الأزمة السودانية ..أجندة و تدخلات دولية

الخرطوم : النورس نيوز

 

بدأت الساحة الداخلية مرتعًا خصبًا لسفارات الدول الخارجية بالخرطوم، فقد كثرت لقاءات منسوبي هذه السفارات مع القوى السياسية السودانية بالداخل في شأن يخص الشأن الداخلي السوداني الذي يبحث عقب ثورة ديسمبر المجيدة ترتيب اوراقه الداخلية على نسق سوداني. بيد أن معظم سفارات الدول بالخرطوم بدأت التدخل بشكل سافر في الشأن السوداني بصورة لا تمت للقانون الدولي ولا لطبيعة مهمة تلك الدول فيما يتعلق بالشأن الدبلوماسي في علاقة بلدانهم بالسودان.

وقد عد البعض هذه التدخلات بالعمالة والمؤامرة لخدمة اهداف و أجندة غير سودانية، ويلاحظ ذلك من خلال حراك الإدارة الامريكية و تدخلها بقوة في الشأن الداخلي السوداني ومحاولة فرض أجندتها ومتطلباتها على المشهد الداخلي لدولة يعتبر بأنها عضو في المجتمع الدولي، بجانب ذلك هنالك تدخل لبعض دول الجوار العربي و الافريقي بصورة غير مرغوب فيها، بيد أن التدخلات بدأت تتشكل واقعًا سياسيًا على أرض الواقع بصورة غير مطلوبة، تحقيقا لأجندة تلك الدول في الشأن الداخلي السوداني.

 

لقاءات مسؤولين:

والتقى رئيس  الوزراء عبد الله حمدوك بالخرطوم، وزيرة افريقيا بالخارجية البريطانية فيكي فورد، والمبعوث البريطاني للسودان روبرت فيرويذر، والسفير البريطاني جايلز ليفر، بحضور وكيل وزارة الخارجية السفير محمد شريف عبد الله، كما التقى رئيس الوزراء بايتون نوبف نائب المبعوث الأمريكي للقرن الأفريقي وذلك في إطار الزيارة التي يقوم بها نوف للسودان، كما التقى رئيس مجلس السيادة الانتقالي الفريق أول ركن عبدالفتاح البرهان وزيرة الشؤون الأفريقية بالخارجية البريطانية فيكي فورد، والتقى وزير العدل نصر الدين عبد الباري التقى أيضا بالمبعوث الأمريكي واكد له أن الحل في الالتزام بالوثيقة الدستورية والتشديد في تطبيقها واكد المبعوث الأمريكي دعم بلاده للتحول الديمقراطي.

 

روسيا تفضح أمريكا:

وقد شجبت روسيا التدخل في الشأن السودان و أكدت المتحدثة باسم الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا، أن موسكو تدعو إلى وقف التدخل في الشؤون الداخلية للسودان، وأن تدرك الدول الضالعة في ذلك مسؤوليتها عن مثل هذه الممارسات. وقالت: “ننطلق من فرضية أنه من الضروري وقف أي تدخل في الشؤون الداخلية لهذا البلد وكذلك في الدول الأخرى، يجب على الشعب السوداني أن يقرر مصيره بنفسه، هذا هو مبدأنا الأساسي تجاه هذا البلد والدول الأخرى. هذا المبدأ مبني على القانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة ونتوقع من كل من يحاول مقاومة هذا المبدأ أن يدرك بالكامل المسؤولية عن مصير دولة وشعب السودان. هم يعتزمون إعادة التشكيل وفقا لأنماطهم الخاصة”. وأشارت إلى أن “عددا من اللاعبين الخارجيين وعلى رأسهم الولايات المتحدة، قرروا أنه سيكون من الأفضل للسودانيين العيش في دولتين مختلفتين. بدأت حملة للتدخل الخارجي، وفرضت مقاربات حول هذه القضية أو تلك، كيف ينظم السودانيون الديمقراطية بالمعنى الغربي للكلمة”، وتابعت: “هناك نتيجة للبنية التقليدية للمجتمع السوداني الآن تحت ضغط خطير”.

