اليكم_ (قانون القلع) _ الطاهر ساتي

(الباشبوزق)، نوع من العساكر غير النظاميين، وكانوا يقاتلون مع جيش الدولة العُثمانية (مجاناً)، إذ كان مسموحاً لهم نهب المواطنين وسرقتهم، أي كانوا يعيشون بقانون القوة وليس بقوة القانون، وهناك فرق.. ويبدو أن حكومة الثورة – رغم أنف الحرية والسلام والعدالة – تقتدي بقانون الباشبوزق في بعض تشريعات وقرارات المرحلة..!!

:: وعلى سبيل المثال، يوم الخميس الفائت، أصدرت والي الشمالية البروفيسور آمال محمد عز الدين، قراراً يمنع المزارعين من التصرف في محصول القمح، لا بالبيع ولا بالشراء ولا بالنقل، وأن من يفعل ذلك يُعاقب بالسجن (10 سنوات) والغرامة (50 ألف جنيه)، ويتكئ قرار الوالي على قرارين مركزيين، أحدهما بالرقم (2020/273) والآخر بالرقم (2020/128)..!!

:: وعليه، لا نلوم والي الشمالية، إذ هي تنفذ قرار الطوارئ الاقتصادية الصادر عن المجلس السيادي، وقرار حصر شراء القمح على البنك الزراعي الصادر عن مجلس الوزراء، وكلاهما لا يختلف عن قانون الباشبوزق الذي كان يسمح بالنهب والسرقة.. نعم، إلزام المزارع ببيع محصوله – للبنك الزراعي – بما يسمى بالسعر التركيزي نوع من النهب والسرقة..!!

:: وكما تعلمون، فإن السعر التركيزي هو السعر الذي يحدده مجلس الوزراء لشراء القمح من المزارعين بعد تمويلهم بواسطة البنك الزراعي، ودائماً ما يتم الإعلان عن السعر التركيزي قبل زراعة القمح بأسابيع.. وكما كتبت في ذات زاوية، فإن الأسعار التركيزية من الأفكار المتخلفة التي كان يتبعها النظام المخلوع، ثم أورثها لحكومة الثورة كأنها عادات وتقاليد لا يمكن التخلي عنها..!!

:: من الخطأ تحديد أي سعر للقمح – قبل أشهر من الإنتاج – في ظل وضع اقتصادي غير مستقر.. ومثل هذا التحديد يساهم في إحجام المزارعين عن الزراعة، إذ ليس من العقل أن يراهن المزارع على سعر محدد بالعملة الوطنية في ظل التضخم الذي يفقد العملة قيمتها أسبوعياً، وناهيك عن الأشهر.. وإن كان لا بد من سعر حكومي للقمح فيجب أن يكون في شهر الحصاد، وليس شهر التحضير..!!

:: ولعلكم تذكرون، في الموسم الماضي تم تحديد السعر التركيزي للمزارعين، ولكن رفضوه عندما تدهورت قيمة الجنيه، وقرروا بيع قمحهم – في الأسواق – بأعلى الأسعار، ثم سداد مبالغ التمويل (نقداً).. ولكن خرج مجلس الوزراء عن طوره، وهددهم – كما تفعل والي الشمالية اليوم – بالسجن والغرامة، ومُصادرة القمح ما لم يبيعوه للبنك الزراعي بالسعر الحكومي..!!

:: وكما لم تنجح سابقاً، في هذا الموسم أيضاً لن تنجح الحكومة في فرض سعرها على المزارعين، وهذه من طبيعة الأشياء.. فالأصل في البيع والشراء هو العرض والطلب والحرية والمنافسة، وليس الكبت والتقييد والاحتكار بالبنوك والأسعار الحكومية.. وغير بلادنا، ودول قليلة – مُتخلفة أيضاً – لم تعد هناك دولة تؤمن بالاحتكار..!!

:: فاﻟﻤُﺰﺍﺭﻉ يجب ألا يكون ﻣُﻠزماً ببيع ﻗﻤﺤﻪ للبنك الزراعي بالسعر الحكومي.. وكل المطلوب من المزارع ﻫﻮ تسديد ﻣﺒﻠﻎ ﺍﻟﺘﻤﻮﻳﻞ للبنك الزراعي، أو على البنك الزراعي شراء القمح بأسعار السوق، أي بالمنافسة ذات الجدوى للمنتج.. ﻓﺎﻟﺴﻮﻕ – ﺩﺍﺧﻠﻴﺎً ﻭﻋﺎﻟﻤﻴﺎً – ﺣُﺮٌّ، ﻭﻣﻦ حقّ ﺍﻟﻤﺰﺍﺭﻉ ﺃﻥ ﻳﺒﻴﻊ محصوله ﻟﻤﻦ يدفع ﺃﻛﺜﺮ، ثم يُسدد – للبنك الزراعي – ﻣﺎ عليه من ديون..!!
Tahersati@hotmil.com

Exit mobile version