دفتر 6 أبريل.. قصة ثورة تغيير.!

تقرير: النورس نيوز

في نهار السادس من أبريل للعام 2019، زحفت كتل بشرية شبابية نحو مقر القيادة العامة للقوات المسلحة بالخرطوم، بعد مواكب ثورية ألهمت العالم، حيث اتت بالحلم الذي كان في يوم من الأيام بعيدة عن الخيال وهو “الاعتصام” الذي أنهى 30عقود من حكم حزب المؤتمر الوطني؛ على راس رئيسه المخلوع عمر حسن أحمد البشير؛ ولا يزال شهود الاعتصام يحفظون تفاصيل صمودهم تحت دفوعات النظام البائد الذي استخدم فيه مختلف الحيل لقطع الطريق امام الثورة القادمة من عمق التاريخ النضالي للشباب السوداني الذي استمر منذ اعوام مضت ، وتخطيهم للحواجز الأمنية التي نصبتها لهم مليشيات النظام، من أجل الوصول إلى الساحة المقابلة للقيادة العامة .

وكانت هتافات المتظاهرين تشق عنان السماء مرددة شعار الثورة ، (حرية-سلام-عدالة) وسط دموع المحتجين غطت المكان فرحا بالوصول إلى ساحة الاعتصام في يوم 6 أبريل اليوم التاريخي ، وتمسكهم بالبقاء لحين سقوط حكم المشير عمر البشير؛ دفعت كورونا بالسودانيين لإحياء ذكرى الاعتصام الأولى 2020؛ بالخرطوم في بيوتهم، تحسبا لانتشار الجائحة في موجات المتتالية. وتأتي هذه الذكرى والبلاد تخطو خطوات كبيرة نحو طي صفحات الماضي المأسوي إلى طريق السلام وانهاء الحرب.

ذكرى تاريخية :

يرى ثوار المدنية أن السادس من أبريل شكل ذكرى محطة حاسمة في مسار الثورة الشعبية السودانية، حيث صمد الملايين تحت وطأة مليشيات الحركة الإسلامية السياسية، 5 أيام أمام قيادة الجيش وتمكنوا من عزل البشير بعدما انحازت لهم القوات المسلحة.
وكانت انطلاقت شرارة الثورة السودانية في مدينة عطبرة في يوم 19 ديسمبر 2018م عندما قاد طلاب مدرسة ثانوية مظاهرات ضد انعدام وغلاء الخبز، واتت بالعديد من الجرحي والقتل من قبل القوات القمعية وسرعان ما تمددت إلى كل مدن السودان ، ومن ثم انتشرت موجة الاحتجاجات في العاصمة الخرطوم منادية بإسقاط النظام لأول مرة في 25 من الشهر ذاته.

صمود المتظاهرين :

وبعد صمود المتظاهرين لأكثر من 4 أشهر تحت قمع الأمن الذي قتل وجرح مئات الأشخاص، استلهم السودانيون ذكرى الثورة الشعبية وكانت وصول أول مجموعة من المتظاهرين للقيادة هو يوم 6 أبريل وهو من اميز التواريخ في ذاكرة الثوار وأعاد الأمل لاستكمال مسيرة الثورة ضد نظام البشير
فقد التف السودانيون حول «تجمع المهنيين السودانين الذي تأسس بعد الاحتجاجات التي عمت البلاد في سبتمبر 2013، إلا أن الإعلان الرسمي عنه كان في أغسطس 2018 في ظل تعتيم على أعضائه وهيئاته لأسباب أمنية وجاء اختفاء بعض القيادات وإظهار البعض الاخر ويضم التجمع أساتذة الجامعات والمهندسين والأطباء والمحامين والصحفيين وغيرهم من المهنيين. تشكل التجمع ليمثل بديلاً للنقابات الرسمية التي كان يسيطر عليها النظام السابق، ومن أهدافه تغيير النظام الحاكم بوسائل سلمية. ومع ازدياد وتيرة الاحتجاجات خلال ديسمبر، وما تلاه من أشهر، ظل تجمع المهنيين هو القائد الحقيقي للحراك حيث يعلن عن جداول الحراك في المدن والقرى، وفي التوقيت المحدد تخرج التظاهرة في المدينة أو القرية المعنية، الأمر الذي أربك حسابات الحزب البائد ، فبدأ حملة منظمة للتشكيك في هذا التجمع ووصمه بأنه تجمع وهمي وخفي لبقايا اليسار تحركه جهات.

تجديد الثورة:

واعتبر السودانيون أن ما حدث في البلاد يعد تجديداً لثورتين شعبيتين سابقتين قام بهما الشعب السوداني ضد نظامين عسكريين في عامي 1965 و1985، حيث نجحوا في المرتين في إسقاط انظمة عبر احتجاجات شعبية واسعة. ففي 6 أبريل 1985، أجبر نظام النميري على التنحي، بعد أن انحازت القوات المسلحة إلى جانب المتظاهرين الذين قادهم أيضاً «التجمع النقابي» الشبيه بتجمع «المهنيين السودانيين» الحالي. واستمرت أحداث تلك الثورة لعدة أيام، وصاحبتها إضرابات عامة انتهت بعصيان مدني شامل شل البلاد بالكامل، مما أجبر الجيش على التدخل، والإطاحة بنظام حكومة مايو. والشيء نفسه تقريباً كان قد حدث في أكتوبر 1964 ضد نظام الفريق إبراهيم عبود. وفي المرتين، أعقبت سقوط النظام إقامة فترة انتقالية، ثم انتخابات وحكومة. ويرى مراقبون أن السادس من أبريل شكل محطة حاسمة في مسار الثورة الشعبية السودانية، حيث صمد الملايين تحت وطأة مليشيات النظام الحاكم، 5 أيام أمام قيادة القوات المسلحة وتمكنوا من عزل البشير بعدما انحازت لهم القوات المسلحة.

نجاحات الثورة:

يقول عبدالوهاب الجميل القيادي بالجبهة الثورية؛ في حديثه لـ(النورس نيوز ) أن عدداً من القوانين المُقيّدة للحريات العامة، تمّ تعديلها أو إلغاؤها، مثل قانون النظام العام سيئ السمعة. كذلك أشار إلى قطع عملية السلام شوطاً بعيداً مع عددٍ من الحركات المسلحة، خصوصاً تحالفات الجبهة الثورية، مع تنفيذ وقفٍ شامل لإطلاق النار في كافة الجبهات حتي مع الحركات التي لم توقع اتفاق سلام. وتضم الجبهة عدداً من الحركات المسلحة تقاتل في إقليم دارفور، والنيل الأزرق وجنوب كردفان. ومن أبرز تلك الحركات، العدل والمساواة وحركة جيش حرير السودان والحركة الشعبية قطاع الشمال (فصيل مالك عقار) وعدد من المسدسات التي اتت بهم الجبهه الثورية لأهمية قضاياهم .

اعتقال الرموز:

اعتقال رموز النظام البائد هو اكبر إنجاز حتى الآن ويليه الالتزام بمثول البشير أمام المحكمة وإن تأخرت إجراءات محاكمتهم ستستمر الثورة؛ وكانت المحكمة الجنائية الدولية قد اتهمت البشير، في عام 2009، بارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية وإبادة جماعية في منطقة دارفور، التي شهدت منذ عام 2003 اضطراباً أمنياً واسعاً، بعد تمرد عدد من الجماعات على السلطة المركزية. وأدى النزاع إلى مقتل نحو 300 ألف شخص، ونزوح أكثر من مليونين، حسب تقديرات الأمم المتحدة. ورفض السودان، في عهد البشير، التعامل مع المحكمة الجنائية الدولية، واتهمها بأنها مسيسة، مهمتها استهداف دول العالم الثالث وتجاهل جرائم أخرى ترتكبها الدول العظمى.
الجيش والشعب:

وفي لحظة الوصول إلى مقر الاعتصام وقفت القوات المسلحة؛ من اجل تحقيق شعارات الثوره وجاء شعار “الجيش جيشنا ونحنا أهله” مما دفع بالقوات المسلحة في القيادة العامة؛ إلى احتضان الشعب؛ لكن على بعد فض الاعتصام والالم التاريخي ظل الكثير؛ ناغم على الجيش وتظل التساؤلات العديدة مطروحه امام الجميع؛ أولها هل سيستمر حكم العسكر؟ اليوم يحي الثوار التاريخ ما بين الترقب والانتظار؛ في ظروف بالغة التعقيد اذ ان البلاد تمر بجائحة كرونا وأزمة اقتصادية خانقه لكن التفاؤل سيد المشهد.

Exit mobile version