العدل والمساواة… الهروب من مسؤولية فشل الاتفاق

الخرطوم – نبيل صالح

ارتفعت الأصوات بإلغاء اتفاق جوبا الذي يعده الغالبية بأنه أحد اكبر التحديات التي تعرقل الانتقال الديمقراطي واستمرار الانقلاب ، فيما ظهرت مؤخراً تجاذبات جديدة كانت متوارية خلف كواليس التفاوض فجرتها المطالبات بمراجعة “اتفاق جوبا” لسلام السودان، وفي المقابل رفض قادة الحركات المساس بالاتفاق بل هددوا بالعودة الى الحرب حال أي محاولة لإلغائه او مراجعته ، قبل ان تعترف حركة العدل والمساواة على لسان نائب أمينها الاعلامي بفشل الاتفاق لجهة ما تم تنفيذه قدر يسير ،وأرجعت الحركة ذلك الى محاولة بعض القوى الاستئثار بالسلطة ، والى الأصوات المعادية للسلام من دُعاة الحرب التي سخرت آلتها الإعلامية لتضليل الشارع والمناداة بإلغاءه حسب قوله .
وقال نائب أمين إعلام الحركة حسن إبراهيم فضل، في بيان حسب “سودان تربيون” ، إنه “للأسف، بعد عامين من توقيع اتفاق السلام لم يتم تنفيذ سوى جزءا رمزيا لبعض بروتوكولات .
وأرجع حسن التعثر إلى العقبات التي اعترت عملية التنفيذ ومسيرة الانتقال بسبب محاولة بعض القوى الاستئثار بالسُّلطة ومقدرات الوطن، لترتفع أصوات القوى المعادية للسلام من دُعاة الحرب التي سخرت آلتها الإعلامية لتضليل الشارع والمناداة بإلغاءه.
وتعرض اتفاق السلام الذي ابرمته الحكومة مع الجبهة الثورية في اكتوبر 2020م ، لانتقادات لاذعة لجهة أنه لم يحقق السلام على الارض ، بل ساهم في تدهور الوضع الامني في المناطق التي تمثلها هذه الحركات وتزايدت حدة العنف أكثر من ذي قبل بترك القضايا الاساسية المرتبطة بالسلام الاجتماعي والتنمية واعادة النازحين الى قراهم وانشغالهم بتقاسم السلطة والثروة والاستقطاب القبلي للحفاظ على مواقعهم الدستورية ، بيد أن قادة الحركات ساهموا في تقويض الوثيقة الدستورية بتآمرهم مع المكون العسكري في انقلاب اكتوبر 2021م، وبالرغم من فشل الاتفاق في ارساء السلام الاجتماعي واستقرار الوضع الامني في دارفور والنيل الازرق وشرق السودان ، تمسك قادة الحركات بالاتفاق بل هددوا بالعودة الى التمرد لمجرد الحديث عن مراجعته او إلغائه.
ومؤخراً ارتفعت اصوات عديدة من ابناء اقليم دارفور نفسه بضرورة إلغاء الاتفاق الذي وصفوه بالنخبوية ولم يلبي أشواق ابناء دارفور في السلام والامن والاستقرار ، بل ذهب البعض أنه لا يمثل الا قادة الحركات الذين انزوا بعيداً عن القضايا الاساسية للاقليم واهتموا بالعراك حول الكراسي ودعا هؤلاء بالغاء الاتفاق بحجة ان قادة الحركات لا يمثلون مواطني دارفور واستأثروا على جثث الشهداء ومعاناة سكان المعسكرات بالوظائف والثروة .
وحسب سودان تربيون أقرت حركة العدل والمساواة التي يترأسها وزير المالية جبريل إبراهيم بتعثر تنفيذ بنود اتفاق السلام، حيث نُفذ جزءا رمزيا لبعض بروتوكولاته بعد مرور عامان على توقيع.
وتضمن اتفاق السلام، الذي وُقع بين حكومة الانتقال وتنظيمات الجبهة الثورية في 3 أكتوبر 2020، 273 بندًا لم يُنفذ منه سوى تقاسم السُّلطة فيما البنود الحيوية مثل الترتيبات الأمنية وإعادة النازحين إلى مناطقهم تعثرت.
وعلقت الدول الغربية والمؤسسات المالية العالمية مساعدات وقروض بمليارات الدولار، بعضها خُصص لتنفيذ اتفاق السلام، بعد الانقلاب العسكري في 25 أكتوبر 2021 الذي أيدته أطراف الاتفاق وتقاسمت معه السُّلطة.
وتنامت أصوات الرفض لاتفاق السلام نتيجة لتأييد أطرافه الحكم العسكري وتقاسم السُّلطة معه، حيث برز إلغاءه في الميثاق الثوري لتأسيس سلطة الشعب الذي طرحته لجان المقاومة التي تنظم الاحتجاجات ضد حكم قادة الجيش.

