الأخبار الرئيسيةتقارير

شرق السودان.. عود (الكبريت)

الخرطوم – نبيل صالح

منذ توقيع إتفاقية جوبا في 2020م وبدأت أزمة جديدة تطل برأسها بشرق السودان ، على خلفية رفض مكونات رئيسية لمسار الشرق الذي اعتبروه كوة لأجندة أجنبية للسيطرة على الشرق والبحر الأحمر الاستراتيجي بدعم من نافذين بالدولة ، وامتدت الازمة من مطالب في المنابر الى فعل سياسي باغلاق الميناء والشرق برمته في اكتوبر 2021م أصاب الشريان الرئيسي بالعطب وتعرض البلاد لازمة خانقة في السلع الاساسية والمواد البترولية وتوقفت كل شركات النقل العالمية والاقليمية بالعمل بميناء بورتسودان ، وتحولت الى موانئ مصرية ،فيما قدر اقتصاديون الخسائر الفادحة التي تكبدها الموردين بملايين الدولارات ، بينما ما زالت مطالب المجلس مستمرة بالغاء مسار الشرق وفتح منبر جديد وتضمين مقررات سنكات ، فيما يحذر القيادات الموقعة على مسار الشرق من أية محاولة لإلغاء المسار الذي قد يقود المنطقة الى حرب أهلية طاحنة ، في الوقت الذي يتمسك المجلس الاعلى بمطالبها بالغائه .
ويتوقع مراقبون لشأن شرق السودان استمرار الازمة لتوفر كل الاسباب ومن بينها تجاهل حكومة المركز بمطالب المجلس الأعلى وتمسك قادة مسار الشرق باتفاقية جوبا للسلام .

محاذير من تطور الاحداث

وحذر مقرر المجلس الاعلى لنظارات البجا والعموديات المستقلة عبد الله ابوشار من تطور الاوضاع في شرق السودان اذا استمرت الحكومة في تماطلها واستهوانها بمطالب المجلس وقال ابوشار لـ “النورس نيوز” أن قضية الشرق مثلها ومثل قضايا الاقاليم التي كانت تعاني من الحرب الا أن المشكلة الحقيقية هي انها لم تفرد لها مساحة مثل القضايا الاخرى وهذه واحدة من المخاطر التي تحيق بالشرق واستقراره ، وأضاف ابوشار ان هذه القضية في حاجة عاجلة وماسة للنظر اليها كقضية قومية ، ومضى بقوله ” بالرغم من طرحنا لمقررات سنكات كمخرج من الازمة الا ان الحكومة لم تلتفت اليها وتمضي في الاعتراف بمسار الشرق فقط كمسودة لحل المشكلة ، وتابع ” نخشى ان يفضي اصرار الحكومة بالتمسك بمسار الشرق لامور لا تحمد عقباها وتتحول المنطقة لبؤرة حرب أهلية “، وأعتبر ابوشار الحلول التي تطرحها الحكومة من حين الى اخر معالجات ظاهرية وقشرية طفيفة لا تلامس جوهر الازمة .

اتهام جهات نافذة

واتهم ابوشار جهات خارجية وداخلية نافذة تعمل على تمرير مسار الشرق كمنبر للحل الا أنهم يرفضون ذلك تماماً ، وقال ” الشرق بوضعه الاستراتيجي يختلف عن بقية المناطق والاقاليم وتأثيره سيكون وخيماً على كل السودان والاقليم أيضاً ” وتابع ” الحكومة تنظر للملف بزاوية ضيقة وهذه واحدة من الاسباب الرئيسية التي تزيد من الأزمة ”
ولم يستبعد ابوشار حمل بعض مكونات الشرق للسلاح حال لم تنتبه الحكومة لخطورة تجاهلها للقضية وقال ” اعتقد أن الدولة لا تكترث الا بحملة السلاح وهذا قد يقود بعض المكونات لحمل السلاح لانتزاع حقوق الاقليم ” .

الأزمة القديمة المتجددة

ويقول سيد على أبوآمنة الأمين السياسي لمجلس البجا والناطق الرسمي باسم تنسيقية شرق السودان في تصريحات صحفية سابقة إن قضية إقليم شرق السودان في التهميش قديمة، والمطالبة بالحقوق لدى سكان الإقليم متواصلة منذ استقلال الدولة السودانية، حيث تأسس “مؤتمر البجا” في عام 1958، لإنهاء التهميش مشيرا إلى أنه على مدار الأنظمة والحكومات المتعاقبة في السودان عاني شرق السودان كثيرا تاره بسبب القمع أو تسويف القضية وتجميد نشاط الأحزاب، أو الوصول إلى اتفاقيات هزيلة هشة لا تحمل حلولا للأزمة التي يعاني منها أبناء شرق السودان مثل اتفاقية السلام في أسمرة التي تم توقيعها مع نظام البشير.

