تغطية خاصةتقارير

شيطنة الأحزاب السياسية .. من المسؤول ؟

 

واجهت الأحزاب السياسية خلال الفترة الماضية موجة من العداء السافر وصل حد شيطنتها وتخوينها جنباً إلى جنب مع عسكر الفترة الانتقالية، وهو أمر – برأي كثيرين – يشكل واحدا من مهددات الانتقال الديمقراطي في البلاد.

الخرطوم :وجدان طلحة
الخطاب العدواني تجاه الأحزاب والحياة الحزبية، لم يبدأ في الأصل خلال السنوات الأخيرة، لكنه له جذور ضاربة في عمق التاريخ السياسي بحسب محللين سياسيين أكدوا أن الخطاب وصل أوجه في العقود الثلاثة الماضية، هي عمر نظام الحركة الإسلامية التي اختطفت السلطة عبر انقلاب عسكري في العام 1989م. ويذكر التاريخ أن أول قرار أصدره قائد الانقلاب العميد يومها عمر البشير هو قرار حل جميع الأحزاب والتنظيمات السياسية وحظر نشاطها وصادر دورها وصحفها، ولاحقاً صمم جهازا أمنيا معاديا للحريات يلاحق قياداتها بالاعتقال وفصلهم من الخدمة، كما صمم عددا من البرنامج لشيطنة الأحزاب وتخوينها وتصويرها كمقابل مباشر للفشل السياسي والأمني والاقتصادي والغرض النهائي هو توطين النظام الديكتاتوري، وتوسيع قاعدته الشعبية خصوصاً وأن الحركة الإسلامية التي سيطرت على السلطة كشفت انتخابات 1986م صفويتها وضعف قاعدتها الشعبية.
لمحدودية قاعدته الشعبية والمصالح الاجتماعية التي يعبر عنها مع الضغوط الشعبية المعارضة للمؤتمر الوطني وأجهزته الأمنية والاستخباراتية اضطرته إلى تبني أنشطة ترى بعض العناصر الانتهازية في بعض الأحزاب لإحداث تشققات أو انقسامها وإشراكها في أسماء تلك الأحزاب في نظامه الديكتاتوري لإضفاء طابع تعددي عليه .
ويعتقدون ان نهج الإنقاذ بهذا الأسلوب وفر مناخات مواتية لشبكة قوى تشاطره في الهدف وفي مقدمتها بعض منظمات المجتمع المدني ومنظمات إقليمية ودولية وسفارات بعض الدول ذات توجهات الهيمنة والاستحواز على ثروات وموارد السودان في معاداة الأحزاب ورعاية واستقطاب من تخلوا عنها في تلك المنظمات ورعاية أنشطتها التي ما تزال مستمرة باسم الورش التي يُوفر لها الدعم والتمويل اللازم والتي تنعقد داخل السودان وخارجة .

معاداة الحزبية:
الناطق باسم حزب البعث العربي الاشتراكي د.عادل خلف الله قال في تصريح لـ(النورس نيوز) إن هذا العمل المعادي للأحزاب أسهم بتعدد أطرافه بما فيها نظام الإنقاذ في توفير فرص مواتية لفصل الشمال عن الجنوب وإلى إطالة أمد دكتاتورية الإنقاذ، وأسهم في إعاقة الانتقال الديمقراطي في الفترة الانتقالية والانقلاب عليها لأن الهدف المشترك من معاداة الحزبية والأحزاب هو إضعاف الإرادة الشعبية باعتبار أن واحدا من وظائف الأحزاب هو حشد أوسع قاعدة شعبية داخل أطرها أو وفق برامجها بالتعبير عن مصالح غالب الشعب والحفاظ على أمنه ووحدته واستقراره، بالإضافة إلى بديهية أن لا ديمقراطية ولا تعددية بلا حزبية وأحزاب .

لجان المقاومة :
بعد سقوط النظام السابق فإن سلوك بعض الأحزاب ورغبتها في الاستحواز على السلطة وتقديمها لوعود يصعب تحقيقها في الفترة الانتقالية ومحاولة تقويض الانتقال نفسه أوجد وضعية جديدة لاستمرار شيطنة الأحزاب .
لكن تفاقم الوضع عندما حدث انقسام داخل مكونات الثورة، وهذا الانقسام نقل إلى المستويات القاعدية ممثلا في لجان المقاومة بواسطة أحزاب وكوادرها وسعوا إلى إبعاد كوادر وعناصر الأحزاب الأخرى بغرض أن تتم هيمنتهم على تلك اللجان، وتم بث شعارات مجرِّمة للأحزاب .
المحلل السياسي ماهر أبو الجوخ أشار في تصريح لـ(النورس نيوز) إلى أن الحزب الشيوعي قام بتلك الأشياء داخل لجان المقاومة، وقال “المدهش أن الحزب الشيوعي بهذا السلوك كان ينسى أنه حزب أيضا وهذه الدعاية ستؤثر عليه مستقبلا، وهذا ما حدث، إذ أنه خاض معارك ضارية داخل لجان المقاومة التي ومن منطلق تجريمها للأحزاب جرمت الحزب الشيوعي نفسه” .
ابو الجوخ أوضح أن تجريم الأحزاب هو عملية منتشرة مع الجهات الراغبة في تقويض أي انتقال ديمقراطي الآن أو مستقبلا، لأن عماد الديمقراطية أساسا هو الأحزاب، وقال “من لا يرغب من الأحزاب بشكلها الحالي، عليه إما أن يشكل أُطرا حزبية جديدة أو سيجد نفسه في خاتمة المطاف يصل السلطة بطرق غير ديمقراطية، ويصل إليها بشمولية حزبية، لأنه لا شمولية بلا أحزاب” .

نضالية ديمقراطية:
التحليلات تُشير إلى ضرورة لفت أنظار عديد من القوى المقاومة للدكتاتورية والمتمسكة بالانتقال الديكتاتوري بالانتباه لمخاطر هذا الأمر بما في ذلك بعض العناصر داخل لجان المقاومة باعتبار أن تلك اللجان هي صيغة نضالية ديمقراطية مستقلة أسهمت مع فصائل الشعب الأخرى في إسقاط الإنقاذ، وبالقدر الذي تتحرر بعض عناصرها بمعادات الحزبية والأحزاب يكون لها دور مهم ونوعي في بلورة أوسع جبهة معارضة لإعلان الإضراب السياسي والعصيان المدني وانتزاع السلطة من الانقلابيين وفتح الطريق أمام تحول ديمقراطي حقيقي .

مكتب حمدوك :
الناطق باسم حزب البعث د.عادل خلف الله قال لـ(النورس نيوز) “من المفارقات أن رئيس الوزراء السابق عبد الله حمدوك وطاقمه الاستشاري ومكتبه أظهروا عداءً للحزبية والأحزاب، ظهر ذلك في تفضيله العملي في التعاون مع العسكر بدلا عن الحرية والتغيير، وتطبيق برنامج اقتصادي خلاف المتفق عليه مع الحرية والتغيير، بالإضافة إلى أن مدراء الجامعات الذين تم تعيينهم تبنت تلك الإدارات سياسات معادية لتكوينات حزبية داخل الجامعات رغم عراقتها، وبذل جهود في محاولة إيجاد بدائل للأطر الحزبية ضاربة الجذور في نضال الحركة الطلابية .
خلف الله أشار إلى أن معاداة الحزبية والأحزاب ليس حصرا على السودان، مشيرا إلى أنها خطة استخباراتية تستهدف دول العالم الثالث سيما ذات الثروات والموارد لإضعافها وإضعاف مجتمعاتها واستهداف موروثها الثقافي والديني .

تجريم وشيطنة :
القيادي بالحركة الشعبية شمال جناح الحلو محمد يوسف المصطفى، يذهب في تصريح لـ(النورس نيوز) إلى أهمية الأحزاب السياسية في العملية السياسية الديمقراطية، لأن أي شعب مكون من شرائح مختلفة قد تختلف طبقيا مهنيا أو غيرها، لذلك من الصعب أن يعبر عن تلك الاختلافات حزب واحد، لافتا إلى أن الأحزاب مهمة لتطوير العملية الديمقراطية .

المصطفى انتقد بعض الأحزاب السياسية وقال إن بعضها ساهم بشكل أساسي في وأد الديمقراطية بالبلاد، مشيرا إلى أن بعض أحزاب حكومة الفترة الانتقالية تواطأت مع العساكر لتنفيذ أجندتها الخاصة، أو تنفيذ أجندة دول أخرى، وانصرفت عن تحقيق شعارات ثورة ديسمبر المتمثلة في الحرية والسلام والعدالة، لذلك تم تجريم بعضها وشيطنة الأخرى، لافتا إلى أن بعض قادة الأحزاب السياسية يتحدثون عن شيطنة الأحزاب هروباً من النقد.

تعليق واحد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *