بخاري بشير يكتب: سودانير إلى أين؟!

جاء في الأخبار ان شركة سودانير ــ أو الناقل الوطني ــ تستأنف رحلاتها الى السعودية، وكانت قبل ذلك تعمل في وجهة القاهرة، بالاضافة للطيران الداخلي.. ويقول الخبر: وقعت إدارة شركة الخطوط الجوية السودانية، أمس على الاتفاق النهائي مع وكالة الجسر الجوي السعودية، تمهيداً لاستئناف رحلاتها للسعودية بعد غياب إجباري، واعتبرت الاتفاق (اختراقاً حقيقيّاً) لحل أزمة الناقل الوطني.
طبعا أزمة الناقل الوطني التي أشار اليها الخبر هي مديونياتها الكبيرة للسعودية، وكانت الادارة الحالية التي ورثت هذه الديون سعت لجدولتها مع الجانب السعودي، لكنها لم توفق في ذلك.
الغريب ان الخبر المشار اليه تمت نسبته الى (مصادر)، ولا ادري لماذا اضعاف مثل هذا الخبر الايجابي بنسبته للمصادر، ومعلوم في العرف الاعلامي اذا نُسب الخبر لمسؤول محدد يكتسب قوة ومصداقية اكبر من الأخبار (اللقيطة) عديمة الأم والأب.. بالرغم من ان الخبر لمصلحة الشركة، وكاضعف الايمان ان تتبناه ادارة العلاقات العامة التي اعتبرها ديوانية ومكتبية وذات علاقة ضعيفة بوسائل الاعلام، هذا اذا لم ينسب الخبر مباشرة للمدير العام، او ان يرتب له لقاء اعلامي يطرح من خلاله الاتفاقية ومكاسبها بالنسبة للشركة.. لكن اعتقد ان عقلية العلاقات العامة والاعلام (الديوانية) هي التي جعلت الخبر (يطلع) بهذه الطريقة (العاجزة).
ربما كانت طريقة المدير العام الكابتن ابراهيم ابو سن انه يلزم الصمت، او ربما لم يكن ميالاً للحديث والتصريح حيال أنشطة الشركة، فأين مستشاريته ومكتبه الاعلامي؟
ويضيف الخبر: (المصادر قالت إن التوقيع مع وكالة الجسر الجوي فتح الباب أمام (سودانير) للتخلص من المديونيات خلال الـ (20) عاماً الماضية). وأضافت المصادر: (ان استئناف الرحلات إلى السعودية ومن ثم الخليج صار مسألة وقت، بعد اختيار مدير محطة جدة الذي سيتم الإعلان عن اسمه في الأيام القادمة). واختتم الخبر بتوقعات المصادر بأن تشهد الفترة المقبلة تطوراً كبيراً في الشركة.
واضح ان الكابتن ابراهيم ابو سن لا يضع بالاً لأهمية الاعلام، وربما كان اهتمامه بعمليات التشغيل أو الادارة الداخلية أكبر، حتى انه لم يستطع ان يخلع زي الكابتنية، فهو مدير عام للشركة قام بقيادة الايرباص الى القاهرة في اول رحلة، وكان ممكناً ان يقوم بالرحلة أي كابتن آخر، ليتفرغ السيد المدير لأهداف الشركة الكبيرة وانفتاحها وبداية انطلاقها لوجهات أكبر، خاصة انها الشركة التي مازالت تحمل اسم السودان وتمثل رمزيته في عالم الطيران.
عانت الشركة كثيراً في السنوات الأخيرة من عمر نظام البشير، وتعرضت لمواجهات وحرب وضرب تحت الحزام من أصحاب شركات الطيران الخاصة الذين وجدوا السند والعون من نافذين في نظام البشير، وورثت (سودانير) ديوناً وفشلاً متراكماً، وكان حرياً بادارتها الجديدة ان تحمل كل هذه المعاني والرؤى وهي تفترع للشركة طريقاً في فضاء الطيران ليس غريباً عليها.. فقد أسست الشركة تأريخياً في عام ١٩٤٦م، وسيرت اولى رحلاتها في عام ١٩٤٧م.. فهي تمتلك تأريخاً حافلاً سبقت به كل شركات الطيران في القارة الإفريقية جنوب الصحراء.. وآن الأوان لتعود (سودانير) سيرتها الأولى.
عقلية الادارة الحالية لـ (سودانير) اعتقد انها دون الطموح، ولن تلبي احتياجات الشركة، ولن تصمد في وجه الصراع الذي يحيكه الطيران الخاص، لتسقط (سودانير) في جب النسيان من جديد.. نريد ادارة ذات عقلية مختلفة، مصادمة، وقادرة على طرح الحلول وتجاوز الأزمات، يعينها طاقم يعرف كيف يستخدم الادوات والمعينات، ولن تكون الشركة قوية وهي تنظر بضعف الى الاعلام الذي يعتبر أقوى الأسلحة في عالم اليوم.
كانت الشركة في عهد مديرها السابق ياسر تيمو اقدر وانجح في ادارة ملفها الاعلامي، ويبدو ان ذلك يرجع لعقلية تيمو الانفتاحية نحو الآخرين، بعكس شخصية الكابتن ابو سن الانغلاقية على الذات، ويبدو أن أبو سن لا يستطيع النظر أبعد من كابينة قيادة طائرة يمكن ان يقودها أصغر طيار.

Exit mobile version