قضايا و حوادث

محكمة مدبري انقلاب 89م.. الشهود و (ساعة الصفر)

يبدو ان جلسات محاكمة مدبرى انقلاب (89م) من رموز وقيادات النظام البائد على رأسهم الرئيس المعزول عمر البشير، قد تدخل حسب مراقبين قانونيين ضمن منافسات ارقام جينيس لتحطيم الارقام القياسية لأطول فترة زمنية لمحاكمة يسمع خلالها المتحري فقط حتى الآن، ويبدو ان طول الفترة الزمنية التي استغرقتها المحاكمة قد ولد ضجراً بانت ملامحه الواضحة خلال مداولات وكواليس جلسة الامس، لاسيما ان المتهم الفريق عبد الله النو شعر بأن هناك اتجاهاً لتأجيل مواصلة الجلسة لاخرى، وعلى الفور ودون سابق انذار قام برفع يده اليمنى في محاولة للفت انتباه هيئة المحكمة لرفضه التأجيل، وحينها رصدته (الانتباهة) وهو يردد قائلاً: (يا مولانا واصل الجلسة ان شاء الله للمساء نحن قاعدين في السجن)، ووقتها لم يرق للمتهم اللواء التيجاني آدم طاهر الامر ورد للنو، بنبرة حادة وقاسية: (كيف نواصل للمساء نحن ما فاطرين)، وحينها تحرك احد الضباط التابعين للشرطة القضائية داخل قفص الاتهام وهدأ من روع المتهمين، ومن ثم تواصلت الجلسة باستجواب المتحري وتم رفعها مع صلاة العصر، على ان تعاود جلستها الثلاثاء المقبل لموالاة السير في استجواب المتحري بواسطة ثلاثة من دفاع المتهمين.

المبلغ مواطن فقط
في مستهل جلسة أمس افتتح المحامي شيخ الدين عبد الله ممثل دفاع المتهم السادس الطبيب لواء معاش بالقوات المسلحة الطيب ابراهيم محمد خير، عملية استجواب المتحري عقيد شرطة جمال الدين الخليفة على ذمة الدعوى الجنائية. وافاد بان المبلغ حاتم السنهوري كان حاضراً لوقائع انقلاب ٨٩م، وكان عمره وقتها (22) عاماً، وانه علم به في الساعة السادسة صباحاً مع إذاعة بيان ثورة الانقاذ الوطنى، مبيناً انه لم يتحر قط في واقعة قيام المبلغ بفتح دعوى جنائية ضد المتهمين طيلة فترة الثلاثين عاماً منذ الانقلاب في ٣٠ يونيو ١٩٨٩م، مشيراً إلى ان المبلغ مواطن عادي ولم يتحر حول شغله او علاقته باي نظام دستوري آنذاك.

قصيدة ولقب (سيخة)
وأوضح المتحري للمحكمة الخاصة برئاسة قاضى المحكمة العليا حسين الجاك الشيخ انه بتاريخ 15 ديسمبر عام ٢٠١٩م تم القبض على المتهم السادس الطيب ابراهيم محمد خير، واخضع من قبل لجنة التحري لاستجواب في القضية، واشار المتحري الى انه لا يذكر واقعة سؤاله المتهم عن دخوله للجيش عبر الحركة الإسلامية ولم يرد ذلك بالتحريات، فضلاً عن انه اكد وافاد المحكمة بان محمد خير قال في التحريات انه (يحب الجيش)، والقى في التحريات قصيدة عن المدفع (42)، ونفى المتحري كذلك للمحكمة استجواب المتهم السادس حول الأسباب التي اطلق عليه بموجبها تسميته (سيخة)، موضحاً ان المتهم وفي ٨٩م كان طبيبا ويعمل في العيادة الخارجية للسلاح الطبي، ونبه المتحري المحكمة الى عدم تحريه حول من كان قائد الوردية بالسلاح الطبي التابع للجيش وقت الانقلاب، فضلاً عن عدم تحريه حول ما اذا كان محمد خير وقتها بالوردية ذاتها بالمشفى ام لا, وكشف المتحري للمحكمة عن قيام (18) انقلاباً قبيل ٨٩م، الا انه لم يتحر حول اذا كانت تلك الانقلابات ناجحة ام لا.

الاعتقالات
ولفت المتحري الى ان الطيب محمد خير زج كمتهم سادس في البلاغ لمشاركته في تنفيذ الانقلاب والاعتقالات التي نفذها ضمن ثلاثة ضباط آخرين لم يذكرهم، واعتقلوا بموجبه الرجل الثالث في القيادة العامة للجيش وقتها عبد الرحمن سعيد من داخل منزله واقتياده بواسطة عربة، في وقت اكد فيه المتحري للمحكمة ان محمد خير لم يكن عضواً في مجلس قيادة الثورة، وفي ذات الوقت افاد المتحري بانه تم الحجز على شركات وأسماء أعمال واراض وعقارات وحسابات مصرفية للمتهمين ومستندات وغيرها لصالح الخطاب، ومن بينها تم الحجز على شركة حامد للطاقة والاستثمار الوقفية لصالح البلاغ، الا انه عاد وأكد للمحكمة انه لا يعرف علاقة محمد خير بهذه الشركة.

إيدام وأمن الجهاز
وسمحت المحكمة للمحامي جمال الدين الجيلاني باستجواب المتحري باعتباره ممثلاً لدفاع المتهم الحادي عشر اللواء ابراهيم نايل ايدام، وافاد بانه وقت الانقلاب كان ايدام ضابطاً برتبة عقيد ويتبع لجهاز أمن السودان ويقيم بمنطقة الحاج يوسف، مشيراً إلى أنه لم يخطط او يشارك في الانقلاب وانما انحصر دوره فقط لوضعه متهماً على ذمة الدعوى الجنائية لانه كان عضواً في مجلس قيادة ثورة الانقاذ الوطنى آنذاك.

جدل قانوني
وفي خضم تلك المناقشات هنا وهناك من قبل محامي دفاع المتهمين للمتحري افسحت هيئة المحكمة الفرصة للمحامي احمد أبو زيد ممثلاً لدفاع المتهم الثالث عشر نائب الامين العام لحزب المؤتمر الشعبي ابراهيم السنوسي لاستجواب المتحري، واثار المحامي ابو زيد جدلاً قانونياً حول تسمية المحامي عبد القادر البدوي عضواً في هيئة الاتهام عن الحق العام في القضية، بالرغم من وجود سابقة بمجلة الاحكام القضائية لسنة 2020م التي منعت الازدواجية بين صفتي التحري وتمثيل الاتهام، وهنا اوقفه القاضي قائلاً له سبق ان اثير مثل هذا الطلب وتم الفصل فيه من قبل المحكمة برفضه، وفي ذات المنحى لم يهدأ لممثل الاتهام البدوي بال، وبدوره باغت المحامي ابو زيد سريعاً وقال للمحكمة: (ان المحامي لا يريد ان يترافع عن موكله وانما يريد تقديم محاضرات عن القانون)، ووقتها رد له ابو زيد بقوله: (انا لم اتحدث عن الدعاية الاعلانية وانما اترافع عن موكلي)، وحينها تدخل القاضى وحسم الامر وواصل ابو زيد استجواب المتحري لما يقارب ساعتين متواصلتين الذي بدوره افاده بانه وقت التحري مع موكله السنوسي كان عمره (82) عاماً، مبيناً انه وحسب شهود الاتهام أن السنوسي قد شارك وخطط للانقلاب وكان موجوداً في جميع الاجتماعات المتعلقة بذلك وآخرها اجتماع ساعة الصفر الذي عقد بمنزل احمد الروى في ضواحي بحري، فضلاً عن ان دوره في الانقلاب التنسيق بين العسكريين والمدنيين حسب الشهود ايضاً، ونفى المتحري للمحكمة توجيه تهمة بأي من نصوص قانون القوات المسلحة للمتهم الثالث عشر ابراهيم السنوسي، وفي ذات الاتجاه افاد المتحري عقيد شرطة جمال الدين الخليفة المحكمة بعدم تحريه حول واقعة وجود السنوسي معتقلاً بسجن كوبر القومي ببحري ليلة انقلاب 30 يونيو 89م، وحينها كان نائباً بالبرلمان، وشدد المتحري على ان السنوسي ووقت التحري رفض الادلاء باية اقوال له وانكر علاقته بالدعوى، مشيراً الى ان لجنة التحري رفضت الافراج عن السنوسي لجهة عدم التأثير في سير العدالة على حد تعبيره.

صحيفة مستند ضد السنوسي
وفي ذات الوقت كشف المتحري للمحكمة عن مستند اتهام قدم ضد المتهم ابراهيم السنوسي عبارة عن نسخة من عدد لصحيفة (التيار) اجري خلالها مقابلة صحفية معه (حوار)، مبيناً ان نسخة الصحيفة تم استخراجها من دار الوثائق القومية نتيجة خطاب من لجنة التحري والتحقيق في الدعوى، ولفت المتحري الى عدم تحريه مع رئيس تحرير صحيفة (التيار) او الصحافي الذي اجرى المقابلة مع السنوسي وقتها حول صحة مثول السنوسي امام الصحيفة لاجراء الحوار معه، فضلاً عن عدم تحريه حول وجود تسجيل صوتي لتلك المقابلة.

عدم إطلاع على الدستور
وناقش المحامي محمد الحسن الامين المتحرى بوصفه ممثلاً لدفاع ثلاثة من المتهمين، واوضح المتحري انه اقسم على حماية الدستور والقانون والولاء له ابان تعيينه ضابطاً في الشرطة وقت تولي البشير رئاسة البلاد، منبهاً الى انه تم اتهام (34) متهماً على ذمة القضية بموجب افادات شهود الاتهام، موضحاً ان الاتهام في الدعوى انحصر ضد من خططوا ونفذوا الانقلاب فقط، في وقت نفى فيه المتحري للمحكمة اطلاعه على مصوغات واسباب قيام ثورة الانقاذ 89م، ولم يتحر كذلك عن المذكرة الشهيرة التي دفع بها لرئيس مجلس الوزراء آنذاك الراحل الصادق المهدي بشأن الثورة، وتم ذكرها والاشارة اليها في بيان الانقلاب الاول لانها غيرت مسار الثورة على حد تعبيره، واشار المتحري الى انه من واقع التحريات فإن المتهم الرابع عشر اللواء فيصل ابو صالح لم يدرج في عريضة الدعوى، موضحاً ان فيصل ابو صالح في التحريات استقال من مجلس الثورة في 5/9/1989م ولم يتقلد اي منصب فيها مطلقاً، في وقت اوضح فيه المتحري المحكمة انه ومن واقع التحريات لم يدرج ايضاً المتهم السابع والعشرين اللواء محمد عوض الكريم ابو سن في عريضة الشكوى، ونفى المتحري اطلاعه على دستور 85م الذي اتهم بموجبه المتهمون بتقويضه على ذمة القضية، موضحاً ان ابو سن في يوم الانقلاب لم يكن (نبطشياً) بوحدة سلاح الموسيقى ولا علاقة له بالانقلاب، موضحاً انه تمت احالته للمعاش في 2/3/2006م.

تدوين اعترافين قضائيين
في ذات المنوال ازاح المتحري الستار للمحكمة وكشف لها عن تدوين المتهم الفريق اول محمد محمود جامع اعترافين قضائيين بمحض إرادته على ذمة هذه الدعوى امام قاضي محكمة جنايات الخرطوم شمال طيب الاسماء حجازي عبد اللطيف، مشدداً على ان جامع دون اعترافه القضائي على مرتين، بحجة انه تذكر اشياءً لم يذكرها في اعترافه الاول على حد قوله.

مقابلة صحفية مع جامع
في وقت نبه فيه المتحري المحكمة الى تقديم مستند اتهام ضد جامع عبارة عن نسخة من صحيفة (المجهر السياسي) لحوار اجري معه بواسطة الصحافيتين سوسن يسن ونجدة بشارة في عام 2012م، الا انه في ذات الوقت نفى تحريه مع الصحافيتين حول احتجاج جامع في صبيحة نشر الحوار على نقاط محددة ذكرت فيه او صحته، فضلاً عن عدم تحريه كذلك مع جامع حول ما ذكره في المقابلة الصحفية على حد تعبيره.

شهود اتهام الدعوى
وفي خواتيم جلسة الامس التي امتدت لما يقارب (7) ساعات ناقش المحامي تاج السر عكاشة ممثلاً لدفاع المتهم السادس عشر اللواء بالقوات المسلحة عبد الله عبد المطلب، المتحري الذي قال له انه لا يوجد اي اذن من القائد العام للقوات المسلحة او وزير الدفاع لفتح الدعوى الجنائية ضد المتهمين من العسكريين في القضية، موضحاً ان المتهم السادس عشر لم يدرج اسمه ايضاً في عريضة الدعوى ولم يذكره المبلغ في اقواله باليومية، موضحاً ان النائب العام الاسبق تاج السر الحبر كان من ضمن المحامين الشاكين في الدعوى، ومن ثم تولى لاحقاً منصب النائب العام، وقرر بموجبه فتح الدعوى وتشكيل لجنة تحرٍ فيها، ومن ثم تقريره ايضاً باضافة محامين قانونيين كاعضاء في التحقيق، مشيراً الى ان المتهم عبد المطلب وقت الانقلاب كان برتبة عقيد اركان حرب في ادارة الاستطلاعات بمدرعات الشجرة وكان القائد الثاني فيها، وانه وقت الانقلاب كان موجوداً فيها، ونفى المتحري تحريه حول سكن عبد المطلب وقتها بالمدرعات ام خارجها، مبيناً ان دور المتهم في الانقلاب حضوره آخر اجتماع بموجبه حددت ساعة الصفر لتنفيذه، كاشفاً للمحكمة عن شهود الاتهام في الدعوى من بينهم (ناصر برمة، عبد الرحمن سعيد، بابو نمر وعبد الاله الملك)، ونبه المتحري الى ان المتهم لم يكن عضواً في مجلس ثورة الانقاذ الوطني ولم يتقلد اي منصب دستوري آنذاك سوى تسلسله في العمل العسكري كضابط حتى تعاقده الى المعاش عن الخدمة في مارس 2002م.

الانتباهة : رقية ابوشوك

الخرطوم : النورس نيوز

تعليق واحد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *