تقارير

توقعات بإعلانه اليوم.. الاتجاه لتشكيل مجلس أعلى للقوات المسلحة.. ماذا وراء الخطوة؟

تواترت أنباء عن اتجاه رئيس مجلس السيادة الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان للإسراع بإصدار مرسوم يفضي إلى تشكيل مجلس أعلى للقوات المسلحة، وسط توقعات أن يصدر القرار خلال الأيام القليلة القادمة، وحال اقدم البرهان على هذه الخطوة يكون فعلياً قد بدأ في ترجمة خطابه قبل شهر، الأمر الذي يفتح باب التساؤلات حول مصير حاملي السلاح المنضمين بموجب اتفاق سلام جوبا، وكذلك الدوافع وراء ذلك، رغم غياب الجهاز التنفيذي منذ إجراءات البرهان في (25) أكتوبر الماضي.
(1)
وبحسب مصادر عسكرية عليمة فضلت حجب ذكرها قالت لـ (الانتباهة) أن مسار القرار مختلف عن تشكيل الحكومة الذي لن يتجاوز منتصف الشهر الجاري بعد الفراغ من دمج المبادرات وتقديم رؤية موحدة واختيار رئيس للوزراء، وهو بمثابة تأكيد على خطوات البرهان في ما يتعلق بانسحاب الجيش من المشهد السياسي والقيام بمهام الأمن والدفاع، وكشفت المصادر أن هناك قراراً اليوم (الجمعة) أو على أقصى تقدير بعد غدٍ (الأحد)، وان الخطوة تعني حل مجلس السيادة تلقائياً وان الحركات الموقعة المسلحة ستحافظ على نصيبها في الحكومة التنفيذية مع تفاهمات أخرى جارية الآن.
ويترقب الشارع السوداني أن يكون أغسطس الجاري حاسماً لمصير تقديم حلول ناجعة، وذلك للدفع بوتيرة الفترة الانتقالية والاتجاه للانتخابات على أمل أن يتم تقديم معالجات ولو مؤقتة للإشكاليات الاقتصادية التي تمضي على شفا الانهيار.
ومن المتوقع أن يحافظ الجنرالات الأربعة بالسيادي حميدتي والكباشي وجابر والعطا على وجودهم بالمجلس المرتقب، وذلك من واقع مهامهم والملفات التي تتطلب وجودهم، حيث أن حميدتي سيكون متواجداً بصفته قائد قوات الدعم السريع، أما الفريق أول ركن شمس الدين الكباشي سيكون وجوده بصفته نائب قائد الجيش بعد تعديل نظام القوات المسلحة إلى هيئة أركان موحدة عقب الإطاحة بالبشير، وفي ما يتعلق بالفريق إبراهيم جابر فيبدو أن خروجه غير وارد، وذلك لتمسكه بملفات مهمة مثل التواصل مع دول افريقية وكذلك الملف الاقتصادي، فيما سيكون العطا أيضاً موجوداً، وسيضاف رئيس الأركان بجانب مديري الأجهزة الأمنية وقادة الوحدات العسكرية ووزيري الدفاع والداخلية.
(2)
السؤال الصعب الذي يتبادر إلى الذهن مباشرة كلما ذكر تشكيل هذا المجلس هو وضعية حاملي السلاح بالمشهد الجديد، خاصة أن المجلس الأعلى للقوات المسلحة تخضع اختياراته للتراتبية العسكرية الروتينية، وهنا يقول مراقبون انه قطعاً تمت مفاهمات معهم وكذلك إمكانية استيعابهم ولو بشكل تنسيق مع المجلس، وذلك في ما يتعلق بأحد اهم البنود التي وردت باتفاقية السلام والمتعلقة بالترتيبات الأمنية بالدمج وصولاً لجيش وطني، الأمر الذي يعني انهم سيكونون موجودين ولو في شكل لجان تنسيق، وأيضاً سيتم الاحتفاظ بنسبهم في الحكومة المرتقبة من واقع الجهود والتحركات التي ينشط بها موقعو اتفاقية السلام عبر قوى الحرية والتغيير مجموعة الميثاق بتواصلهم مع القوى السياسية المختلفة في سبيل إحداث اختراق بالعملية السياسية، وصولاً إلى توافق ثم تشكيل حكومة.
(3)
الخبير العسكري اللواء (م) أمين مجذوب مضى إلى تعريف الخطوة، وقال إن المجلس سيكون عسكرياً ومهنياً وذا طبيعة فنية، ويختص بالإشراف على أعمال وانفتاح القوات المسلحة، ويترأسه القائد العام للجيش أو وزير الدفاع، ويشمل قادة الوحدات والتشكيلات، وتابع قائلاً: (يعني سيقوم بالأعمال الروتينية في حالة السلم والعسكرية في حالة الحرب، وقادة الحركات المسلحة سيكونون بالمشهد وذلك لضرورة الترتيبات الأمنية عبر قواتهم في الجيش، ثم يتحول قادة الحركات إلى جسم سياسي).
ويصف مجذوب في حديثه لـ (الإنتباهة) خطوة التشكيل المرتقبة بأنها بمثابة تأكيد على خروج الجيش من المشهد السياسي، وأوضح أن طبيعة ومهام المجلس الأعلى للقوات المسلحة هي التي ستحدد موقع الجيش في العملية.
فيما يري الخبير السياسي عبد الرحمن خريس أن المرحلة القادمة ستكون حاسمة وبحاجة إلى ترتيب وتنظيم الجيش لقيادة الفترة المقبلة، وان الخطوة حال تمت ستندرج ضمن التأكيد على خروج الأجهزة العسكرية من المشهد السياسي والانكفاء على المهنية بتقلدهم مهام الأمن والدفاع. ولكن خريس عاد وقال إن هذا لا يعني أن الجيش سيكون بعيداً عن المشهد، ولكنه سيكون مراقباً للعملية السياسية للفترة الانتقالية، وسيعود بشكل كامل إلى ثكناته عقب الانتخابات.
وخريس لا يتوقع أن تجد الخطوة أية معارضة سواء من القوى المدنية أو الحركات، والأخيرة ستتماشى مع القرار بموجب اتفاق السلام المبرم بجوبا، وحقهم ظل وسيظل في الحكومة التنفيذية إلى انتهاء الفترة الانتقالية.
(4)
وفي الرابع من يوليو الماضي خرج البرهان بقرارات وصفها المراقبون حينها بالمهمة والحاسمة حال تم تنفيذها، حيث اعلن انسحاب الجيش من العملية السياسية وحل مجلس السيادة وتشكيل مجلس أعلى للقوات المسلحة، وبعدها بـ (48) ساعة اعلن الرجل إعفاء المدنيين من مجلس السيادة ليقتصر المجلس على العسكريين وقادة الحركات المسلحة الموجودين به، في خطوة عدها المراقبون حينها بمثابة التمهيد لتأكيد قراراته.
والبرهان بحسب ما أبانت تسريبات خلال الأيام الماضية أمهل القوى السياسية فترة تبدأ من تاريخ صدور قراراته وحتى الرابع من أغسطس ، ثم مددها لعشرة أيام إضافية في انتظار ما يسفر عن توحيد المبادرات قبل الخامس عشر من الشهر الجاري.
وبالإشارة إلى خطاب البرهان فإنه قال إن تشكيل المجلس الأعلى للقوات المسلحة سيكون عقب التوافق، وهو ما جعل السؤال قائماً عن مغزى الإسراع بالخطوة، خاصة انه كان من المتوقع أن تتأخر حتى تشكيل الحكومة التي تؤدي القسم أمام مجلس السيادة، ثم يتم حل المجلس تلقائياً لتشكيل مجلس أعلى للقوات المسلحة.
وهناك مراقبون اعتبروا أن الخطوة بمثابة تحذير قوي للقوى السياسية، لأن الزمن يمضي والأزمات تتفاقم، وان القوات المسلحة لن تنتظر لإضاعة المزيد من الوقت، وتأكيد كذلك على أن أغسطس سيكون حاسماً في تشكيل خريطة المشهد السياسي بالبلاد.

 

 

الخرطوم : النورس نيوز

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *