رؤية التغيير للحل.. هل من مُبارِك؟

الخرطوم – هبة علي

على نحو غير متوقع فاجأت الحرية والتغيير جمهور المسرح السياسي والثوري باعتلائها خشبة المسرح وتقديمها لمشهد أثار الجدل من نواحي عديدة ومختلفة، فالسياسيون المؤيدون لانقلاب الخامس والعشرين من أكتوبر أبدوا استنكارهم لجلوس الحرية والتغيير في طاولة واحدة مع القادة العسكريين بعد جزمها المتكرر بعدم الجلوس المباشر، مشترطةً عِدة مطالب لتهيئة المناخ للحوار، وقاطعةً بأنه سيكون لأجل استلام السلطة ومع بقية قوى الثورة..

 

الجلوس بطاولة واحدة
بدعوةٍ  من مساعدة وزير الخارجية الأمريكية للشؤون الإفريقية مولي في، وسفير المملكة العربية السعودية بالخرطوم علي بن حسن جعفر، وبمنزلِ  السفير السعودي بضاحيةِ  كافوري، عُقد مساء أمسٍ الخميس، إجتماع بين وفدي الحرية والتغيير وقادة السلطة من العسكريين.
وأوضحت التغيير في بيان لها صدر بالساعات الأولى من فجر اليوم الجمعة، أن الاجتماع جاء بعد رفض قيادتها المشاركة في اجتماع روتانا.
وأشارت إلى أن اجتماعها أتى كوسيلة من وسائل هزيمة الانقلاب عبر سعيها لإستمرار دعم بلدين من أهم البلدان الفاعلةِ إقليمياً ودولياً إلى جانب الشعب السوداني والقوى الديمقراطية وقوى الثورة وعزل قوى الانقلاب إن أرادت المضي قدماً في قهر الجماهير ورفض العملية السياسية.
وطالبت التغيير بإنهاء مسار حوار (فندق  روتانا) الذي قالت إنه يشرعن للانقلاب وسلطته ضد رغبات الشعب السوداني الرافض لها و المقاوم لاسقاطها ، وهو حوار يعادي الشعب وقضاياه العادلة وتحقيق تطلعاته في إكمال التغيير ومهام ثورة ديسمبر المجيدة .
وبيّنت التغيير انها طرحت بالاجتماع، ضرورة إنهاء الانقلاب وتسليم السلطة للشعب، عبر خارطة طريق واضحة وقاطعة وفي إطار عملية سياسية أطرافها هما قوى الثورة والتغيير من جانب والذين قاموا بالانقلاب من جانب آخر، قاطعةً بأنها لاتدعي احتكار تمثيل قوى الثورة، بل تدعو كل قوى الثورة لوضع رؤية مشتركة وتعبئة الشعب والمجتمعين الاقليمي والدولي لمساندة هذه الرؤية وحق الشعب في نظام مدني ديمقراطي كامل.
وقطعت التغيير بعدم مشاركتها في مسار حوار (روتانا) أو أي عملية سياسيةٍ تسعى لشرعنة الانقلاب، مشددةً على فورية تنفيذ استحقاقات تهيئة المناخ الديمقراطي.
واضاف البيان:  العملية السياسية يجب أن تتم عبر مراحل أولها إنهاء الانقلاب والتأسيس الدستوري الجديد الذي يقوم على سلطة مدنية كاملة ويتعاطى مع ما تم من سلام واستكماله، والنأي بالمؤسسة العسكرية عن السياسة دون مشاركتها في السلطة المدنية، والإصلاح الأمني والعسكري وبناء جيش واحد ومهني وقومي.
وأردف: بتسليم رؤية واضحة حول إنهاء الانقلاب وتسليم السلطة للشعب لكل من الآلية الثلاثية والمجتمعين الاقليمي والدولي بعد التشاور مع كل حلفاءها وأصدقائها من قوى المقاومة والثورة.
الحرية والتغيير نوهت أيضاً إلى أنها ستعقد اجتماعاً مع الآلية الثلاثية لتوضيح ما جرى في الاجتماع وموقفها الرافض لأي عمليةٍ سياسية زائفة، وضرورة إحترام أسس العملية السياسية المُفضية لتحقيق أهداف الثورة.
وتابعت: إن العملية السياسية هي نتاج لما نفعله ونقوم به على الأرض، وليست بديلاً للآلية الرئيسية التي نعتمدها وهي عمل المقاومة السلمية الشعبية اليومي وآلياتهِ المدنية من مواكب و اضرباتٍ و اعتصاماتٍ هي سلاح قوى الثورة الرافضة للانقلاب والمؤمنة بالتحول الديمقراطي والمدني من أحزابٍ سياسية والأجسام النقابية والمهنية و لجان المقاومة ، والذي سنواصل جهدنا لتصاعدهِ بكافة الأشكال حتى تحقيق كل مطالب شعبنا في الحرية والسلام والعدالة وإقامة السلطة المدنية الكاملة.

