة سياسية وهو ما كانت في مبادرة الميرغني. ويرى مراقبون بان مبادرة الميرغني بما فيها من معطيات وايجابيات, إذا حدث انسحب حزب الأمة القومي المنتمي الى اللجنة المركزية لقوى الحرية والتغيير وتحالف مع مبادرة الطيب الجد فإن الكتلة السياسية ستتحول ستكون الأكبر, وربما ذلك سر الدعوة التي تلقاها قيادة الحزب لزيارة مصر وهي هندسة التحالفات السياسية السودانية.

 

رؤية القاهرة

ولعل أهمية ودور حزب الأمة القومي في الساحة السياسية كان وراء دعوة رسمية لبحث التعاون المشترك. وضم الوفد لاعبين أساسيين في الحزب وهم رئيس الحزب المُكلف فضل الله برمة ناصر ونائبيه مريم الصادق المهدي وصديق إسماعيل وأمينه العام الواثق البرير ورئيس مكتبه السياسي محمد المهدي، إضافة إلى أمين عام هيئة شؤون الأنصار عبد المحمود أبو. ولكن إن كان وراء الدعوة المخابرات المصرية كما يدعي الكاتب الصحفي اسحق احمد فضل الله في عموده الراتب ويقول ان وفد حزب الامة يذهب الي مصر ليسمع ما تريده القاهرة, ويلتقي الوفد بمن يمسك بملف السودان بالمخابرات المصرية. ويرى ان حزب الامة هنالك يفهم الرسالة الأمريكية التي تحملها مصر لأحزاب السودان والتي هي ملف السودان ينقل أمريكيا من الامارات الى مصر.

 

هندسة الملعب

الناظر الى تشكيل وفد حزب الامة يرى فيها كل التيارات المختلفة داخل الحزب فإذا كان فضل برمة ناصر رئيس الحزب محسوب لتيار التسوية فان الجانب الآخر فيه مريم الصادق والواثق البرير الى جانب الفريق صديق اسماعيل, تشكيلة الوفد ينم على وجود دعوة للاتفاق الداخلي بين تيارات الحزب ومحاولة إلزامهم بالتوافق وعدم الخروج عن ما يتم التوافق عليه بالقاهرة , ثم المساعدة في عملية التسوية السياسية التي تجري الآن وكيفية التاثير وهندسة الملعب السياسي الداخلي. وكشف القيادي بحزب المؤتمر الشعبي عبد العال مكين ان حزب الامة القومي لديه مع حزب المؤتمر الشعبي والاتحادي الاصل وأنصار السنة رؤية لدعم التوافق الوطني ويروا ان مسالة تفهم من المكون المدني ورأى بعد مشروع دستور نقابة المحاميين افرز واقع جديد باعتباره المخرج الامن للبلد غير انه قال لـ(النورس نيوز) ان دعوة المصريين لحزب الامة لاحساسه بانه خارج الآلية الثلاثية او الرباعية وبالتالي يريدون موطي قدم واختيارهم لحزب الامة لانه قائد الركب في الساحة وله دور في التسوية رغم انما يحدث ليس بتسوية وانما جزء من مراحل اولية ولن تتم التسوية بين يوم وليلة.

 

قراءة أولية

واعتبر مكين ان زيارة وفد الامة القومي الى مصر واحدة من محاولات سابقة لان المصريين كانت لهم جولة لوفد من المخابرات زار الخرطوم لتحسس مواقف القوى السياسية السودانية وقراءته للمستقبل وهل يقبل السودان بإجراء انتخابات رئاسية مستعجلة. بجانب ذلك تلمس مواقف القوى السودانية وطرحها حتى لا تتاثر مصر لان لديها ما يشغلها من سد النهضة وتجارة الحدود مع السودان والتعليم وغيرها من المصالح . وقال المصريين لديهم شعور بامكانية ان يلعب حزب الامة دور في قيادة المشهد السياسي المقبل , رغم ان قناعتهم بوجود تباينات داخل الحزب يمكن ان تعصف بالمشهد.

 

امر طبيعي

ولكن هنالك من يرى الزيارة أمر طبيعي كما قالت القيادية عبله كرار التي اعتبرت الزيارة أمر طبيعي, وقالت ان حزب الأمة من الأحزاب العريقة التي عاصرت على المنعرجات السياسة , وبالتالي شي طبيعي بان تربطه علاقة بمصر, ورات ان مصر والسودان يربطهم مصير مشترك,  ولكن للأسف الشديد طوال الفترة السابقة لم تكن العلاقة السياسية بين البلدين طبيعية بحيث تقوم على مبدأ التكافل بين الطرفين, ودائما تنظر مصر للسودان بعين المصالح وليس المصالح المتبادلة, وقالت لـ(النورس نيوز ) إن عدم الاستقرار في السودان يرمي بظلال سالبة على مصر لذلك فان الاستقرار لا يمكن ان يتم الا بالاستقرار المدني واستئناف الحكم الديمقراطي ومن مصالحها ان ينتج الطرفان عبر المصلحة السياسية.

 

مواقف الحزب

الا ان القيادي بحزب الامة عروة الصادق دافع عن موقف الحزب من الزيارة, وقال ان الزيارة لحضور اجتماعات دعت لها الادارة المصرية في الربع الأول من العام الحالي, علي ان تكون في اغسطس المنصرم وتم الاعتذار عنها من جانب الحزب نسبه لظروف الكوارث الأزمات التي يمر بها السودان, علي ان تكون الزيارة في اكتوبر الجاري, وقال الإدارة المصرية حينما دعت الي الزيارة لم يكن هنالك أي اتجاه نحو الحوار بين السودانيين ناهيك عن الحديث عن تسوية, واعتذر الحزب لانشغاله الشديد بحراك الداخلي, وعندما توالت الأزمات, قرر وقتها ان تكون الزيارة في أكتوبر تتزامن مع أجواء الحديث عن التسوية ولا نخفي على شخص رغبة مصر ايجاد قدم في كل شي يخص الشأن السوداني, ولا نخفي على أحد مواقف الحزب الداعم للتواصل الشعبين المصري والسوداني مع الحرص التام علي استقلالية القرار الوطني, وان تكون العلاقة بين البلدين قائمة على المصلحة المشتركة, ولكن هنالك من يحاول التشويش على حراك حزب الامة ان يقيده ويقتصر عمله على الأزمة والحوار السياسي, وقال فلولا تحرك الحزب وقيادته في عواصم الدولة لما تم توقيع نداء السودان ولما التقى قادة العمل السياسي السوداني بالحركات المسلحة وراى ان حزب الامة يتحرك من واجب مسؤولياته التاريخية اليوم نحو مصر وغدا نحو إثيوبيا وبعدها نحو تشاد وجنوب السودان وغيرها ومن دول الجوار لأننا قد نكون معارضين اليوم ولكننا حكام الغد ونريد لسوداننا ان تبنى علاقاته على المصالح واحترام التبادل .

Exit mobile version