وإبدت حركة العدل والمساواة قلقها العميق إزاء البطء الشديد في تنفيذ اتفاق السلام والهجوم “الغوغائي وغير المسؤول على الاتفاق وأطرافه والوضع غير الإنساني الذي يعيش النازحين”.
ودعا حسن إبراهيم فضل الشركاء إلى تسريع تنفيذ الاتفاق واستكماله مع الحركات الأخرى غير الموقعة، متعهدًا بالعمل على تتفيذه خاصة إعادة النازحين واللاجئين وتأمين قرى العودة الطوعية والكشف عن مصير المفقودين والأسرى.
واعتبر المراقبون اعتراف العدل والمساواة فشل جوبا نوعاً من محاولة لامتصاص غضب الشارع الذي بات يتذمر من سياسات وزير المالية التي زادت من معاناة المعيشة وتساهم في التدهور الاقتصادي بشكل كبير ، بيد أن القوى السياسية وجدت ضالتها في الفشل السياسي لقادة الحركات لضرب الانقلاب الذي تسانده الحركات المسلحة ، وقال المحلل السياسي د. عبد اللطيف محمد عثمان أن حديث نائب أمين اعلام الحركة تكتيك مفضوح ولن يقنع الرافضون من القوى السياسية او مواطني دارفور “أصحاب القضية ” للاتفاق التراجع عن مطالبهم واعرب عبد اللطيف عن دهشته من تعليق العدل والمساواة فشل الاتفاق على شماعة بعض القوى التي اتهمها بمحاولة الاستئثار بالسلطة ومقدرات الوطن، وتلك التي ترتفع أصواتها المعادية للسلام والمنادية بالغاء الاتفاق وقال ” من الغريب ان الذين استأثروا بالسلطة هم قادة الحركات وحديثه عن قوى تحاول الاستئثار بالسلطة يدحضه الواقع.
وأضاف عبد اللطيف في حديثه لـ “النورس نيوز” أن الشارع السوداني والدارفوري على وجه الخصوص بات مدركا وواعيا لما يحدث من استهبال سياسي من قادة الحركات المسلحة ولن ينساق وراء فرياتهم ”
ومن جهته سخر الكاتب الصحفي والمحلل السياسي عمار ابراهيم من خطاب الحركات المسلحة الذي يحاول تحميل مسؤولية فشل الاتفاق لقوى غيرها ، وقال عمار لـ “النورس نيوز ” اتفاق جوبا من الوهلة الأولى كان فاشلا عندما تقسم الى مسارات في مكر سياسي مارسته حركات دارفور على الوفد الحكومي قليل الخبرة في التفاوض ” مشيراً أن الحديث عن اصوات معادية للسلام غير مجد لاستدرار عاطفة الشارع الدارفوري الذي يعاني من الاتفاق اكثر من غيره بسبب الخطاب الجهوي والاثني الذي يوجه له بسبب سياسات قادة الحركات في ادارة الدولة

.

 

Exit mobile version