“حميدتي” في “أم تكال”… لِمَن يوجِّه رسائله؟

الدويم: آدم محمد أحمد

مناسبة اجتماعية في ثوب سياسي، ويبدو انه المدخل المناسب للتحايل على واقع، أصبح ليس من السهل أنّ يذهب مسؤولاً حكومياً لمخاطبة جمع من الناس، فالمعطيات كلها تشير إلى توقف العجلة، وانسداد الأبواب أمام طموح الجماهير وأشواقهم، فلا تنمية قادمة ولا مشاريع ستنهض، الكل ربما مشغولاً بمجاراة قطار الحياة المسرع والمثقل بالهموم اليومية، ودائرة الأزمات التي ما أنّ تنفك إلا وتحكم قبضتها على رقاب الناس،  كان والي النيل الأبيض إسماعيل وراق، صريحاً وهو يخاطب مناسبة تأبين الذكرى الأولى لرحيل العمدة الهادي عبدالرحمن مزمل؛ بقرية “أم تكال” بولاية النيل الأبيض؛ عندما قال “ليس في العام 2020 أي مشاريع تنمية”، وجاءت كلمات الرجل تحت وأبل من المطالب التي القى بها أصحابها الذين تجمعوا في تلك المناسبة نهار الجمعة، كل منهم يقدم مطلبه بصورة عشوائية عبر المناداة برفع الصوت، عسى ولعل أن يلتقط المسؤول عباراته، وبما يشبه التذكير، قال أحدهم من وسط المحتشدين وهو يستمع إلى بعض الوعود التي دلقها  الوالي “يازول هوي كلامك دا مسجّل عندنا”، ولكأن الرجل لا يصدق ما يسمعه، أو ربما أعتقد بناءا على مخزونه الذهني أن الوالي تناسى وجود كمرات الإعلام التي ترصد ما يقول، وهذا يؤكد مدى البؤس الذي لحق بهؤلاء الناس جراء تطاول أمد الأزمات التي أوقفت كل شيء.

وفي ظل ذلك، كان واضحاً أن قيادات الدولة، أصبحت حبيسة أدراج المكاتب، ربما لأسباب من بينها ظروف جائحة كورونا، التي فرضت واقعاً صحياً يتطلب التباعد ويرفض الاحتشاد، ولكن مثلما اشرنا لا شيء يدعوهم إلى لقاء الناس، طالما لا يوجد ما يقدمونه، ويبدو أن النائب الأول لرئيس مجلس السيادة الفريق أول محمد حمدان “حميدتي”، وحده من يجد الأسباب التي تجعله يتجول في الولايات، فالرجل كان نشطاً خلال الأيام الماضية، بين ولايات مختلفة،  كان أخرها زيارة منطقة “ام تكال”، بولاية النيل الأبيض، في إطار تشريف الاحتفال بالذكرى الأولى للعمدة الهادي، ومع أن اللافتة اجتماعية لكنها حوت في تفاصيلها حديثاً عن السياسة، وبالنسبة للمجتمع هناك فإن وجود رجل مثل “حميدتي”، فرصة سانحة للدفع بالمطالب، مع أن غالبية المجتمعات هناك أصابها اليأس من تحقيق أي مطلب خدمي في ظل هذا الواقع، مثلما ذكرنا، وكان هذا واضحاً من خلال حديث الناظر هباني يوسف هباني، الذي قال مخاطباً حميدتي: وصولك هنا فرصة؛ لنقول لك ما نريده”، وإن كان هباني جنح قليلا بمطالبه إلى ما يشبه البحث عن مكاسب في الحدود الضيقة عندما سأل حميدتي عن سيارات كان قد تبرع بها للإدارة الأهلية في العام 2018 لكنها لم تصلهم كاملة، وأضاف “نريد هذه السيارات”، وهو مطلب ربما أعجب البعض لكنه اثار غضب أخرين من منطلق أن هذا حديث مكانه اللقاءات الجانبية وليس المنصة  في بث مباشر، وفضلا عن هباني فإن بعض المتحدثين عمدوا إلى مخاطبة حميدتي، بطريقة تدفع إلى الاستجابة، قال أحمد عبدالرحمن مزمل ممثل لجنة التأبين، إن حميدتي رجل السلام الأول؛ وحامي الحدود من تربص الأعداء، وأضاف “زيارته لنا قلادة فخر واعزاز؛ لأننا نعلم قدر الرجل”.

الأمر اللافت هي الرسائل التي أراد “حميدتي” إرسالها فيما يتعلق بعلو شأن القبيلة وسط الممارسة السياسية، يأتي ذلك في حادثة كان الاحتشاد فيها  لتابين رجل قبيلة، لكنه خيري، ويبدو أن حديث حميدتي قصد عبره دفع تهمة ظل يلصقها البعض حوله، لكونه أصبح راعي القبلية، عبر بوابة الإدارة الأهلية، انطلاقا من اللقاءات التي يجريها الرجل مع زعماء القبائل سواء في مكتبه او مثل هذه اللقاءات الحاشدة، فهو قدم إلى لقاء “ام تكال” بعد أيام من لقاء كبير جمعه بقيادات أهلية في نهر النيل، وحميدتي كلما وجد سانحة يحاول تذكير المجتمعات بخطر القبيلة عندما تدخل في نافذة السياسة، ودعا المحتشدين في لقاء “ام تكال” إلى نبذ الجهوية والعنصرية؛ وقال مخاطبا الناس هناك، “لم نسمع منكم أي شيء عن العنصرية؛ فانتم متماسكون ومتعايشون”، واكد أن السياسيين فقدوا البوصلة وأصبحوا يمارسون النعرات العنصرية ويزرعون الكراهية وسط الناس لتحقيق أجندة خاصة، وزاد “القبلية أصبحت شماعة؛ واي زول ضنبو شايل “حسكنيته” يحتمي بقيلته ولا نريد أن تصبح القبيلة شماعة”.

 

Exit mobile version