الخرطوم وأديس أبابا.. تداعيات التصعيد

الخرطوم – نبيل صالح

 

تجدد التصعيد الاعلامي بين الخرطوم واديس ابابا بشأن منطقة الفشقة على خلفية اتهام مسؤول اثيوبي للسودان بغزو حدودها وتمويل جبهة تحرير التغراي وايواء عناصرها الا أن الخرطوم رفضت إدعاءات وزير الخارجية الاثيوبي دمقي مكونن الذي اتهم السودان باستغلال الوضع في شمال إثيوبيا ، ووصف مكونن العلاقة بين بلادها والسودان بالمتردية بعد أن تجاوز الأمر وأصبح السودان منطلقا لجبهة تحرير التغراي حسب زعمه؛ واعتبر مراقبون ومحللون تصريحات مكونن تأتي في سياق خدمة اديس أهداف سياسية متعلقة بأوضاعها الداخلية أو مع إقتراب موسم الزراعة المطرية.

رد الخرطوم
ورد السودان على تصريحات وزير الخارجية الإثيوبي دمقي مكونن بشأن منطقة الفشقة التي اتهم فيها الخرطوم باستغلال الوضع في شمالي بلاده واقتحام حدودها وقالت وزارة الخارجية أن الوزير الإثيوبي استند على معلومات غير صحيحة ومخالفة لإقرار إثيوبيا الخاص بوضع علامات حدودية بين البلدين ، وأكد السودان أن قواته منتشرة داخل حدودها كجزء لا يتجزأ من ممارسته لسيادته على أراضيه وضبط الحدود المعترف بها دولياً، داعيا إثيوبيا لاستئناف أعمال لجان الحدود المشتركة في أقرب وقت.
ودعت وزارة الخارجية حسب تقارير إعلامية إثيوبيا لاستئناف أعمال لجان الحدود المشتركة في أقرب وقت، والانخراط الجاد في عملية استكمال تكثيف العلامات الحدودية بين البلدين.

علاقة متوترة
وكان وزير الخارجية الإثيوبي دمقي مكونن، وصف علاقات بلاده مع السودان بأنها “ليست بالجيدة” وأكد دمقي في تقرير تلاه أمام مجلس النواب الاثيوبي نقلته وكالات انباء محلية وعالمية ، أن العلاقات بين أديس أبابا والخرطوم ازدادت سوءا بعد أن أصبح السودان منطلقا لجبهة تحرير تغراي ضد بلاده، وهو ما يعني بمثابة “إعلان حرب” وأوضح أن الخرطوم استغلت الوضع في شمال إثيوبيا وقامت بـغزو الحدود لافتاً إلى ازدياد الوضع سوءا بعد أن تجاوز الأمر وأصبح السودان منطلقا لجبهة تحرير التغراي.

إتهام خطير
ولفت نائب رئيس الوزراء الإثيوبي إلى أن ما سبق زاد من توتر العلاقات بين البلدين ، وقال “أبلغنا السودان بأن دعم وإيواء عناصر جبهة تحرير التغراي لا يقل عن حرب ضد إثيوبيا من قبل السودان لأن هذه العناصر تنطلق من قاعدتها بالجارة الشمالية” وتابع “نبذل كل ما في وسعنا لحل النزاع والخلافات مع السودان سلميا وعبر الحوار لكن ما نريد تأكيده هو بأنننا سنعيد كامل أرضينا بكل الطرق الممكنة”.

زعم غير صحيح
ويعتقد المحلل السياسي والخبير الدبلوماسي د.علي يوسف بأن أثيوبيا غالباً ما تفتح ملف الحدود مع السودان لخدمة أهداف سياسية متعلقة بأوضاعها الداخلية أو مع إقتراب موسم الزراعة المطرية وقال يوسف لـ (النورس نيوز) أن هذا الملف أيضاً مرتبط بملف سد النهضة ، وتابع بقوله ” اثيوبيا درجت على ادعاءات كاذبة بشأن الحدود وتبعية الفشقة للسودان ولكن ليس بمقدورها انكار تبعية بني شنقول لاثيوبيا لجهة أن هذه الاراضي ضمت للسودان بموجب اتفاقية وصف الحدود في العام 1902 ، ووضع العلامات في العام 1903م ، وأردف يوسف ” اذا كانت أثيوبيا غير معترفة بهذه الاتفاقية فعليها ان تقر أيضاً أن منطقة بني شنقول التي يقيم عليها سد النهضة ليست اثيوبية لأنها ضمت إلى اثيوبيا ايضا بموجب اتفاقية وهي في الأساس أراضي سودانية ولكنها لا تتحدث عن بني شنقول ففي الواقع انكار اثيوبيا لتبعية الفشقة للسودان يعني انكارها لتبعية شنقول لها .
وأوضح علي يوسف أن أول قمة أفريقية عقدت في اديس في العام 1963 أقرت بالحدود الموروثة وعضدته قمة القاهرة في 1964 واثوبيا لم تعترض على هذا الاقرار في الوقت الذي اعترضت فيها المغرب والصومال ، واشار يوسف الى أنه في العام 1972م طرح على اللجنة المشتركة تنفيذ وضع العلامات الحدودية ولكن اثيوبيا اعتذرت بحجة عدم توفر التمويل اللازم لذلك.

بداية التراجع
وقال يوسف أن العلاقات بين الخرطوم واديس بدأت في التراجع منذ استرداد الجيش السوداني لمنطقة الفشقة ، وموقف السودان من سد النهضة ومطالبته لاثيوبيا عدم اتخاذ خطوات آحادية في ملء سد النهضة وأضاف : في الفترة الماضية شاب هدوء نسبي الخطاب الاعلامي بين البلدين لانشغال كليهما بمشاكلهما الداخلية.

تغطية مشاكل داخلية
ومن جانبه أعتبر المحلل السياسي د.مصعب فضل المرجي اتهام اديس ابابا للخرطوم محاولة لتغطية حدث داخلي ، بيد أن أثيوبيا درجت على الزعم بتبعية الفشقة لها في الوقت الذي ضمت اليها أرض سودانية ضمت لها بنفس الاتفاقية التي اقرت بتبعية الفشقة للسودان ، وقال مصعب لـ (النورس نيوز) طبيعة العلاقات بين البلدين مرهونة بالعوامل الداخلية لكليهما الا أن اثيوبيا تتعامل بصورة فجة وتدعو الى الحرب أكثر من الطرق السلمية لمعالجة المشكلة بالتفاوض رغم ادعائها المتكرر بأنها ترغب في الحل السلمي لمسألة الحدود ولكن تصريحات مسؤوليها تتناقض مع ادعائها ، وحث مصعب البلدين الاحتكام الى المحكمة الدولية بدلا من التراشق الاعلامي الذي قد يقود الى وسيلة أكثر تعقيداً .
ويتنازع السودان واثيوبيا منذ سنوات على منطقة الفشقة ذات المساحات الشاسعة من الأراضي الزراعية، بيد أنها تقع داخل حدود السودان، وفقا لاتفاقية حددت الخط الفاصل بين البلدين وتنقسم أراضي التنازع الحدودية بين السودان وإثيوبيا إلى 3 مناطق، وهي الفشقة الصغرى والفشقة الكبرى والمناطق الجنوبية، وتبلغ مساحتها نحو مليوني فدان، وتقع بين 3 أنهر هي ستيت وعطبرة وباسلام، ما يجعلها خصبة لدرجة كبيرة

Exit mobile version