الأخبار الرئيسيةتقارير

بعد النيل الأزرق.. شبح الحرب الأهلية يهدَّد السودان

الخرطوم – هبة علي

 

بصورة رآها البعض متوقعة اندلعت أحداث العنف المأساوية بولاية النيل الأزرق  مُخلفةً خسائر في الأرواح والممتلكات، وسط عجز شبه تام من السلطات والأجهزة الأمنية، ليُشبه المشهد التراجيدي مشاهد أخرى حدثت بشرق البلاد وغربها، الأمر الذي جعل الكثيرين يبدون مخاوفهم من إندلاع حرب أهلية بالبلاد، فيما أكد البعض أن هذه الأحداث نواة لحرب قادمة..

 

* النيل الأزرق.. الصراع والضحايا

وقد وقعت اشتباكات الجمعة الماضية بين قبيلتي البرتي والهوسا بمنطقة قيسان الحدودية مع دولة إثيوبيا، بسبب ايلولة الإدارة الأهلية، مما أسفرت عن مقتل 14 شخصا وجرح العشرات.

لتستمر الاشتباكات حتى أمس السبت ويرتفع عدد القتلى إلى 33 بحسب تقارير وزارة الصحة الصادرة ليلة أمس، وأشارت إلى أن التقرير الوارد من وزارة الصحة بإقليم النيل الأزرق أشار لارتفاع الوفيات جراء الصراع القبلي إلى 33 والإصابات إلى 108، فيما تم تحويل5 إصابات خارج الإقليم.

وأعلنت وزارة الصحة الإستنفار وتشكيل غرفة طواريء 24 ساعة، وقالت إنها شكلت فريق استجابة سريعة بالتنسيق مع رئاسة مجلس الوزراء، ومنظمة الصحة العالمية واطباء بلا حدود البلجيكية والفرنسية واللجنة الدولية للصليب الأحمر، وأنه تم توفير كل المعينات عبر الامدادات الطبية والشركاء، كما تم استنفار الكوادر الطبية العاملة بالولاية للتوجه لمستشفى الدمازين.

وبالعودة لأصل الصراع قال قيادي من قبائل الهوسا لتقارير إعلامية “طالبنا بأن تكون لنا إدارة أهلية ورفضت (قبائل) البرتي ذلك وتحرشوا بنا”؛ في المقابل، رد قيادي من البرتي أن “الإدارة الأهلية تعطى لصاحب الأرض وهذه أرضنا كيف إذن نعطي الإدارة للهوسا”.

 

 

* إجراءات أمنية.. سابقة

وكانت لجنة الأمن بالولاية أكدت في بيان ليل الجمعة- السبت أن الاشتباكات جرت بين قبيلتي البرتي والهوسا في مناطق قيسان والرصيرص وبكوري وأم درفا وقنيص بولاية النيل الأزرق.

وتابع البيان أن السلطات الأمنية في الولاية فرضت حظر تجول بمنطقة الرصيرص من الساعة 18,00 إلى الساعة 06,00 بالتوقيت المحلي، كما أصدر حاكم النيل الأزرق أحمد العمدة قرارا “بحظر التجمعات والمواكب لمدة شهر” اعتبارا من الجمعة الماضية.

ومن ناحيته، حمّل العمدة من وصفهم بدعاة الفتن ومثيري خطاب الكراهية والعنصرية مسؤولية الصراع القبلي.

 

 

* ظلال سياسية.. ودعوة للتعايش

أحداث النيل الأزرق وجدت اصداءا واسعةً ترتب عليها دعوات أممية للتعايش واتهامات من جهات لجهات أخرى، حيث طالب موفد الأمم المتحدة إلى السودان فولكر برثيس بـ”إجراءات ملموسة للسير نحو تعايش سلمي”، داعيا إلى “وقف الأعمال الانتقامية”.

وفي تغريدة على تويتر أمس ، عبّر  بتريس عن حزنه وقلقه إزاء أحداث العنف، وحث المجتمعات في النيل الأزرق على ضبط النفس والامتناع عن الانتقام، حسب تعبيره.

وأتت الاتهامات من عدة جهات محملة جهات أخرى مسؤولية الأحداث بل وبعضها اتهم جهات بالضلوع فيها والوقوف من خلفها، فالحزب الشيوعي على سبيل المثال وجه اتهامات إلى الحركة الشعبية جناح مالك عقار بممارسة الإستقطاب الحاد ما بعد اتفاق سلام جوبا المزعوم، مستميلة بعض المكونات القبلية وآخرها قبيلة الهوسا التي كان نصيبها امارة لاهلها، لتلتحق بركب المؤيدين لمالك عقار وحركته.

وحمل الشيوعي سلطات إقليم النيل الازرق المسؤلية كاملة في تراخيها في حماية المواطنين والتغافل عن بوادر الأزمة التي إمتدت لأكثر من شهرين وعمليات التحشيد القبلي التي تمت والتسليح الذي ساهم في إشعال الفتنة ونزيف الدم، داعياً الى تكوين لجنة قانونية للنظر في أصل الصراع الدائر الآن وتحديد من قام بعملية التسليح ومصادر السلاح.

 

 

* تجييش القبائل.. وانتشار الصراع

الخبير الأمني والعسكري الفريق جلال الدين تاور قال إن الصراعات القبلية تكاد تشمل كل السودان من شرقه إلى غربه إلى ولاية النيل الأزرق،مشيراً إلى أن صراعات الأخيرة دافعها الإدارات الأهلية واقامتها في أراضي الغير.

ولفت تاور بحديثه لـ(النورس نيوز) إلى وجود جهات سياسية تدعم فئات في الصراع على حساب فئات أخرى كما حدث في حقبة نظام الإنقاذ بغرب البلاد، قاطعاً بأن دخول السياسة بين القبائل هو السبب ويمكن أن يقود بشكل مباشر إلى حرب أهلية.

وتابع: النظام السابق (الإنقاذ) استخدم الإدارة الأهلية لتسليح وتجييش القبائل، ولابفترض أن يحدث ذات الأمر في عهد الحكومة المدنية،منوهاً إلى أن هنالك إدارة أهلية راسخة وقديمة، والجديدة يجب أن تكون بالتوزيع الحغرافي.

وشدد تاور على أهمية تدارك الأمر من قِبل المركز عبر مجلس الأمن الدفاع، وإن لايترك للجانب الولائي بل ويجب أن يُسأل عما حدث.

 

 

 

*نواة لحرب.. وإضعاف المركز

المحلل السياسي د. عبد الناصر سلم اعتبر الصراعات القبلية واحداث النيل الأزرق بوجه الخصوص نواة لحرب أهلية بسبب غياب الدولة وقوفها عاجزة عن حماية المواطنين الذين يتعرضون للقتل من قبل مواطنين آخرين.

وقال سلم لـ(النورس نيوز)؛ إن الأحداث لم تكن مفاجئة، بل سبقتها دعوات بمؤتمرات لإخراج قبائل من منطقة النيل الأزرق وسط سمع ومرأى السلطات،لافتاً إلى تمركز أبناء المنطقة واصفافهم مع قبائلهم، مؤكداً أن هذا خطأ من المركز في التعيين والتوزيع الجغرافي.

وأشار سلم الى ان الولاية لا تتحرك إلا بعد تعليمات المركز الذي لم يحرك ساكناً، الأمر الذي قال إنه سيقود إلى إضعاف ذات المركز وتقوية الهامش بالصراعات،مستدركاً ضعف اتفاقية سلام جوبا بعدم مخاطبتها لجذور الأزمة بالولاية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *