“ثمرات”.. برنامج في دائرة المجهول (تقييم)

الخرطوم : آدم محمد أحمد

ثمة صراع غير منظور، للمتابع العادي، حول برنامج يعتبر من أكبر البرامج التي ينتظرها المواطن السوداني ضمن نتائج الثورة، وهو برنامج “ثمرات” الذي تأتي أهميته كونه يقدم دعماً مباشراً للأسر السودانية، الفقيرة والمتعففة، للتغلب على صدمة القرارات الاقتصادية التي أعلنتها الحكومة؛ في ما يتعلق برفع الدعم عن الوقود وزيادة أسعار الكهرباء والمياه، وتلاه زيادات وصفها البعض بالجنونية في الأسعار عامة، ولمواجهة كل ذلك تعقد حكومة حمدوك الأمل في “ثمرات” لكسب رضا المواطن، في إطار توفير الحياة الكريمة له ومنحه دفعه تمكنه من الوقوف في وجه “الصدمة الاقتصادية”. والبرنامج يتم تمويله من قبل دول في الاتحاد الأوروبي والبنك الدولي، للتخفيف عن صدمة القرارات الاقتصادية التي تتخذها الحكومة السودانية في إطار الاندماج في الاقتصاد العالمي، عبر التخلص من الدعم الحكومي للسلع بكافة انواعها.

نتائج ضعيغة
تم تدشين البرنامج في شهر فبراير الماضي، بالكلاكلة اللفة، في احتفال كبير حضره رئيس الوزراء وعدد من الوزراء، حينها قال حمدوك: إن برنامج ثمرات يعتبر أحد البرامج المهمة التي أطلقتها الحكومة الانتقالية لتحقيق أهداف ثورة ديسمبر المجيدة، مؤكداً أن البرنامج سيعمم على جميع ولايات السودان، مشيراً إلى أن تٲخير التدشين لبرنامج ثمرات أتى لمزيد من الترتيب والتحقيق حتى يحقق أغراضه”، ولكن رغم مرور ما يزيد عن 50 يوماً ما يزال البرنامج في طور الترتيبات، وهو وفقاً لمتابعين، قد ينعكس على التقليل من أغراضه الأساسية، المتمثلة في التخفيف من ضيق المواطن الاقتصادي، ورفع عنه ضغط الإجراءات الاقتصادية التي أثبت الزمن أنها أقوى من طاقته، وربما يتساءل البعض سؤالاً بسيطاً : أين تقف خطوات هذا البرنامج الآن؟ للإجابة على هذا السؤال تحصلت (اليوم التالي) على معلومات من مصادر مقربة مفادها أن حصيلة 50 يوماً من التسجيل والحصر وجمع المعلومات بلغت حوالي 102 ألف أسرة فقط، بواقع 2 ألف أسرة يومياً، وهو أمر مثير للشفقة مقارنة بعدد سكان السودان الذين يفوقون الـ 40 مليون نسمة، وتؤكد المصادر أن سير البرنامج بهذه الطريقة ربما يحتاج إلى 10 سنوات مقبلات لكي يكمل الحصر ومعرفة من يستحقون الدعم من غيره.

معلومات بائسة
البرنامج تقوم بتنفيذه وزارة المالية ووزارة الداخلية ممثلة في السجل المدني، عبر تصميم تطبيق يحوي 6 حقول تشتمل على “الاسم العنوان؛ التلفون؛ رقم الحساب؛ وسؤال هل هو رب الأسرة ام لا”، وهنا يقول مدير المركز القومي للمعلومات مهندس إبراهيم محمد باخت في حديث لـ(اليوم التالي) إن هذه المعلومات تعتبر ضعيفة ولن تحقق الهدف، ولا يوجد مؤشر يحدد أولويات الصرف، وزاد: “هذه معلومات بائسة وضعيفة ولا طائل منها وتكلف الدولة مبالغ لا تستفيد منها مطلقاً إلا جهات معينة”، ولكن الأمر المهم والذي يدور حول البرنامج أن المانحين الذين يدفعون المال لتنفيذ “ثمرات” ينتظرون نتائج ملموسة، وبالطبع لديهم أهداف من ذلك أبرزها هو ان تمضي الحكومة في تنفيذ ما تبقى من سياسات البنك الدولي التي تجعل من الاقتصاد السوداني جزءاً من المنظومة العالمية، والتخلص من عبء الدعم السلعي والانتقالي الى الدعم المباشر للفئات المتضررة، وهو ما يترجمه برنامج “ثمرات”، ولكن في ما يبدو أن الحكومة السودانية رغم الإعلان عن تدشين البرنامج لكنها ما تزال في واقعها أقرب إلى التخبط، وهذا تؤكده المعلومات التي تشير إلى بطء عمليات الحصر، وهذا يكشف عن وجود تقاطعات كبيرة بين الجهات المنفذة للمشروع في السودان، مما يضعه في خانة التجاذب، مما يشكل خطورة على البرنامج نفسه.

تساؤلات مانحين
وفي ظل هذا الواقع، فإن المانحين لن يرموا بقروشهم، دون أن يعرفوا وجهتها المحددة التي أعلنوا الدفع مقابلها، وهي دعم المواطن، وربما واحدة من هذه الجهات التي تعتبر مناسبة لتنفيذ البرنامج “المركز القومي للمعلومات” والذي يمثل الجانب التقني في هذا الأمر، في ظل التحول الرقمي الكبير الذي يشهده العالم، يقول مهندس إبراهيم باخت مدير المركز، إن المركز لديه مقترحات حول تحسين وإسراع عملية جمع البيانات في البرنامج، تتمثل في المقترح الأول: عقد اجتماع بين الجهات ذات الصلة بتنفيذ البرنامج “مركز المعلومات؛ الرعاية الاجتماعية و السجل المدني”، الغرض منه تصميم استمارة على برنامج “اكسيل” لجمع المعلومات الصحيحة والمهمة التي تحقق الغرض، على سبيل المثال، معلومات عن الأمراض المزمنة وعدد العائلة وغيرها.المقترح الثاني وفقا لباخت : يتمثل في بناء قاعدة تصمم بصور تقنية وفاعلة تؤكد سلامة البيانات التي تم جمعها، تحتوي كافة المعلومات المطلوبة، المقترح الثالث : تسليم هذه الاستمارة إلى لجان التغيير والخدمات؛ مع منحهم مهلة للاتصال بالمواطن في الأحياء والفرقان لملء هذه الاستمارة، ونوه باخت إلى أن لجان التغيير تعتبر الأكثر قدرة على المهمة لكونها تعرف الكثير من المعلومات عن المواطن في الأحياء والمناطق، فضلاً عن الفكرة مدخل لتشغيل الشباب الذين يمثلون وقود الثورة ، عبر برنامج فكرته الأساسية توفير الدعم الاجتماعي للأسر، بدلاً عن منح شركات تقوم بتصميم هذه الاستمارة مقابل أموال طائلة، ونوه باخت إلى أن المقترح الرابع، يتم رفع المعلومات؛ إلى المركز القومي؛ على أن تخضع للمراجعة، مع الجهات ذات الصلة

Exit mobile version