مسوغات ومبررات موضوعية
وبرغم طول بيان التغيير الذي انتظره سهراً الكثيرون لمعرفة أسباب الجلوس ومخرجاته، وجد البيان اهتماماً وجدلاً واسعاً (اسفيرياً) كان طابعه الاستنكار لجهة أن بيان التغيير الصادر أمس الأول، حول الاجتماع الفني الذي نظمته الآلية الثلاثية، أكد من خلاله عن رفضها للجلوس بمسوغات ومبررات موضوعية لديها، مُشبِّه حوار الآلية بحوار الوثبة الذي أطلقه الرئيس المخلوع عمر البشير في العام 2014،بذات القوى والوجوه، و مشددةً على عزمها لهزيمة الإنقلاب بجميع الأدوات السياسية والمدنية السلمية، الأمر الذي اعتبر البعض أي (جلوس التغيير مع العسكريين) أداة سياسية لهزيمة الإنقلاب واسترداد المسار الديمقراطي، فيما رأى بعضٌ آخر عدم جدوى الجلوس في ظل استمرار العنف ضد المتظاهرين السلميين والاعتقالات وتمدد الإسلاميين في مؤسسات الدولة، أما (الراديكاليين) أو الجذريين يرفضون الجلوس والتفاوض مع العسكريين تمسكاً منهم بالاءات الثلاث تحت مبرر عدم تجريب المجرب،كتجمع المهنيين الذي أصدر بيانه باكراً وبعض لجان المقاومة.

دوافع بغرض المصالح
الحرية والتغيير عقدت مؤتمراً صحفياً مساء اليوم لتوضيح دوافع اللقاء وللرد على أسئلة الصحفيين، و اعتبرت عضو اللجنة المركزية للحزب الشيوعي أمال الزين، من خلال حديثها لـ(النورس نيوز)، تلك الدوافع،بحث عن مخرج للعسكريين أكثر من كونها بحث عن حل للسودان لأن الإنقلاب أوشك على السقوط، قاطعاً بأن ذلك خيانة لدماء الشهداء.
وقالت الزين كانت هنالك رغبة في المؤتمر الصحفي للحرية والتغيير، للحديث عن رغبات الولايات المتحدة والسعودية أكثر من رغبات الشعب السوداني،جازمةً بأن الحرية والتغيير تبحث عن مصالحها وليس مصالح الشعب، وإن الشعب لم يفوضها ولا الثورة السودانية.
واستدركت مُضيفةً: لقد قالها الحزب الشيوعي مبكراً إن التنظيمات السياسية تتكئ على المحاور الدولية والإقليمية وتصبح وكيل لها ومحافظ على مصالحها داخل السودان اكثر من مصالح الشعب السوداني.
ولفتت الزين إلى أن حديث التغيير عن أنها شريك بالوثيقة الدستورية وهذا يمنحها حق التفاوض فإن الوثيقة لم تكن سوى وثيقة دم.
وتابعت: لاتوجد حكمة في حماية المجرم والانفلات من العقاب بتوفير مخرج آمن لهم.

بناء مؤسسات الدولة
الكاتب الصحفي الطاهر ساتي قال إن رؤية للحل يجب ألا تتجاوز بناء دولة مؤسسات مهنية غير متحزبة ذات قوانين عادلة تُحاسب كل مُدان على كل جريمة،ثم فك كل أنواع الاحتكار وتقوية الاقتصاد الحر؛ وأشار ساتي بحديثه لـ(النورس نيوز) إلى ضرورة تأسيس مناخ سياسي مُعافى بكامل الحرية غير المطلقة والديمقراطية الراشدة؛ وذلك دون المساس بأمن البلد وسلامة المجتمع، وكذلك يجب هيكلة المؤسسات العسكرية، مصطحبة في ذلك توفيق أوضاع الدعم السريع مع الترتيبات الأمنية لقوى الكفاح المسلح، بحيث تكون مؤسساتنا العسكرية أكثر قدرة على حماية البلد ومرحلة الانتقال وما بعدها.

Exit mobile version