آراء و مقالات

الباقر عبد القيوم على يكتب _ القرصنة بإسم القانون و تحت حماية الدولة

همس الحروف

القرصنة بإسم القانون و تحت حماية الدولة

الباقر عبد القيوم على

الحلقة الثانية

 

في الحلقة السابقة تناولت قصة تلك المجموعة المسلحة التي داهمت إحدى بنايات احياء الخرطوم و قامت بإرعاب وإرهاب سكانها الآمنين، كما داست على السلم المجتمعي بأبواتها ، حيث كانت هذه المجموعة تستغل عربة بوكس بدون لوحات و تسندها من الخلف قوة أخرى بعربة دفع رباعي مسلحة بسلاح نوعي. وكان ذلك من أجل سحب ثلاث سيارات حسب إدعائهم التي تخص المواطن (ن.ع . أ) الذي كان يظن أنه يعيش في دولة آمنة كما يشاع عنها و يتوفر فيها درجة من الأمن والأمان له ولأسرته ، ولكن الواقع قد كذب ظنه وظن كل أهل السودان من واقع حيثيات قراءتهم لهذه الجريمة التي تمت بدم بارد وتحت ظلمة الليل البهيم ، فالمواطن (ن .ع .ا) لم يكن موجوداً بالخرطوم في تلك الأثناء و في ذلك اليوم الذي إفتضح فيه أمر الدولة في مقدرتها على فرض هيبتها وذلك بتداخل سلطاتها التي تهمش دور وزارة داخليتها في جميع إختصاصاتها، كما وصف العجز الكلي لشرطتها في فرض هيبة القانون. و أوضحت مدى غياب و قصور الأجهزة العدلية تماماً عن مثل هذه المشاهد السالبة التي تتم باسم الدولة مما فضح دور الأجهزلة العدلية والرقابية،
كما وصفت هذه الحادثة ضعف دور النيابة في حماية المواطن مع عدم مواكبة الانظمة والقوانين التي تنظم بسط هيبة القانون وفق مواعينه التي كان من المفترض أن تسع ما يحفظ ماء وجه الحكومة امام شعبها ، وكذلك وصفت قلة جاهزية دوريات النجدة في مكافحة الجرائم المسلحة و ذلك يرجع لقلة الأدوات والعدة والعتاد في التسليح النوعي للتصدي لمثل ما حدث في هذه الجريمة النكراء.

سكان تلك البناية الذين حتى الآن لم يفيقوا من دهشتهم والذعر الذي أصابهم حيال تصرفات تلك المجموعة التي أرهبت الحي بسلوكها الغريب حيث اختلط على السكان الآمنين الأمر ما بين إدعاء تلك الجهة في تبعيتها لجهة رسمية و ما بين سلوكها الذي كان لا يتوافق وثوابت القانون في تنفيذ هكذا مهام بحيث أن كل سلوكها الذي قامت به كان يدلل على أنهم عصابة مسلحة ، حيث أنهم قاموا بسؤال الناس عن عدد ثلاث سيارات ولكنهم لم يسألوا عن صاحبها ، فكيف يستوي أن تكون هذه السيارات مطلوبة في جريمة أو لأي أمر آخر وصاحبها لم يكن مطلوباً و بعيداّ كل البعد عن هذا الاتهام الذي شمل منقولاته ولم يشمله هو صاحب الشأن ؟! ، و حينما قام الجيران بسؤالهم عن هويتهم لم يجيبوا عليهم ، و عندها قام أحد الجيران بالإتصال بصاحب هذه السيارات ، و الذي كان يظن أنه يتعامل مع جهة رسمية وفي دولة تحترم مواطنيها و القانون ، فطلب من جاره أن يوصله بقائد هذه المجموعة ليستفسر عن سبب مجيئهم و إلى أية جهة يتبعون ، وما هو نوع الجرم الذي شمل سياراته و لم يشمله هو ؟! ، فرد عليه الذي كان ينادونه بجنابو أيمن الذي امتنع بداية عن الإفصاح عن هويته وبعد جهد جهيد عرف نفسه بأنه يتبع للجنة إزالة التمكين ، فطلب صاحب السيارات إبراز ما يثبت ذلك ولكن كان ذلك كالحرث في البحر بدون جدوى، حيث لم يكترثوا لطلبه و بدأوا في تهشيم نوافذ سياراته المعنية من أجل التحكم فيها لرفعها على ظهور السحابات التي رافقت هذه الموكب، و بالرغم من وجود صاحبها على الهاتف إلا أنهم لم يقوموا بطلب مفاتيحها منه مما يدلل ذلك السلوك على ان هذه الجهة لا تتعامل وفق موجهات القانون وانما هي تقوم فقط بتنفيذه أمر معين أو توصيل رسالة سالبة و هذا يعد جريمة نوعية ونكراء في حق هذا الشعب المعلم ، حيث هذا السلوك الإجرامي ليست له علاقة بمواعين القانون ، وعندها صدم (ن. ع .ا ) و هرع الاستنجاد بالنجدة التي حضرت في توها إلى مسرح الجريمة و حاولت الإستقصاء عن هوية هذه المجموعة المسلحة ، و لكن هذه القوة عرفت نفسها لدورية الشرطة شفاهة بأنها جهة رسمية و تتبع للجنة إزالة التمكين. وحينما تشددت الشرطة في طلب الأوراق الرسمية التي يتم بموجبها سحب هذه السيارات قامت القوة المعتدية بعمل ساتر من أجل الاشتباك مع دوية الشرطة ، ولولا لطف الله والوعي التي كان يتمتع به حكمدار تلك النجدة لكانت هنالك ضحايا كثر وسط جموع المواطنين الذين تجمهروا في ذلك المكان ، ولهذا قررت النجدة الانسحاب بعد أن وثقوا ما حدث وذلك من أجل السلامة العامة.

الصادم في الأمر لم يكن في هذه الجريمة نفسها و الطريقة التي تمت بها ، و كما لم تكن الغرابة في حيثياتها التي كانت مخالفة للقانون ، إذا صدقوا في روايتهم بأنهم فعلاًّ يتبعون إلى جهة رسمية، وهم فقط عبارة عن جنود مأمورين بالتنفيذ ! ولكن المفاجأة الصادمة التي تدمي لها القلوب وتنهمر لها الدموع السجية هي أن بعض شهود العيان قد تعرفوا على قائد هذه العملية السوداء و أكدوا أنه نقيب بشرطة السودان و ملحق باستخبارات جهة أمنية أخرى. وما هو معلوم بالضرورة أن هذه الجهة ليس لها أي مسوق قانوني يجعلها تقوم بمثل هذه المهمة التي على أقل تقدير يمكن أن توصف به أنها مهمة ( قذرة).

السوأل المهم هو الذي أقوم بتوجيهه إلى وزير الداخلية وعبره إلى مدير عام الشرطة وبواسطته إلى مدير شؤون الضباط : كيف لضابط شرطة ويحمل شرف الانتماء إلى هذه المؤسسة القومية العريضة ذات السمعة الطيبة والتي تشتهر بضبطها وربطها في تنفيذ القانون ، حيث أن هذا الضابط قام بذبح كل قيم هذه المؤسسة في مكان هذا الحدث ، و لكن السؤال الذي يفرض نفسة لماذا لم يستجب هذا الضابط الذي كان مسلحاً ويلبس الزي المدني لأوامر وتعليمات دورية الشرطة التي تتبع لنفس مؤسسته التي ينتمي إليها والتي اغتال كبرياءها أمام جموع المواطنين .. هذا ما سنتعرف عليه في الحلقة القادمة إن شاء الله.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *