شعور لا يحس به إلاّ من يعانيه.. الرسوب الدراسي بين الألم والأمل

استشاري نفسي: الأسرة السودانية لا تجيد التعامل لا مع النجاح ولا مع الفشل

خبيرة تربوية: ارتباط وثيق بين الرسوب والفشل الدراسي

مراقبون: الملحق فرصة وليس حلاً

الصيحة ـ أفكار جبريل

**النتيجة رسوب.. من أكثر العبارات التي تسبب الشعور بالحزن والإحباط لكل الراسبين ومن خلفهم أسرهم.. الفشل الدراسي أمر طبيعي قد يمر به كل شخص منا في مرحلة دراسية ما وله عدة عوامل نفسية واجتماعية وصحية ومعنوية تؤثر على تحصيل وأداء بعض الطلاب والطالبات.. ووصولهم للرسوب قد يفاقم حالتهم النفسية إذا لم يجدوا معالجات ممن حولهم سواء الأسرة أو المدرسين.. وهناك من يقول إن الفشل يعود إلى الركود والتدني في كل المستويات التي تمر به بلادنا خاصة وان التعليم واجه كثيراً من الصعوبات في مقدمتها التعطل الطويل والمستمر للعام الدراسي بسبب التظاهرات والأمطار والسيول وانهيار عدد لا يستهان به من المدارس.. بعد ظهور نتيجة شهادة الأساس وقرار الوزارة بأن هذا العام آخر عام لنظام الصف الثامن مما دفع الوزارة إلى منح الطلاب الراسبين الذين لم يحالفهم الحظ فرصة للجلوس لامتحان الملاحق..عبر هذا التحقيق جلسنا مع بعض الخبراء لمعرفة الآثار المترتبة على الفشل الدراسي خصوصا بعد هذا القرار.. وكيف نتعامل مع الطلاب الراسبين حتى يخرجوا من دوامة الرسوب وآثارها السالبة ويصلوا إلى بر الأمان بالنجاح و الفلاح**

حالة توجس

علق استشاري الطب النفسي والعصبي علي بلدو على هذه القضية من الجوانب النفسية، مشير إلى أن الأسرة السودانية في كثير من الأحيان لا تجيد التعامل مع الحالات الخاصة سواء أكانت نجاحاً أو فشلاً وقال: “الأسرة السودانية لا تجيد التعامل مع النجاح ولا مع الفشل الدراسي والأكاديمي مما يجعل الطالب في حالة من التوجس منذ بداية الامتحانات وحتى ظهور النتيجة ويعيش في حالة قلق وتوتر وعدم الراحة التي تؤثر حتى على الصحة وتسبب له بعض الأعراض النفسية ويكون عرضة للأمراض العضوية ويزيد عليه العبء عندما يطلق الأعمام والخيلان لقب يا دكتور ويا مهندس وغيرها، ما يرتب على التلميذ أعباء نفسية كبيرة” ..وأضاف : “الفشل الدراسي يسبب العديد من المشاكل بين الآباء والأمهات وأحيانا يصل لمرحلة الطلاق” مشددا على أهمية التعامل مع الأطفال بحكمة والابتعاد عن الألفاظ التي تقلل من شأنهم مثل لفظ (يا بليد أو يا بليدة)، وقال : “علينا منح الثقة في الأبناء وتشجيعهم وضرب المثل بمن اخفقوا واصبحوا رموزا في المجتمع يشار لهم بالبنان”..

أمر طبيعي

ويقول الخبير التربوي الهادي السيد إن الفشل الدراسي أمر طبيعي يحدث في كل ولاية ومحلية ومكان ويوجد الذكي ومتوسط الذكاء وضعيف الذكاء، وهناك كثير من العوامل تؤثر أهمها الكتاب والمعلم والمكان، والمسؤولية مشتركة بين المدرسة والبيت، ولفت إلى أن الوزارة أرادت معالجة الإخفاف الذي حدث لبعض طلاب الأساس بمنحهم فرصة ثانية كون أن هذا العام مثل العام الأخير لمرحلة الأساس بعد عودة المرحلة المتوسطة، وقال: “الوزارة ما قصرت أعطت فرصة للراسبين والفشل بعد الملحق أمر حزين والملاحق دائماً بتكون أخف والآثار موجودة في حالة الفشل بعد الملحق والظروف بتتجدد والرسوب بعد الملحق صعب على المدرسة والأسرة”.

ايجابيات وسلبيات

تقول الخبيرة التربوية الشفاء عبدالقادر حسن:إن هذه تعتبر المرة الأولى التي يجلس فيها تلاميذ مرحلة الأساس لامتحان الدور الثاني، وهي لها سلبيات وابجابيات

مشيرة إلى أن من الايجابيات التخلص من نظام الثماني سنوات والعودة للمرحلة المتوسطة فضلا عن اعطاء التلاميذ الفرصة للحاق بدفعتهم، ومنح فرصة لأولياء الأمور لبذل المزيد من الجهد تجاه أبنائهم لتحصيل النجاح.

واوضحت ان السلبيات تتركز حول التلميذ وذلك باحتياجه للإعداد النفسي لامتحان الدور الثاني، والمصير المجهول لمن يرسب في هذا الامتحان، وقالت: “عندما حددت الثماني سنوات لمرحلة الأساس كان الهدف محو الأمية والتخرج في عمر العمل ١٥ عاماً، ولكن مناهج مرحلة الأساس لم تضف أي مهارات عملية تساعد التلاميذ على العمل بنهاية المرحلة”. واقترحت اضافة بعض المواد الفنية للمرحلة المتوسطة كاللحام والنجارة للبنين والخياطة والاقتصاد المنزلي للبنات.

الفشل الدراسي

ويقول الخبير التربوي ياسر عبدالله إن الرسوب هو عدم حصول التلميذ على نقطة تساوي أو تفوق عتبة محددة في 50% من النقطة الاجمالية المحددة في الامتحانات الدورية أو النهائية بهذا المعنى يمكن لتلميذ أن يرسب عدة مرات خلال السنة دون أن يكرر، أما التكرار فهو القرار الذي يؤخذ في حق تلميذ في آخر السنة يقضي بضرورة معاودة المستوى الدراسي وذلك بناءً على نتائج معالجة الدرجات النهائية والدرجات الاجمالية المتحصل عليها طلية السنة الدراسية.

وبين أن الرسوب يعني الاخفاق في اجتياز امتحان من الامتحانات وعدم التفوق فيها من نتائج الرسوب التكرار، أي إعادة نفس الصف من طرف التلميذ لتحصيل نفس المستوى الذي حاول تحصيله بالفعل في السنة المنصرمة، فيتخلف بالتالي هذا التلميذ دراسيا عن زملائه من الناجحين، كما يتخلف عن المستوى التحصيلي الذي كان سيستفيد منه لولا رسوبه أولا و تكراره كنتيجة لذلك. وهكذا نرى مدى الارتباط الوثيق بين الرسوب و الفشل الدراسي.

ويعتبر الفشل الدراسي من الواجهة التربوية حالة ناجمة عن تراكم التعثرات الدراسية لدى التلميذ أثناء التحصيل الدراسي في مادة أو مجموعة من المواد الدراسة وغالبا يكون هذا التلميذ عرضة للتكرار أو الرسوب والانفصال عن الدراسة ويتجلى التخلف الدراسي في عدة مظاهر يمكن ملاحظتها عند التلميذ أثناء تفاعله مع عناصر الفصل كصعوبة الفهم او ضعف في عملية القراءة والكتابة أو غياب المشاركة داخل الفصل أو الفتور وعدم الاهتمام بالدراسة مما ينعكس سلبا على نتائجه الدراسية.

واعتبر المواطن عبد العظيم عركي ان ملحق امتحانات مرحلة الاساس يعد فرصة للأسر ليلحق أبناؤها بدفعتهم خصوصا مع وضع التعليم والبلاد، ويبين أن على الأسرة ان تعمل على اعداد ابنها بصورة جيدة للامتحان واعطائه جرعات ثقة في النفس بانه حتى لو لم ينجح فلن تكون هناك مشكلة..

قالت رانيا الأمين : “لا يوجد طالب بليد فقط هناك من يكون متوترا وخائفا من الامتحان ويجب على الأسرة تطمينو والأستاذ يقول ليهو أبدأ بالحاجة العارفة”.

شعور محزن

وقالت آمنة أحمد انها احست بكل الحزن وطعم الخسارة عندما علمت ان ابنها رسب في الامتحان، وقالت: “الرسوب شعور محزن ولا يحس به إلاّ من جربه، خصوصا عندما تكون متوقعاً النجاح لابنك”.. واضافت: “الملحق فرصة أتمنى التوفيق لكل أبنائنا وبناتنا فيه”.

ويرى مراقبون أن الملحق لأول مرة قد يكون فرصة ولكن ليس حلاً ويجب مراجعة المناهج والبيئة المدرسية وعدم إجبار التلاميذ على مجال معين لأن أي شخص مميز في نوع معين من المجالات وضعيف في البعض..

ويرى آخرون أن سبب الفشل الدراسي الأسرة نفسها والضغط على التلاميذ ويجب تغيير المفاهيم الخاطئة في العملية التعليمية والاستفادة من التجارب السابقة.

الخرطوم : النورس نيوز

Exit mobile version