تقارير

مواد منتهية الصلاحية ..من يحمي المواطن البسيط من خطرها؟

المواد غير المعبأة جريمة ترتكب يومياً في حق المواطنين الغلابة

هل هناك علاقة بين المواد الغذائية منتهية الصلاحية وانتشار السرطانات وجرثومة المعدة في السودان؟

تزوير ديباجة السلع كارثة .. والعقوبة غير رادعة!!

شباب متخصصون في جمع الفاكهة التالفة من الأسواق المركزية وبيعها لمحال العصائر العشوائية!

(صلصة قدر ظروفك) الفاسدة تباع علناً بالأرصفة على مرأى من الجهات الرقابية المسؤولة

**الحملات التفتيشية التي تشنها الجهات المختصة على الأسواق بالعاصمة والولايات بين الفينة والأخرى تسفر عن ضبط كميات مقدرة من السلع والمواد الغذائية (الفاسدة) والتي تطلق عليها الجهات الرقابية تجملا (منتهية الصلاحية) وتتم ابادتها في تظاهرة إعلامية تتهافت عليها كل أجهزة الإعلام خاصة الصحافة الورقية.. ولكن سرعان ما تعود (حليمة لقديمها) فما أن تنتهي جذوة الهوجة الإعلامية حتى يعود التجار خاصة باعة الرصيف لعرض سلعهم الفاسدة على المواطنين بأسعار مغرية تجعل المواطن المغلوب على أمره يشتريها بعلم او بدون علم لرخص أسعارها وهو لا يعلم أنه يدخل السم في بطون أطفاله وأسرته عبر هذه المواد الفاسدة .. من جانب آخر يعاني المواطن من الارتفاع الفاحش للسلع والمواد الغذائية ولذلك يلجأ الكثيرون منهم ويتهافت على سلع الرصيف رخيصة الأسعار ضاربا بصلاحيتها عرض الحائط .. (الحراك) استطلعت عدداً من الخبراء حول هاتين القضيتين عبر التحقيق التالي**

تحرير أم فوضى؟

تشهد الأسواق حاليا تذبذبا في الأسعار على كل المستويات وبشكل خاص ارتفاع أسعار المواد الغذائية فأغليبة التجار يضعون أسعارا على مزاجهم وهناك شركات توزع وتبيع مواد غذائية على وشك الانتهاء، وعند وصولها للمواطن تكون منتهية الصلاحية لا تصلح للاستخدام الآدمي.. فاصبح المواطن يواجه ضغط الأسعار إضافة إلى الأمراض الناجمة عن ضعف الجودة وإنتهاء صلاحية المواد الغذائية خاصة لغياب المسؤولية من الجهات الرسمية.. ارتفاع الأسعار يفرض على المواطن التوقف عن الشراء أو التقليل منه وهذا يؤدي إلى عدم تحريك السلع ووجود فائض من السلع نسبة لارتفاع أسعارها وهذا يفرض على التاجر أن يقلل السعر لجذب المشتري للشراء ويظل يقلل الى أن يصل الحد الأدنى بالنسبة له.. بينما المواطن يجد نفسه مضطرا للبحث عن سلع منخفضة القيمة والجودة الصحية معا.. ويفترض على المواصفات والمقاييس والسلطات المختصة أن تراقب بطريقة دورية المحلات التجارية للتأكد من خلوها من المواد منتهية الصلاحية.. فكلما إمتدت فترة ارتفاع الأسعار كلما اضطر المواطن الى شراء مواد قيمتها أقل لا تصلح للاستخدام الآدمي، ولذلك لابد أن تعمل الدولة على حماية المستهلك.

ولكن، هل ما يحدث في الأسواق الآن من ناحية أسعار السلع والمواد الغذائية، تحريرا للاسعار أم فوضى؟..

الخبير الاقتصادي (محمد الناير) يجيب:”معلوم أن ارتفاع الأسعار له عدة أسباب، أولها فوضى الأسعار وليس تحريرها .. ثانيا وجود السماسرة بأعداد كبيرة وهم يحصلون على عائدات وارباح أكثر من المنتجين..

كما أن التخزين أحيانا يكون بطريقة سيئة وعرضة للشمس ولذلك يجب أن يكون التخزين الطويل بطريقة جيدة وآمنة”.

تزوير الديباجة

الإعلامي (عمر الشيخ) يقول:”ارتفاع الأسعار وضغط السوق موضوع مهم في ظل غياب الرقابة بأنواعها وضعف الوازع الديني، والتزوير في الديباجة كارثة ويجب ان تكون هناك رقابة شعبية.. وهناك كثير من المواد عرضة للتلوث وضعف الجودة مثل :(صلصة قدر ظروفك) التي تباع على الأرصفة بالأكياس بدون ديباجة بالطبع توضح فترة سريان صلاحيتها.. وكثير من المواد غير المعبأة مثل العدس والأرز ولبن البودرة وحتى مستحضرات التجميل جميعها للأسف منتهية الصلاحية وتباع علناً في الأسواق الشعبية بواسطة الباعة الجائلين وباعة الرصيف ويعلنون عنها بالميكرفونات على مسمع ومرأى السلطات الرقابية والحية دون أن تحرك ساكنا، فالمواطن السوداني لا يلم بثقافة انتهاء الصلاحية ولذلك لا يفحص الديباجة المدون عليها تاريخ صناعة السلعة وتاريخ انتهائها، فهو يشتري و(بس) طالما أن السعر في متناول يده!!..

وبالطبع لأجهزة الاعلام دور كبير ومهم بتبصير المواطن بهذا الجانب، فقد ثبت علميا أن استعمال المواد الغذائية منتهية الصلاحية له دور كبير في الإصابة بالسرطانات وجرثومة المعدة المنتشرة لدينا في السودان.. وهناك تحذير من الأطباء بأن تفشي الأمراض الحادث اليوم في السودان خاصة بالولايات سببه المواد الغذائية منتهية الصلاحية”.

تضخم جامح

ويعلق الخبير الإقتصادي (وائل فهمي) بقوله :”كبار الاقتصاديين المتخصصين في هذا المجال اتفقوا بانه عندما يمر الاقتصاد الوطني بمرحلة التضخم الجامح تتسم الأسواق بالفوضى من ناحية وجود زبائن من الفقراء خاصة الذين تدهورت القوة الشرائية لنقودهم في مواجهة الارتفاع اليومي للأسعار.. ويترتب على هذا الوضع عدم مقدرة المؤسسات ذات الصلة السيطرة عليه نظرا لسعي المواطنين للحصول على دخل يومي ورغبتهم في ذات الوقت سرعة التخلص من موادهم المعروضة للبيع، وفق ما اكتسبوه من خبرات في مثل هذه الظروف، حيث يكون قد تعلم بان ما يمكن يشتريه اليوم بدخله سيكون افضل من الشراء به غدا لانه سيكون اقل قوة شرائية، وذلك بسبب استمرار الاسعار في الاسواق بالارتفاع..

فهذه الخبرة المعرفية لهؤلاء الاقتصاديين تم استخلاصها من تجارب اقتصاديات متقدمة ودول اقل تقدما ايضا حيث لا فعالية للسياسات النقدية في مواجهة حاجة الحكومة المستمرة للنقود في مواجهة الارتفاعات اليومية الحادة في اسعار السلع والخدمات التي تشتريها من الاسواق بالداخل والخارج، اي تضغط بنفسها على سعر الصرف للارتفاع ايضا بما ينعكس على الاسعار في إتجاه الارتفاع.

فاذا انتقلنا الى اسواق دول كالسودان والذي يعاني من تضخم جامح فمن البديهي وفي ظل فوضى الاسعار، خاصة غير الرسمية او غير المراقبة، فان اتساع قاعدة المواطنين العاطلين والفقراء حتما ستبحث لها عن فرصة عمل خاصة بالقطاعات غير الرسمية لتعيش، في ظل انكماش قاعدة الانتاج بالقطاعات الرسمية.. فمن البديهي اذاً ان يكون هناك من لا يملك رأس مال ولا فرصة عمل رسمية فيلجأ الى بيع كل ما يوفر له دخلا حتى لو كانت بضائع منتهية الصلاحية.. فكم من حالة كشفت عنها الشرطة وهيئة المواصفات والمقاييس ناهيك عن البضائع المهربة التي يكون من بينها ما هو منتهي الصلاحية ايضا؟!!..وهناك أمثلة كثيرة موجودة بالاسواق وبعض المحلات التجارية، ففي الاسواق المركزية مثلا تجد شبابا صغارا يبيعونك ما تم القاؤه من خضار او فواكه تالفة او بصريح العبارة (فاسدة)!.. وكذا يعمل بعض المهربين بتغيير تاريخ إنتهاء الصلاحية للمنتجات الصناعية.

فمعيشة الانسان تسمو على كل ما عداها من اهتمامات بلا جدال، فالدول تسعى الى السيطرة الكاملة على الاسواق وما يعرض فيها لتفادي تعرض مواطنيها لخطر للأمراض.. وفي حالة السودان وفي ظل استمرار غياب الرقابة على الأسواق وعدم ضمان جودة المعروض بها مع عدم قدرة الدولة على السيطرة على المستوى العام للاسعار، حتما سيفاقم ذلك من انتشار البضائع منتهية الصلاحية او قاربت صلاحيتها من الانتهاء بحكم انها ارخص للفقراء الذين سيشترونها رغم ردائتها لضمان تقديم الغذاء اليومي لعائلاتهم”.

ويرى صاحب محل بيع مواد غذائية أن أصحاب الشركات والمصانع احيانا يوزعون مواد قاربت صلاحيتها على الانتهاء بسعر أقل والمواطن ليس لديه خيار غير الشراء خصوصا في المواد الغذائية الأساسية سريعة التلف مثل الزبادي والصلصة وغيرها.. وأكدت على ذلك المواطنة (آمنة محمد) بقولها:”كثيراً ما نشتري مواد غذائية غير مكتوب عليها تاريخ الصلاحية أو سمات الجودة”.

صحيفة الحراك ـ أفكار جبريل

الخرطوم : النورس نيوز

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *