جرس إنذار.. المبعوث الأممي ينافح بـ”القلم” لحلحة أزمة السودان

إشادات بموقف الجيش لاستعداده الانسحاب من الحياة السياسية وانتقادات مبطنة للقوى السياسية في السودان، لمسؤوليتها عن “تعثر” التوصل لاتفاق.

تلك الإشادات والانتقادات حملها مقال للممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة في السودان فولكر بيرتيس، نشره موقع البعثة، وتناقلته وسائل الإعلام السودانية، وطرح فيه تساؤلات حول الوضع السياسي في البلد الأفريقي، وفرص التوصل لحلول للخروج من الأزمة الحالية.
“فالوقت لم يعد في صالح السودان”، بحسب المسؤول الأممي، الذي حذر من أن حالة الانسداد السياسي ستؤدي إلى خسارة المزيد من المكاسب الوطنية التي تحققت مؤخرًا، مشيرًا إلى أن تقرير نادي باريس الصادر بتاريخ 14 يونيو/حزيران الماضي أكد أن إحراز تقدم في عملية إعفاء الديون، التي تبلغ 56 مليار دولار، هو أمر مستحيل في ظل الظروف الراهنة.

وأكد المسؤول الأممي، يحسب عين الاخبارية أن تعثر الاتفاق يمنع السودان من الاستفادة من المساعدات التنموية الدولية ويُعيق الاستعادة الكاملة للعلاقات مع المؤسسات المالية الدولية، كما يحُد من قدرة الأمم المتحدة على المساعدة في حشد التمويل الدولي لدعم الاستقرار والتنمية أو تنفيذ اتفاقات السلام.

ورغم أن فولكر بيرتيس تعهد بمواصلة الأمم المتحدة، والآلية الثلاثية، تقديم الدعم غير المحدود لكل الجهود السودانية التي تهدف لتجاوز الأزمة والوصول إلى حل، إلا أنه قال إن تلك المؤسسات الأممية لن تكون أكثر توقًا إلى التوصل لتفاهم من السودانيين أنفسهم.
خارطة طريق

وأشار إلى أن هناك خطوات يتوجب القيام بها قبل أن نتمكن من تقديم المساعدة الفنية أو حشد الدعم الدولي لدعم تنفيذ اتفاق جوبا للسلام والمساعدة في بناء السلام المستدام في المناطق التي خرجت من النزاعات العنيفة؛ أبرزها تقديم الدعم لمفوضية الأراضي أو مفوضية نزع السلاح والتسريح وإعادة الدمج في دارفور.

إلا أنه قال إن الأمم المتحدة لا يمكنها إنشاء مثل هذه المؤسسات، كونها شأنًا سياديًا يتفق حوله ويقرره السودانيون، مضيفًا أنه يلزم إنشاء مفوضية السلام أو مفوضية العدالة الانتقالية أو مفوضية مكافحة الفساد، كجزء من الاتفاق السياسي الذي يتعين تنفيذه.

وأكد أن هناك قضايا أخرى ينبغي التعامل معها في سياق أي اتفاق سياسي؛ أبرزها إنشاء مفوضيات: الانتخابات، والعدالة الانتقالية، ومكافحة الفساد، وغيرها، وتنفيذ اتفاق جوبا للسلام، واستكمال وترسيخ عمليات السلام، والتخطيط لعملية دستورية، أو قضية بدء حوار وطني شامل للتعامل مع المسائل الهيكلية التي تُـرِكَت دون حل لفترة طويلة مثل توزيع الثروة والعلاقة بين المركز والأطراف.
حكومة فعالة

إلا أنه قال إن إنجاز مثل هذه القضايا يتطلب حكومة مدنيّة فعّالة ومقبولة، داعيًا كل الأطراف لإظهار المزيد من الالتزام والإرادة السياسية. وأكد أن المشاركة الشاملة في العملية السياسية أمر يمكن للقوى السياسية السودانية إنجازه من خلال ضمان التشاور مع أكبر قدر ممكن من الفاعلين وأصحاب المصلحة القريبين منها.

وفيما قال إن قضية إنجاز العدالة والعدالة الانتقالية، “ضرورية للغاية”، لتثبيت أساس الاستقرار في السودان، حذر من تجاهل تأثير الفراغ السياسي في الخرطوم وتبعاته “المُدمرة” في دارفور والدمازين وكادوقلي وكسلا وغيرها من أجزاء البلاد.
شرط أممي

وطالب بضرورة الإسراع في إيجاد حل، من شأنه معالجة الشواغل الكبرى خارج العاصمة السودانية، وتوفير أسرع الطرق لضمان رفاه وأمن الشعب السوداني.

وشدد على أن الأمم المتحدة ستظل مستعدة لدعم الأطراف السودانية، قائلا: “إن قام السودانيون بما يلزم لتجسير الخلافات بينهم، فإننا حتمًا سنكون بجانبهم”.

ويعيش السودان أزمة سياسية “حادة” منذ قرارات قائد الجيش الفريق أول ركن عبدالفتاح البرهان، ‏التي قضت بحل الحكومة الانتقالية وفرض حالة الطوارئ بالبلاد وتجميد بعض بنود الوثيقة ‏الدستورية، في خطوة وصفها بأنها تصحيحية لمسار الثورة.‏

ومع تصاعد موجة الاحتجاجات الرافضة لتلك القرارات، ألغى البرهان حالة الطوارئ وأفرج ‏عن المعتقلين السياسيين في إجراءات هدفت لتهيئة مناخ الحوار الذي تسيره آلية ثلاثية مكونة من ‏الاتحاد الأفريقي ومنظمة الإيجاد وبعثة الأمم المتحدة بالخرطوم “يونيتامس”.‏

لكن البلاد دخلت في حالة من الجمود السياسي بعد أن توقف التفاوض الذي كانت تديره الآلية ‏الثلاثية، إثر انسحاب الجيش من هذه العملية بغرض إفساح المجال للقوى السياسية لتشكيل ‏حكومة مدنية لن تشارك فيها القوات المسلحة.‏

الخرطوم : النورس نيوز

Exit mobile version