تقارير

محاولات المدنيين لإعادة العسكر.. هل تكون الحل الأخير للخروج من الأزمة؟

مبادرة جديدة تأتي على وقع خلاف سياسي حاد حول السلطة، حيث يتمسك المكون العسكري باقحام نفسه في العملية السياسية راهناً تسليم مهام السلطة لأية حكومة بإجراء الانتخابات، في وقت يرفض فيه المكون المدني الأمر ويطالب بخروج العسكر من العملية، فالخلاف مازال مستمراً ولم تفلح الجهود الأممية في التوصل إلى حل بشأن هذه المسألة الحاسمة، مما يجعل المبادرة الجديدة ربما تواجه خطر الفشل الذي واجهته المبادرات السابقة.
تكتل سياسي
وبدأت قوى سياسية مختلفة في السودان مساعي حثيثة للإعلان عن تكتل سياسي جديد يعمل على تشكيل الحكومة وإدارة الفترة الانتقالية. وبحسب وسائل إعلام محلية فإن الخطوة تجد مباركة من رئيس مجلس السيادة عبد الفتاح البرهان، ويضم التكتل السياسي الجديد قوى سياسية شاركت نظام الرئيس المعزول عمر البشير الحكم حتى إسقاطه قبل ثلاثة أعوام، إلى جانب حركات مسلحة وقعت على اتفاق السلام بجوبا ومنشقين عن قوى الحرية والتغيير المجلس المركزي، وذكرت وسائل الإعلام المحلية أن الحكومة المرتقبة ستحظى بسلطات واسعة، مشيرة إلى أن المجموعة تعكف على صياغة ترتيبات دستورية تحكم الفترة الانتقالية وتفتح الطريق لتكوين حكومة انتقالية لا تقصي الجيش.
تحركات خارجية
وتأتي تلك التحركات في ظل تحركات لسفراء الولايات المتحدة جون غودفري والمملكة المتحدة جايلز ليفر والسعودي علي بن جعفر، لتقريب وجهات النظر بين الفاعلين السودانيين لحل الأزمة السياسية ومساعدة الخرطوم على المضي قدماً في عملية الانتقال.
أهداف المبادرة
وغاية المبادرة توسيع دائرة التواصل والمشاركة مع الجميع، وهي تعكس الرغبة في توحيد الجهود والاتفاق على القيم والمبادئ الوطنية والاستعداد للبناء، ولكن يظل السؤال القائم هو: هل يمكن لهذه المبادرة أن تنجح وتلقى استجابة، لا سيما في ظل المبادرات الأخرى سواء من الداخل او الخارج؟ كما تهدف المبادرة إلى تحقيق أهداف رئيسة تتمثل في الحفاظ على السيادة الوطنية وتحقيق تطلعات الشعب في إجراء الانتخابات والتأكيد على منع اللجوء إلى العنف ومنع أية مواجهات بكافة أشكالها، والتعاون الكامل في مكافحة الفساد وإنعاش الاقتصاد الوطني وتحسين الخدمات للمواطنين، وهذه في الحقيقة نقاط شاملة وكاملة وهي في غاية الأهمية وربما لا خلاف عليها أصلاً، ولكن المعضلة الرئيسة ليست فقط الانتخابات، ولكن أيضاً الوضع العام في البلاد، حيث يثار السؤال حول مدى واقعية مثل هذه المبادرة في ظل الوضع الأمني المعقد في البلاد، بالإضافة إلى الانقسام داخل الكيانات السياسية.
تنازلات
ويعبر المحلل السياسي د. راشد المبارك عن تفاؤل كبير بأن تحمل المبادرة بوادر أمل للخروج من نفق الازمة، وقد تكون مشجعة حيث عبرت الأطراف السياسية عن رغبتها في التوصل إلى حلول وسط. وهنا تتكسب المبادرة بعداً آخر، لأنها تدعم الجهود الإقليمية لتذليل العقبات أمام حل المعضلة السياسية، وقال لـ (الإنتباهة): (توسيع قاعدة المشاركة لتشمل كل القوى دون استثناء بما فيهم العسكريون امر مهم، لجهة ان الكثير اقر بأنه لا حلول للازمة اذا ظل البعض يتمسك بخروج العسكر، ولكن يبقى على جميع الأطراف الحريصة على حل الأزمة وإنهاء معاناة الوطن والمواطن، أن تتجاوب إيجابياً مع المبادرة بما يتطلبه ذلك بالطبع من تقديم تنازلات).
تعارض
وذكرت التسريبات تولي الخبير القانوني ورئيس لجنة التحقيق في فض الاعتصام نبيل أديب الترتيب للاجتماعات الخاصة بالتكتل بجانب الصياغة القانونية للاتفاق المرتقب، الأمر الذي اثار انتقادات لمشاركة اديب في امر الصياغة لجهة توليه لجنة التحقيق في فض الاعتصام، الا ان القانوني نبيل اديب اكد عدم تعارض العمل، وقال في رد مقتضب لـ (الإنتباهة): (انا لا اعمل مع وزارة العدل ولدي حرية العمل مع اية جهة)، لافتاً إلى ان مشروع الاعلان السياسي مازال مجرد مبادرة وتسعى لمنح السلطة للمدنيين، قاطعاً بانها ليست تسوية سياسية لتمكين العسكر كما يدعى البعض، مشيراً الى انه سبق ان عمل مع قوى الحرية والتغيير.
استمرار الأزمة
ولكن بحسب قراءات تحليلية لأستاذ العلوم السياسية الضو ابراهيم فإن المعطيات الراهنة للمبادرة الجديدة غير قابلة لأن تشكل قاعدة مقبولة للتوافق السياسي في السودان، وتوقع استمرار الأزمة السياسية وارتفاع موجة الاحتجاج في الشارع، وذلك لعدم وجود بوادر صلح بين مكونات الصراع (المدنيين والعسكريين)، مشيراً في حديثه لـ (الإنتباهة) الى ان المؤسسة العسكرية تتمسك بوجودها في العملية السياسية، وبالمقابل ترفض القوى المدنية (لجان المقاومة) هذا الامر، وتطالب بخروج العسكر من العملية السياسية وعودتهم للثكنات.

الخرطوم : النورس نيوز

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *