البرهان وإسرائيل.. سر التعلق؟

الخرطوم – نبيل صالح

ألقى البرهان حجرا في بركة ظلت ساكنة لشهور وهي ملف العلاقات السودانية – الاسرائيلية التي شابته العديد من المغالطات والتكهنات والرفض ، وبما أن رد البرهان على سؤال القناة التلفزيونية  التي استضافته على هامش مشاركته الاخيرة في اجتماعات الجمعية العامة للامم المتحدة حول علاقته باسرائيل لم يكن مفاجئاً على خلفية موقف البرهان من هذا الملف منذ الوهلة الاولى من استلامه لمهام مجلس السيادة ، بلقائه برئيس الوزراء السابق بنيامين نتنياهو في مدينة عنتبي الأوغندية كأول مسؤول سوداني رفيع منذ الاستقلال ، ومهدت الحكومة الانتقالية الطريق الى الوصول لتطبيع كامل بالغاء قانون مقاطعة الكيان الصهيوني والتوقيع على اتفاقية ابراهام .

 

ويتفق كثيرون مع فلسفة البرهان التي تختلف عن اسلافه الرافضين لأي شكل من أشكال العلاقة مع تل أبيب ويؤمن أن  “أساس العلاقة هو المصالحة”، وأكد البرهان ، إنه سيزور إسرائيل إذا وجهت له الدعوة، في مسعى لتعزيز جهود التطبيع المتوقفة بعد عامين من “اتفاقات إبراهيم” وحسب المراقبين الجديد ليس في موقف البرهان من التطبيع بينما أن تصريحه قد يحرج  تيارات كانت تسانده في اجراءاته الأخيرة وربما تشكل له حاضنة سياسية غير معلنة ، ويعتقد المحلل السياسي سعد محمد أحمد أن تمسك البرهان بالمصالحة مع اسرائيل قد يحرج التيارات الاسلامية التي كالت الهجوم على المكون المدني في الحكومة الانتقالية بسبب زيارات المسؤوليين العسكريين من البلدين لكلاهما ، وحشدت هذه التيارات مواكب رافضة لاتجاه الحكومة الانتقالية في المضي قدما في اكمال التطبيع مع الكيان الصهيوني ، بيد أن حديث البرهان الأخير عن ترحيبه بأية  دعوة لزيارة اسرائيل يضع  قادة هذه التيارات تحت ضغط قواعدها ، وفي المقابل تفتح باباً للقوى المناهضة للانقلاب لاستدرار الموقف الشعبي ضد البرهان والمكون العسكري .

واقليمياً تساند القاهرة وأبوظبي موقف الخرطوم من التطبيع مع اسرائيل وتطوير علاقاته بها من مجرد زيارات غير معلنة لإعلان تطبيع كامل ، بينما قد يكون لموسكو التي تساند المكون العسكري في إجراءاته الأخيرة موقفاً مغايراً لخطوة الخرطوم في سعيها للتطبيع واعلان ذلك جهراً بسبب الموقف الاسرائيلي من حربها ضد اوكرانيا  ولكن لن يرتقي رد فعلها الى مستوى  وضع الخرطوم في قائمة الخصوم .

ويتساءل كثيرون عن ما وراء  تعلق قلب البرهان بالتطبيع مع إسرائيل؟ حيث التقى على نحو مفاجئ برئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في أوغندا في فبراير 2020م ، قبل أن ييمم شطره نحو  عاصمة دولة الإمارات أبو ظبي في نفس العام ويمكث ثلاث ليال   ليحقق بحثا عن إنجاز في ملف العلاقات السودانية الأميركية  مهره الأساسي كان واضحا بأنه  التطبيع مع إسرائيل ويعتقد المحلل السياسي واستاذ العلاقات الدولية د.أنس ابراهيم الحسن أن البرهان لم يقفز في الظلام بخطوته الأولي بالجلوس ولا تلميحاته الأخيرة باستعداده لزيارة القدس ، بل أن الرجل يعرف ماذا يفعل بالرغم من علمه بموقف الشارع السوداني المبدئي من التطبيع مع الكيان الصهيوني ، ويمضي أنس بحديثه لـ “النورس نيوز” أن مجئ البرهان على رأس المجلس العسكري عقب سقوط البشير في ابريل 2019م لم يكن مجرد صدفة انما جزء من اللعبة الدولية في السودان ، وقال ” المجتمع الدولي الذي تهمين عليه واشنطن والغرب الأوربي خطط لذلك منذ سنوات بل قد يكون البرهان جزء من صفقة القرن التي تقضي برسم مستقبل جديد للعلاقات العربية والافريقية بـ “تل أبيب ” أو القدس ، وكما استدل أنس من القبول الدولي للبرهان والسماح له بالمشاركة في حدثين مهمين رغم رفض واشنطن ولندن للاجراءات التي قام بها في الخامس والعشرين من اكتوبر العام الماضي ” وتابع ” ليس من المنطق ان ترفض الانقلاب وترحب بالرجل الذي قام بالانقلاب ولهذا اعتقد أن ثمة غموض في علاقة البرهان واسرائيل والغرب بالاجراءات  التي قام بها البرهان في اكتوبر .

وكما وصف المراقبون ذلك بالتطبيع في الظلام لم ينقطع اتصال الفريق البرهان بملف العلاقة مع إسرائيل رغم  التوبيخ السياسي، الذي تلقاه من من شركائه السابقين ” قوى الحرية والتغيير”  عقب عودته من العاصمة الأوغندية كمبالا ، فحسب  الصحافة الأمريكية أنذاك ، كانت بصمة الإمارات حاضرة في تفاصيل تلك الزيارة.

واستعصم قائد الجيش بجنده في مقر القيادة العامة بالخرطوم، حيث قام في أعقاب لقائه نتنياهو بتنوير كبار الجنرالات بنتائج الزيارة، وعقد مؤتمرا صحفيا في مباني القيادة العامة قدم فيه منطقا سياسيا لأهمية التطبيع مع إسرائيل، ثم قام بفتح الأجواء السودانية للرحلات العابرة من إسرائيل، واستقبل مطار الخرطوم فريقا طبيا إسرائيليا حاول إنقاذ السفيرة نجوى قدح الدم -مهندسة لقاء البرهان ونتنياهو- التي أصيبت بمرض كورونا وتوفيت لاحقا.

Exit mobile version