مشعل الأزمة

ووصف أبوأمنة مسار الشرق بالزناد الذي أشعل الأزمة في الاقليم وقال: “هذا المسار هو الذي أشعل فتنة قبلية في شرق السودان والمكونات الأصلية في الإقليم رفضت هذا المسار، حيث أتى بمجموعات لا علاقة لهم بالمنطقة وقعت الحكومة معهم اتفاقاً للسلام” ، وأكد أن مشكلة شرق السودان مستمرة على مدي 64 عاما وهي مشكلة ذات طرفين وناضل من أجلها أبناء الاقليم منذ عام 1958م من أجل المشاركة العادلة في الحكم ومواجهة التهميش وسوء الخدمات ، وتابع ” أما الطرف الثاني من المشكلة يتعلق بالسيادة على الأرض نفسها” مشيرا في هذا إلى أن آخر الحلقات في هذا الشأن يتمثل في شعب جهة ما إلى إحداث تغيير ديموغرافي في شرق السودان.

ضرورة التفاوض

ويتمسك المحللون السياسيين بخيار التفاوض لازمة الشرق ، وعدم تجاهل مطالب المكونات الأساسية ، و قال المحلل السياسي صلاح الدومة لـ” النورس نيوز” أن أخطر ما يهدد اقليم الشرق تعامل السلطات مع مطالبه بالتجاهل والتماطل ، ودعا الى ضرورة الاستماع لهؤلاء مشيدا باللقاء الذي انعقد موخراً بين الالية الثلاثية ونظارات البجا الذي سيكون له مفعول علي تهدئة الاوضاع بشرق البلاد إلي حد ما حسب قوله ، ووصف المفاوضات بانها سلوك حضاري يقرب القول بين الطرفين وكسر الحاجز بين الطرفين واكد علي أن حل المشكلة النهائي يأتي من المركز بحل المجلس العسكري وتشكيل حكومة مدنية والعودة إلي الوثيقة الدستورية ، وأمن الدومة على حق المواطن في استخدام كل الوسائل السلمية في الحصول على حقوقه وقال أن الإعتصام او اي تنظيم سلمي حق يكفله الدستور ، ولا ينبغي على أية جهة التعامل معه بعنف.

الحرب الأهلية

وفي المقابل يرفض موقعو مسار شرق السودان المطالب التي يتبناها المجلس الأعلى لنظارات البجا بالغاء المسار، وحذروا من أن الصراع المُوجه في شرق السودان قد يؤدي إلى حرب أهلية، ويتمسك الموقعين في جوبا بالمسار الذي يعتبروه غير قابل للتنازل أو المساومة واكدوا دفاعهم المستميت له ، واتهم الموقعون جهات بتوجيه الصراع في شرق السودان ليكون صراعاً حول المواطنة بخطاب شعبوي بغيض يقسم شعب الشرق إلى مواطنيين من الدرجة الأولى وإلى أجانب ولاجئين ووصفوا ذلك بمقدمات الحرب الأهلية .

تأزيم المشهد

وإتهم المحلل السياسي سعد محمد أحمد الحكومة بتأزيم الوضع في شرق السودان بتمسكها بالمسار المرفوض من قطاعات واسعة جدا من سكان الاقليم وقال لـ “النورس نيوز” أن قضية الشرق واضحة ولا تحتاج لكل هذه الاطالة ، وأضاف ” هناك جهات تعمل على التغيير الديمقرافي في المنطقة وهذا خطر يهدد كل السودان وليس الاقليم الشرقي ، واستشهد سعد بالصراعات القبلية التي شهدتها الشرق في السنوات الأخيرة بين مكونات مختلفة وبين مكون واحد ما يعضد فرضية محاولة فرض مكون بعينه ليفرض سطوته على الاقليم ، وحث سعد الحكومة بالاهتمام بمقررات سنكات كما يهتم بمسار الشرق الذي لم يشارك فيه الا مكون واحد من عشرات المكونات بشرق السودان .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *