الأخبار الرئيسيةتقارير

اعتقال قيادات الوطني.. “ضرب الجراب”

تقرير : طارق عبد الله

منذ المؤتمر الصحفي الأخير للجنة إزالة التمكين الذي فتح فيه عضو اللجنة الدكتور صلاح مناع النار في كل الاتجاهات ووزع الاتهامات لمجلس السيادة والنائب العام بالتقاعس عن إنجاح عمل اللجنة واعتبار حزب المؤتمر الوطني جماعة إرهابية، تزامن ذلك مع تطور الأحداث في العديد من الولايات، فشهدت ولاية غرب دارفور أحداث عنف قبلية وعمليات نهب وسلب لمحلات تجارية بولايات القضارف والضعين والأبيض بشمال كردفان وحرق مقار الحكومة، بجانب استهداف مقر لجنة التمكين بولايات شرق السودان ونهر النيل، فاحالت لجنة إزالة التمكين أصابع الاتهام لعضوية المؤتمر الوطني والحركة الإسلامية، ووجهت فروعها بكل الولايات لفتح بلاغات في مواجهة قيادات الحزب الحاكم السابق والناشطين فيه.

(ضرب الجراب)
سارعت اللجنة بولاية الخرطوم في اعتقال قيادات بارزة في اتهامات بالارهاب في مقدمتهم الكاتب الصحفي حسين خوجلي وإسحق أحمد فضل الله والطيب مصطفى وأمين حسن عمر واخرون معروفون في الأوساط الإعلامية، فكانت تلك الاعتقالات محل تساؤلات الكثيرين عن الدور الذي يمكن أن يقوم به اولئك في عمليات الفوضى والانفلات التي شهدتها أطراف الوطن ؟ وذهبت معظم التحليلات في اتجاه أنها محاولة لـ(ضرب جراب الإسلامين ) خوفاً من تحركاتهم في الفترة المقبلة.

تدخل سافر
العبيد مبارك استاذ العلوم السياسية بعدد من الجامعات يقول إن لجنة التمكين هدفت لاثارة البلبلة وتحويل أنظار الناس لعدو وهمي، مستفيدة من غضب الجماهير وشعارات الثورة السابقة لـ(دوس الاسلاميين)، فذهبت في ذلك الاتجاه وهو تدخل سافر باعتبار أن اللجنة ليست معنية بمهمة تحقيق الامن والاستقرار وإيقاف الفوضى والانفلات وهي مهمة الاجهزة الأمنية بالدولة ،كالشرطة وجهاز المخابرات العامة، ويمكن النظر الى أن الدولة حالياً تحكم من قبل مجموعات مختلفة كلها تمتلك صلاحيات، وهذا في حد ذاته يؤثر في استقرار الدولة باعتبارها جزراً معزولة ومتنافرة مع بعضها البعض، والنتيجة الراجحة هضم الحقوق الدستورية للمواطنين وضياع هيبة الدولة، وهي المشكلة الأساسية التي تواجه الحكومة الأنتقالية بضعف مؤسسات الدولة بما فيها المؤسسات الأمنية، ويتضح ذلك جلياً في الطلب الذي قدمه المحامي ابو بكر عبدالرازق امام المحكمة بان المجموعة التي تحرس علي الحاج في المستشفى لا تتبع للشرطة العامة ولا شرطة السجون التي من المفترض أن تكون مسؤولة عن حراسته بالمستشفى وهو منتظر لديها، والكثير من التصريحات المشابهة التي توكد تدخل جهات مجهولة في عمل المؤسسات الرسمية للدولة.

إجراء وقائي ولكن …!!
يتابع يونس حامد عضو سابق بالمباحث الاتحادية القول بان اعتقالات قادة المعارضة في حالات الاضطرابات الأمنية إجراء وقائي وامني باعتبار أنهم اصحاب المصلحة في اضعاف الحكومة القائمة، ولكن تلك الخطوات تتبعها إجراءات أمنية أخرى بجمع المعلومات والمراقبة ومتابعة تلك الكوادر، وتتخذ في مواجهتهم اجراءات بموجب قانون الامن الوطني، وهو قانون تم تجميده بعد هيكلة جهاز الامن والمخابرات الوطني وحصر دوره في جمع المعلومات وتسليمها للجهات المعنية بالقبض والتحقيق ، فاذا صحت البلاغات المتداولة بان الاعتقال بموجب مخالفة مواد الارهاب وغسيل الأموال، فان الامر لا علاقة له بالتظاهرات وعمليات النهب والسلب التي حدثت بالولايات، فالطريقة القانونية أن يتم فتح بلاغات في الاموال المنهوبة والمحروقة حسب دائرة اختصاصها، وأن تقوم الشرطة بدورها الروتيني في التحري والتحقيق واستجواب الشهود لتصل لمرحلة القبض على المتهمين بالادلة التي يمكن أن يقدموا بها امام العدالة.

عصابات إجرامية
يضيف مصدر امني فضّل حجب أسمه أن المعارضة في الحكومة الحالية غير معروفة ويمكن ان تكون من الاسلاميين أو الشيوعيين أو من اصحاب العملية السلمية الذين شاركوا في السلطة بقوة التفاوض. وقد يكون المواطنون الذين ارهقتهم المعيشة نتيجة ارتفاع الاسعار وانعدام العلاج اي (ثورة جياع ) كما يطلق عليها الكثيرون رغم أن هناك مشكلة في إطلاق عمليات اسم الانفلات والفوضى بانها (ثورة جياع ) فنعطيها شرعية ولفظاً يساعد في تمددها ووصفها الصحيح بأنها عمليات نهب وسلب تقوم بها عصابات إجرامية ستنتهي في خاتمتها الى (حرب عصابات) تهدد السكينة والطمأنينة ،الواقع الحالي لا يحتاج لنظرة سياسية إنما نظرة أمنية تقوم على عمليات تأمين المرافق الحكومية والاسواق والمناطق الحساسة ونشر الدوريات والارتكازات وجمع المعلومات ، فالانشغال بملاحقة الاسلاميين يعطي مساحة لتمدد عمليات الفوضى والنهب باعتبار أن هناك عدة جهات يمكن ان تتبنى مثل تلك الأعمال.

الحل في المشروعات

يقول شهاب الدين عبد الرحمن نائب رئيس حركة الوفاق القومية إن عمليات الفوضى التي شهدتها ولايات السودان المختلفة نتاج طبيعي للخلافات السياسية والسيولة الأمنية والاحباط الذي اصاب الشعب السوداني بعد ضياع ثورته وضياع شعاراتها وضياع أحلام الثوّار ببناء وطن تتوفر فيه مقومات الحياة الكريمة، وان معالجتها تتم بالتوجه نحو المشروعات التي تفيد المواطن الذي اضحى يقارن بين حكومته والحكومة السابقة، والوضع لا يحتاج لمقارنة فهي واضحة كالشمس ، فلا بد من مصالحة شاملة وترك مؤسسات الدولة العدلية لتقوم بدورها في محاسبة عناصر النظام السابق بالقانون والاتجاه نحو خدمة المواطن واستنهاض القطاع الخاص للمشاركة في تلك المشروعات، فالواضح حالياً أن السير وراء الانتقام وتحقيق الأهداف الشخصية قاد لتراجع الدولة، ويبقى أن الاستمرار في ذات الوتيرة مصيره السقوط داخل الهاوية.

‫3 تعليقات

  1. كلام عقلاني … ولكن كيف يطبق في وضع لا يوجد فيه أجهزة عدلية مكتملة ومتكاملة ونزيهة يمكن ان تؤسس لحالة استقرار امني وسياسي !!!!!

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *