قرار رفع الطوارئ.. هل يزيل احتقان الشارع السوداني؟ 

الخرطوم – نبيل صالح

 

رحبت قوى سياسية بقرار رفع الطوارئ لجهة يهيئ الجو السياسي لحوار مثمر يفضي الى حل الازمة السودانية ، فيما قلل اخرون من هذا القرار واعتبروه نتيجة ضغوط دولية ومحلية ويبقى السؤال الذي يبحث عن إجابة هل هذا القرار الذي صدر بعد (7) أشهر من قرارات أكتوبر الموصوفة بالانقلابية قد تزيل احتقان الشارع السوداني إزاء المكون العسكري جراء سقوط العشرات من الشهداء ودخول البلاد في نفق ضيق سياسياً واقتصادياً وامنياً ، ومع الضغوط المتلاحقة على الحكومة داخليا وخارجيا قرر رئيس مجلس السيادة وقائد الانقلاب عبد الفتاح البرهان رفع حالة الطوارئ التي كانت فرضت في البلاد منذ تنفيذه انقلاباً عسكرياً في تشرين أكتوبر الماضي.
وقال المجلس في بيان أن رئيس مجلس السيادة الانتقالي الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان أصدر مرسوماً برفع حالة الطوارئ في كافة أنحاء البلاد، وأرجع البيان سبب ذلك إلى تهيئة المناخ وتنقية الأجواء، لحوار مثمر وهادف، يحقق الاستقرار للفترة الانتقالية.

عقبات اخرى
فيما كشف محاميو الطوارئ عن أطلاق سراح 63 معتقلاً في وتهيئة البيئة للحوار، بإصدار مرسوم دستوري من رئيس مجلس السيادة السوداني البرهان بموجب توصية من مجلس الامن والدفاع الذي يترأسه البرهان نفسه قضى برفع حالة الطوارئ في كل أنحاء البلاد بعد 7 أشهر وقال محامو الطوارئ في بيان صحفي، إنه لا يزال هناك 34 معتقلاً من محتجي منطقة الكلاكلة جنوبي الخرطوم، ترفض الشرطة إطلاق سراحهم، رغم تصديق النيابة لهم بالضمانة.

ترحيب قوى سياسية
ومن جهته رحب الحرية والتغيير الميثاق الوطني بمرسوم رفع حالة الطوارئ وإطلاق سراح المعتقليين، ليعلن حزب الأمة برئاسة مبارك الفاضل ترحيبة بقرار قائد الانقلاب ورئيس مجلس السيادة الانتقالي عبد الفتاح البرهان، لجهة أنّه يعمل على تهيئة المناخ وتنقية الأجواء من أجلّ حوارٍ مثمرٍ وهادفٍ، يحقق الاستقرار في الفترة المتبقية من المرحلة الانتقالية بحسب تعميمٍ صحفي.

وطبقاً لوكالة السودان للانباء رحب مصطفي المنا محمد نائب رئيس قوى الإعلان الوطني لدعم السيادة والانتقال الديمقراطي بالقرارات التي أصدرها السيد رئيس مجلس السيادة والتي تتعلق برفع حالة الطوارئ وإطلاق سراح المعتقلين السياسيين وفقاً لسونا.
فيما اعتبر المحلل السياسي د. عبد اللطيف محمد عثمان أن القرار بالجيد لجهة أنه يهيئ البيئة للحوار بيد أنه يرى بأنه من الضرورة ان يلتفت المكون العسكري أيضا الى مطالب اخرى جوهرية وهو تقديم تنازلات منطقية للوصول لنقطة التفاوض وقال في حديثه لـ”النورس نيوز” ـأن الجميع في حاجة لتقديم تنازلات رافضاً الخيارات الصفرية التي تتبناها بعض القوى السياسية المتطرفة وتابع ” السودان للجميع ومن حق الجميع المشاركة في بناءه ، وتوقع عثمان أن الألية الثلاثية ستعمل في اجواء ايجابية في الفترة القادمة اذا شعرت بجدية الاطراف في التفاوض.

تعقيدات المشهد
فيما يرى مراقبون ومحللين سياسيين أن الأزمة السودانية تحيط بها جملة من التعقيدات و في حاجة الى ابداء المرونة الشديدة ، وقال المحلل السياسي معاذ زكريا لـ “النورس نيوز” أن الاحزاب السودانية او القوى السياسية ما زالت تجهل او تتجاهل طبيعة الاشكالية وتبعاتها ، مشيرا الى ان الازمة الحقيقية في ضعف بنيان الاحزاب منذ الاستقلال وغياب الرؤية الوطنية ، ودعا زكريا كل القوى السودانية بالترحيب لخطوة رفع حالة الطوارئ ومن ثم ممارسة الضغط السياسي على العسكر للعودة الى الثكنات وقال ” هناك بعض الأطراف السودانية لا تعرف في كيفية التعامل مع بعضها البعض وهذه اشكالية حقيقية وأس المشكلة السودانية ” .

صعوبة الوصول الى الهدف

ويرى فريق اخر ان قرار رفع الطوارئ واطلاق سراح المعتقلين لا ينبغي ان يفهم في سياق ان العسكر قد يقبلون بالخروج من المشهد بكل سهولة ، وقال المحلل السياسي د. محمد عبد الجابرلـ “النورس نيوز” أن العسكر يضعون في اعتبارهم ان التراجع يعني خروجهم من المشهد والخروج من المشهد يعني تقديمهم للمحاكمات ، واضاف ان هذه المخاوف ستجبر العسكر على التمسك بمواقع النفوذ واستشهد عبد الجابر بعبارة نائب رئيس المجلس السيادي الذي وصفه بالانقلابي محمد حمدان دقلو ” في ناس بسنو في سكاكينم عشان لو رجعنا للثكنات يجو يضبحونا” وتابع ” هذا كلام خطير ينم عن مدى خوف العسكريين من التعرض للمحاسبة .
وأوضح عبد الجابر أن حالة الطوارئ التي أعلنها البرهان في أكتوبر المنصرم وجدت مقاومة ولم تسري على أحد، فهي مجرد اعلان وحبر على ورق. وأضاف: القرار الذي أصدره البرهان أمس الأول يعتبر نتيجة للضغوطات التي مارسها الشارع السوداني على الانقلابيين وقراراتهم. ، ومضى بالقول: يمر الوقت والخناق يزداد على الانقلابيين بجانب تقلص الخيارات التي كانت متوفر في السابق، فالآن لا خيار أمام السلطة الانقلابية إلا تسليم السلطة الى الشعب وأن يستعدوا المحاسبة على الجرائم التي اقترفت في حق الشعب السوداني.
واشار إلى أن الكفة راجحة لصالح القوى الثورية التي بدأت تنظم صفوفها لتعود أقوى مما كانت عليه وأصبحت الاجسام الثورية تعمل بتناغم تام كل جسم يقوم بالعمل السلمي الثوري المناط به العمل، لأن هدف جميع الأجسام هو اسقاط الانقلاب، بعكس معسكر السلطة الانقلابية التي بدأت تفقد الدعم الجماهيري بسبب الازمة الاقتصادية والامنية .

Exit mobile version