الإصلاح السياسي بالسودان… الحرث في البحر

تقرير إخباري – النورس نيوز

تعتبر عملية الاصلاح السياسي بالسودان عملية معقدة لطبيعة المكونات السياسية الموجودة بجانب عدم توفر الاراده لإجراء إصلاح حقيقي بالنظام السياسي وعلي مر الحقب ظلت المكونات السياسية تتجنب الحديث عن إصلاح باعتبار الامر خصم علي بعض القوي السياسية ويضيق من أرضية وجودها الذي بني في اغلبه علي المصالح وتحقيق مكاسب الذات .
ويري مراقبون بان السودان بات يفتقر للتوعية داخل أنظمته السياسية والاحزاب وهذا بسبب منهج المحاصصات الذي ظل ديدن الحكومات المتعاقبة بالسودان حتي الآن.
وظل الفكر السياسي السوداني ، يتجنب الحديث عن الاصلاح باعتباره مفهوماً أقل من طموحات العملية السياسية والتطور الذي اختطه السودان منذ الاستقلال عام 1956.
ولا شك أن التعدد الحزبي احد أهم معوقات الاصلاح السياسي بالسودان حيث تقوم غالبية هذه المجموعات علي الطائفية أو القبلية ولا تقوم علي ديمقراطية حقيقية والواقع السياسي يؤكد ذلك.

جذور المشكلة
وعلي ما يبدو أن كل الأطراف والمكونات الإجتماعية بل وحتي السياسية تتفق علي أن الاحزاب السياسية هي أساس الأزمة السياسية بالسودان… بداية لأنها تعتمد علي طوائف او بيوتات كبيرة مما أدي لتكريس السلطة ف ايادي نخب معينة وخلق عدد من الإشكالات أدت لقيام مؤسسات او هيئات مطلبية ما يعرف مناطق الهامش هذا تسبب في صراع بين البيوتات او الاحزاب.ويجدر الاشارة هنا الي ان الصراع بين النخب ليس صراعا سياسيا فقط إنما صراع عقائدي مع هذه البيوتات…وتلك النخب أحد الأسباب لقيام الإنقلابات باعتبارها لا تملك القدرة علي تغيير الممارسة السياسية السائدة . وسابقا ظهرت عام ١٩٦٦ ما يسمي قوي الهامش ثم الثورة التي قادها نخب لكنها ثورة مؤسسية وليست شعبية استخدمت ثلاث أسلحة هي السلاح عنصري والسلاح الجهوي والسلاح الاخير هو سلاح الفقر .
الفقر الصحة والتعليم خدمات اساسية أقرب للمناداة بالعدالة الإجتماعية في زمن كان مفقودة…ولأن الخدمات تكرست بمناطق النفوذ ظهر مؤتمر البجا بالشرق …واتحاد جبال النوبة بالوسط …وجبهة نهضة دارفور ف دارفور . كان هؤلاء مناهضين للأحزاب التقليدية الثلاث بما فيها الاحزاب المستنيرة وهي الشيوعي..وفي ظل عدم تحديث شكل الحكم كان المطلب الحكم الفيدرالي.

علاج متعدد
ويختلف بعض المراقبين وشركاء الحكم في امكانية الحل..و فيما يري البعض ان ما يجري من مشاورات مدخل لحل الازمة، يري البعض الاخر ان ما يتم الان لا علاقة له بواقع الحال وانما هو أداة لكسب الوقت وتسيد جهة واحدة المشهد السياسي خلال الفترة القادمة،
أستاذ العلوم السياسية بجامعة النيلين د.فتح الرحمن أحمد يقول أن الحال الآن يشير بأن تعدد العوامل المؤثرة في أزمة السودان يعني عدم وجود علاج واحد وسهل للأزمةخاصة ان القوسي السياسيةلا تطرح خيار إصلاح الانظمة السياسية مما يعني عدم وجود احزاب ديمقراطية. ومع ذلك فإن الخطوة الحاسمة نحو الانتقال الناجح لحكم مدني تتمثل في إنشاء هياكل لإدارة وتخفيف حدة اختلاف المصالح والتوقعات من جانب القيادة السياسية المدنية-العسكرية ذات القاعدة العريضة. وتتطلب هذه العملية التنويع لتحفيز التنمية الاقتصادية والاجتماعية بالتوازي مع إحداث تغييرات سياسية في البلاد. وكما أظهرت الأزمة، فإن التركيز المفرط على المسرح السياسي على حساب القطاعين
الآخرين قد يؤدي إلى تفاقم عدم الاستقرار السياسي في البلاد.
أجسام مشوهة
ولا شك أن رأي أعلي مؤسسات الدولة مهم جدا في تشخيص علة العمل والإصلاح بالبلاد…عضو مجلس السيادة الانتقالي ابو القاسم برطم رسم صورة قائمة للوضع السياسي وأكد عدم وجود تجربه سياسيه بالمعني الصحيح وقال نحن نتداول قشور السياسه عبر الراديو والصحف و تناقل الاخبار و نؤسس عليها التحليل السطحي لانتاج الفشل علي حد قوله .
ويري برطم بأن السودان يفتقر للاحزاب. وقال”ليس لدينا أحزاب سياسيه ” وأضاف لدينا اجسام مشوهه تسمى عبطا أحزاب يقودها أفراد يتوارثونها ابا عن جد فالحزب في السودان ملكيه خاصه.
وشدد برطم علي ضرورة توفر مطلوبات أساسية لإجراء الإصلاح السياسي بالسودان ..تتعلق ببناء الدوله وتحديدا دولة المؤسسات و المؤسسه على معيار الكفاءه فقط…
واعتبر برطم ان حل الاحزاب السياسيه و اعاده بناءوها بأسس و افكار وطنيه سودانيه بحته…و تعظيم الحس الوطني بالمجتمع كمنهج ملزم أهم مطلوبات الاصلاح السياسي .بجانب ضرورة حسم التدخل الأجنبي و الحفاظ على سياده و أمن الدوله السودانية .

هرجلة سياسية

رئيس حزب الأمة الوطني عبد الله مسار أحد القادة المؤثرين بالحراك السياسي ..ويري مسار أن الاحزاب القائمة الان إما طائفية او إدارة اهليه او طرق صوفية او مجموعات نخب او احزاب مستوردة كل هذه لا تمثل نظام ديمقراطي سياسي كل هذه الاحزاب ليست احزاب ديمقراطية كما هو متعارف عليه بالعالم لذا لكي يتم إصلاح سياسي يجب أن يحدث تغيير لهذه الاحزاب وتكوينها وعضويتها وشكلها ونظامها الأساسي وكذلك بجب ان تكون احزاب ديمقراطية من عامة الشعب تنتخب قياداتها إنتخاب مباشر دون أن يكون هناك تأثير قبلي او طائفي . لكن الذي يتم الان لا احزاب سياسية ولا نظام سياسي إنما هو هرجلة ولذا ليس هناك أي نظام يمكن أن يستقر لذا تقوم الانقلابات ولذا الحزب يكون وراثة ومحل خلاف واقرب مثال أبناء الزعيم الميرغني والخلاف بين أبناء المهدي ف زعامة الحزب . اذا نؤكد بان الاحزاب الحالية ليست ديمقراطية ولا تقوم علي الديمقراطية إنما الوراثة .وهناك أحزاب رئيسها من انتخب حتي يموت رئيس للحزب الأزمة أزمة تنظيمات سياسية قائمة علي غير الديمقراطية.

من المحرر
حسنا …..في تقديري أن الاصلاح السياسي في السودان مرهون بتغيير مناخ الساحة السياسية من ميادين العداء الي ميادين التنافس لرفعة الوطن لا علي الاقصاء . فالتغيير المطلوب يجب أن يتم عبر عملية اصلاح قائمة علي افكار وقيم جديدة تتناسب مع المتغيرات المنشودة للسودان تمثل فيه الاحزاب السياسية حلقة اتصال وتواصل بين الشعب والنظام.
باعتبار ان الاصلاح المنشود يتطلب تفعيل دور الاحزاب لقدرتها في تعبئة الجماهير تجاه البرامج والمشاريع المرسومة للمرحلة المقبلة فالفرد السوداني يتأثر كثيرا بموجهات الاحزاب الفكرية والايدولوجية لطبيعة الحزب الذي ينتمي اليه.مع ضرورة مراجعة الاحزاب السياسية لبرامجها وتبني اطروحات قومية تتجاوز بها الظواهر الفكرية والاقليمية والجهوية لتوافق وطني علي رؤي ادارة السودان مصحوبة بارادة سياسية حقيقة لتحقيق الاصلاح.
وتتزايد فرص الاصلاح في السودان بصنع وايجاد ظروف واوضاع داعمة للعملية كالتعاون والاتفاق العام والتغيير التدريجي المعتدل بوجود عدد كافي من الفاعلين السياسيين الذين يمتلكون المهارات اللازمة ويعطون قيمة عالية للقيم والاهداف والترتيبات القومية وفي حالة غياب هذه العوامل قد تتضاءل فرص الاصلاح السياسي بالسودان.

Exit mobile version