“ثورة ديسمبر”.. جرد حساب

تقرير : آية إبراهيم

صبيحة اليوم (الثلاثاء) استيقظت الخرطوم على نشر الجيش السوداني جنوداً وسيارات محملة بالأسلحة الثقيلة حول مقر وزارة الدفاع وسط الخرطوم، وأغلقت القوات المسلحة كل الطرق المؤدية إلى مقر قيادة الجيش بآليات وجنود، ووضعت على بعض الطرق حواجز أسمنتية وأسلاكاً شائكة، حيث يصادف اليوم الذكرى الثانية للسادس من أبريل، حيث اعتصام القيادة العامة الذي قام به آلاف السودانيين أمام مقرها للمطالبة برحيل الرئيس السابق عمر البشير.

استفهامات مطروحة
سجل التاريخ السوداني في دفاتره أن منتصف نهار السادس من أبريل لعام 2019م شكل علامة فارقة في حياة الشعب السوداني، حيث زحفت السيول البشرية نحو القيادة العامة للجيش السوداني بالخرطوم، لتلتقي في ملحمة ثورية ألهمت العالم، فكان (اعتصام القيادة العامة) الذي نجح في إنهاء (3) عقود من الحكم، وبعد مرور عامين على هذا الحدث المهم تظل الاستفهامات مطروحة حول ما تحقق بعد ذلك سياسياً، اقتصادياً وأمنياً.

تباطؤ اتفاق
مراقبون يرون أن أبرز ما تحقق في ذكرى السادس من أبريل توقيع اتفاق جوبا ما بين الحكومة والجبهة الثورية الذي جاء بعد مخاض عسير وأشهر من المفاوضات الصعبة، ويشيرون إلى أنه مع هذا الإنجاز فإن الاتفاق يواجه بتحديات جسام من أجل إنزال بنوده على أرض الواقع بعد مرور عدة أشهر من التوقيع، إلا أنه يلاحظ أن هنالك تباطؤاً وتلكؤاً في الدفع بعجلته إلى الأمام.
ومع ذلك ينظر المحلل السياسي الأستاذ عبد الله آدم خاطر بعين التفاؤل للراهن السوداني، ويرى أنه على الرغم من الصعوبات التي تواجه اتفاق جوبا إلا أنه سيتنزل على أرض الواقع. ويؤكد خاطر لـ (النورس نيوز) أن الإنجاز الأكبر يتمثل في أن السودان أصبح ضمن المنظومة الدولية ولديه حقوق، وذلك بفضل اجتهادات الحكومة الانتقالية، وأشار إلى أن رفع السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب ساهم في تحسن الوضع، وبالرغم من سوء الخدمات إلا أنها لم تتوقف. وقال خاطر: (إن الانتقال من واقع لآخر يتطلب معاناة وعملاً مشتركاً ويجب تكريس جهدنا لذلك).

أزمات متجددة
ومع مرور الذكرى الثانية للسادس من أبريل يتعقد المشهد السوداني الاقتصادي بشكل ملحوظ، في ظل الأزمات المتلاحقة التي يمر بها السودان وندرة في الخدمات الأساسية، مما انعكس سلباً على أداء الحكومة الانتقالية التي فشلت حتى الآن في وضع برنامج اقتصادي يخرج السودان من أزماته المتلاحقة، وحول ذلك يؤكد الخبير الاقتصادي د. محمد الناير أن السودان لم يحقق أي تحول اقتصادي بالرغم من رفع اسمه من قائمة الدول الراعية للإرهاب.
واعتبر الناير لـ (النورس نيوز) أن السياسات الاقتصادية المتبعة من الدولة تشكل عبئاً إضافياً في ظل ارتفاع أسعار المواد الاستهلاكية وزيادة سعر الدولار الجمركي، وقال: (حتى الآن لا يوجد مشروع اقتصادي ملموس، وهنالك محاولة لإرضاء صندوق النقد الدولي).

حدث مؤسف
ومن المؤسف أن تمر الذكرى الثانية للسادس من أبريل بالتزامن مع تجدد الأحداث المتكررة وظاهرة الانفلات الأمني بدارفور، وما يجري بمدينة الجنينة منذ الساعات الماضية وكثير من مناطق السودان في وقت سابق الذي أدى إلى إدانة عدد من الجهات لذلك، من بينها حركة عبد الواحد محمد نور التي أشارت إلى أن أحداث الجنينة الأخيرة
تؤكد بما لا يدع مجالاً للشك عجز الحكومة عن حفظ الأمن وحماية المدنيين ونزع السلاح من أيدي المليشيات والمواطنين، وغياب الرؤية والمشروع لمخاطبة القضايا الملحة وأهمها توفير الأمن والطمأنينة. وحملت الحركة مسؤولية ذلك للأجهزة الأمنية والحكومة.

تحديات جسام
الناظر للمشهد العام السوداني وما تمر به حكومة الفترة الانتقالية، يجد أنها تواجه بتحديات جسام في إدارة شؤون الدولة، مما أدى إلى تأرجح ميزان الانتقال المطلوب لما بعد السادس من أبريل 2019م. وساهم في إحداث ضبابية تمنع قراءة المشهد السوداني بالشكل المطلوب. ويري الباحث في العلوم الاستراتيجية والعلاقات الدولية حسن دنقس أن هنالك سيولة في نمط الحكم في البلاد. ويشير دنقس لـ (النورس نيوز) إلى أن ذلك سيقود إلى ثلاثة مآلات للحكومة الانتقالية، تتمثل في أن يقود ذلك السودان الى أن يكون دولة قوية قانعة قادرة على صنع حالة توازن بين حجم إمكاناتها من مختلف أنواع القوى سياسياً، اقتصادياً وعسكرياً…الخ، وتابع دنقس قائلاً: (إما أن تقود الحكومة الدولة الى أن تكون دولة تابعة سياسياً واقتصادياً لدولة أو حلف أو قوى خارجية بسبب عدم وجود توازن أو تكافؤ في العلاقات، وإما أن تقود الحكومة السودان الى أن يصبح دولة فاشلة بإجماع وإقرار دولي مشفوع بمعايير ومقاييس الدول الفاشلة.

Exit mobile version