أجندات وتحولات:

حراك المبعوثين والسفراء الأجانب في السودان ظل يتم بطرق او أخرى فيما لا تخلو من أجندات بعد ان تحولت مهمتهم لتجيير شأن السودان لمصالح بلادهم وقد تم ضبط اجتماعات مكثفة هذه الأيام لهؤلاء المبعوثين مع الحكومة الانتقالية. فقد اجتمع الوفد البريطاني  مع البرهام والاغايشي وحمدوك و كذلك المبعوث الأمريكي الذي اجتمع بوزير العدل و حمدوك. فيما التقت سفيرة فرنسا بحمدوك وطالبته بزيارة فرنسا في اقرب وقت. وتأتي كل هذه التدخلات تحت ستار دعم الفترة الانتقالية، بينما في الواقع لا تخلو عن الأجندة.

 

عمالة دستوريين:

 

وتساءل موسى حمدين  نائب رئيس حزب الامة الموحد وامين التنظيم بالجبهة الوطنية للتغيير، عن الكيفية التي يتم بها ابعاد الولايات المتحدة الامريكية من التدخل في الشأن السوداني، وقال حمدين لـ(النورس نيوز) إن الكثير من الدستوريين السودانيين يتعاملون مع السفارة الامريكية وقال إنهم يقومون بتمليكهم كل اخبار السودان الداخلية الي السفارات الأجنبية لجهة انهم يتخابرون معهم من واقع منافع شخصية وقال  البعض منهم قد منح في فترات الهجرة الخارجية جنسيات تلك البلدان.  ولم يستبعد حمدين تفويج حاكم امريكي قريبا للسودان ليصبح مثل العراق، مشيرا الى ان بريمر الان قريب منا نحن السودانيين.

 

انتهازية الأحزاب:

واستطرد حمدين بقوله انما يجري الآن لن يقدمنا الى الامام. مشيرا الى ان المجلس العسكري لم يكن له رؤية واضحة في التعامل مع القوى السياسية وجزم بأن المكون المدني يمضي بانتهازية لحكم البلاد عبر أربعة أحزاب فقط ومعظمها احزاب اليسار. وقال إن أمريكا لم تقبل بحكم التنظيمات اليسارية. وقال هناك  مائة حزب سياسي و منها 95 حزب سياسي خارج التركيبة والمشاركة في  السلطة ما يؤكد ان الجدلية السياسية في السودان لن تنتهي قريبا مالم يتم الجلوس بين المكون المدني و العسكري والقوي السياسية بالخارج لبحث الشراكة و الاتفاق علي طريقة إدارة الدولة والتفكير في قيام المؤسسات خاصة مفوضية الانتخابات لتحديد الدوائر  الانتخابية الحقيقية في السودان، وقال إن حل الأزمة السودانية تكمن في جلوس المكون العسكري و المدني مع القوي السياسية لبحث مصلحة البلد، وقال موسى من الأفضل ان يتم الاتفاق على إدارة الوطن بطريقة افضل. واتهم حمدين حزب الامة القومي بانه  اصبح حاضنة للأحزاب اليسارية في قحت، ومهاجمة الاخرين، وقال ان الحل يكمن في المشاركة الحقيقية بدون اقصاء لاحد.

 

استسهال الحكومة:

ويرى د. ابوبكر  ادم الاكاديمي بالجامعات السودانية ان تدخل المبعوثين في الشأن الداخلي يؤكد عدم وجود المساءلة الحكومية طرف الخرطوم وقال هناك قانون ولوائح تنظم العملية الدبلوماسية هي مخطوطة ومنصوص عليها في القانون الدولي. واكد ان الغرب والدول الأجنبية بدأت التدخل لفرض وصايتها على الحكومة القادمة بما يلبي طموحها وزاد إن ذلك بدأ واضحا من خلال الممارسات الأخيرة لهؤلاء المبعوثين مطالبا الحكومة بعدم الاستسهال معهم لحفظ حقوق الوطن الذي تحاك ضده المؤامرات.

Exit mobile version