العين الثالثة _ عودةٌ لانتهازية (البروف)! _ ضياء الدين بلال

-١-
لامني بعضُ الأصدقاء المُشتركين على مقالي، عن انتهازيةِ عبد الله علي إبراهيم، وقالوا إنّ به قسوةً مُفرطة.
وعتَبَ عليّ البعض الإشارةَ لرُكَبه المُرتخية، شرحتُ لهم أن الوصف معنويٌّ وليس جسدياً، مُتعلِّقٌ بالتقافُز بين المواقف.

وهو في الأساس مُستلفٌ من مقال الراحل الخاتم عدلان في حق البروف، نقلتُه عنه على سبيل الاستشهاد.
-٢-
كُنت من المُعجبين بالبروف والمُتابعين لكتاباته وندواته. وكثيراً ما كانت تجمع بينا مُجالساتٌ منزلية ومكتبية.
أكثر من مرّةٍ، وجدتُه يقطع عليّ الطريق، بمُداخلاتٍ وتعليقات ومقالات، لا تُراعي ما بيننا من وُدٍّ واحترامٍ.
لستُ يسوعياً حتى أحفظ له احتراماً هو مُهدره، أو أرعى له وُدّاً، هو فيه من الزاهدين!
-٣-
كتبت مُحذِّراً من المخاطر المُترتّبة على سعي لجنة إزالة التمكين للتكسُّب السياسي من ملف مُحاربة الفساد.
هذا نفسُ الخطأ الذي حذّرنا منه النظامَ السابق، حينما أطلق حملة اصطياد القطط السمان لأغراضٍ سياسيةٍ.

وظلننا نُردِّد بأنّ حقن مشروع محاربة الفساد بالأجندة السياسيِّة والشخصيِّة والانتقاميِّة، سيفسدُ مشروع المكافحة.
والأخطرُ من ذلك، سيُحوِّل الفاسدين لضحايا، والأموال المُصادرة لدَيْنٍ في عُنق الشعب، يُوفى بالسداد عند تكوين المحكمة الدستورية !
-٣-
نتّفقُ مع المشروعِ من حيث المبدأ والفكرة، ونختلف مع القائمين عليه من حيث المنهجِ المعوجِّ والأسلوبِ الهمجي، والمعالجاتِ المشبوهة.
مُحاربةُ الفساد بطرقٍ فاسدة وغيرِ عادلة، سيُحدِثُ مناخاً لا يساعدُ على الاستقرار السياسي والاقتصادي والاجتماعي كذلك.

محاربةُ الفساد بعيداً عن منصات القضاء وخارج المؤسسات العدلية، يفتحُ البابً لفسادٍ أكبر وأخطر.
إدانةُ الناس عبر منصات الإعلام وتشويه سُمعتهم والزجُّ بهم في السجون لسنواتٍ، بدون مُحاكمات، يجعلهم يستنصرون بقبائلهم.
-٤-
أخذ عليّ البروف إشادتي بالسيد محمد طاهر إيلا، ووصفي بأنه من السياسيين أصحاب الأفعال لا الأقوال والإنجازات لا الخيبات.
لم يستحدث مواردَ جديدة، بل أغلق مواسيرَ الصرفِ العبثيِّ وأعاد المالَ إلى أهله طرقاً وخدماتٍ تُرى بالعين ولا تُسمع بالآذان ووعودٍ سرابية.
مع إيلا لم يعدْ في الجزيرة والبحر الأحمر، مُتفرغِّون لمهام وهميَّة يركبون الفارهاتِ على حساب المواطن البسيط.
لم يعد في الولايتين كشوفاتُ مرتباتٍ للموتى تُدفع من عرق الكادحين.
إيلا وهو في رئاسة الوزراء بدأ عمله بمحاربة الفساد الحقيقي: حل الأجسام الموازية لأجهزة الدولة وقفل بلوف الصرف العبثي.
-٥-
لم نقف مع إيلا وقتذاك، حينما شُنّت عليه حربٌ ضروس داخل تنظيمه الحاكم، لصلةِ قرابة ولا لمصلحةٍ مُتحقّقة أو مُرتجاة.
ولم نشهدْ له اليوم بالحق، وهو لا يملكُ لنا نفعاً ولا ضراً، مكايدةً ومغايظةً للجنة التمكين.
هذا ما نراه حقاً حتى تثبت لنا الأيام أو أحكام القضاء العدل، إننا كُنّا على خطأ، بمنحنا ثقةَ قلمِنا لمن لا يستحق.
– أخيراً –
أما ما يفعله البروف من عبثٍ وهو يُرمرم في صناديق قمامة الأسافير ويُلطِّخ سُمعة الرجل بالشائعات والأكاذيب، ذلك ما نتصدّى له بالحقائق.

Exit mobile version