محكمة الشهيد “حسن عمر”.. جلسة عاصفة وتفاصيل قاتل مأجور وخطبة عصماء للنائب العام

الخرطوم: النورس نيوز

أقل ما يُوصف به أولى جلسات محاكمة المتهم بقتل الشهيد “حسن محمد عمر”، بالقرب من مستشفى الزيتونة بالخرطوم رمياً بالرصاص، إبان اندلاع ثورة ديسمبر المجيدة ٢٠١٨م بأنها جاءت عاصفة – لا سيما وأن النائب العام تاج السر الحبر، قد أماط اللثام في خطبة الادعاء الافتتاحية التي تلاها أمام المحكمة المنعقدة بمعهد التدريب القضائي بضاحية أركويت شرق الخرطوم عن معلومات مثيرة، كشف خلالها أن المتهم ليست له رتبة عسكرية ولا علاقة له بالقوات المسلحة او الشرطة او اي جهاز نظامي آخر، مشيراً الى أن المتهم وبحسب افادته بالتحريات والمحكمة متعاقد لدى جهاز المخابرات العامة ويتقاضى منه راتباً شهرياً قدره (10) آلاف جنيه، لافتاً الى أن المتهم الماثل أمام المحكمة في الدعوى الجنائية لا يحمل أي رتبة عسكرية وإنما هو أجير مدفوع الثمن كما سيتضح ذلك من خلال إجراءات المحاكمة بحد قوله.

تفاصيل الحادثة
وأكد النائب العام بأن تفاصيل الحادثة تعود الى أنه وبتاريخ 25/12/2018م، حيث كانت شوارع الخرطوم تمتلئ بالمواكب السلمية الرافضة لسياسات النظام السابق ، وانتهاكات حقوق الإنسان وإجهاض الحقوق الأساسية في التعبير السلمي وحق التجمع السلمي، منوهاً الى أنه وبتوقيت الثورة حسب إفادة أحد الشهود في القضية، كانت تبدأ المواكب والاحتجاجات السلمية التي شهد العالم أجمع على انها كانت تجمعات سلمية ولم ترصد فيها أيِّ مظاهر عنف، وأصبحت الظاهرة السلمية منهجاً لإبداء الرأي حتى أخذت صفة الوقائع التي يؤخذ بها علماً قضائياً دون الحاجة لإثبات، وأشار النائب العام الى انه لم يكن سلاح المتظاهرين سوى الكلمات ورفع الشعارات بأسلوب حضاري مميز ، لكن التصدي لهذه الظاهرة كان عن طريق العنف المفرط وبأعلى درجاته في استخدام السلاح والضرب بالرصاص.

مُستندات الاتهام
ونوّه النائب العام الحبر، في خطبة الاتهام الافتتاحية إلى أنهم بصدد الدفع بمستند اتهام (3) عبارة عن مقطع فيديو لتسجيل كامل للأحداث محل البلاغ، اضافة الى تقديمهم الشهود الذين شهدوا الأحداث في تلك الظهيرة الحزينة بحد تعبيره، مشددا على ان البينات ستوضح تفاصيل ما حدث بأن المتهم قد أطلق الرصاص على المجني عليه بينما كان واقفاً أمام مبنى سوداتل بشارع السيد عبد الرحمن بالقرب من مستشفى الزيتونة، مضيفاً وأن المحكمة ستستمع خلال الفيديو مستند اتهام (3) أصوات الرصاص وصوت الجاني (المتهم) وهو يصرخ في حالة هستيرية متعطشاً للدماء، ونبه الحبر الى ان المحكمة كذلك ستشاهد من خلال مستند اتهام (3) بأن المتهم وهو يهرول حاملاً سلاحاً فتاكاً يوجهه ميمنة وميسرة كأنه في معركة مع عدو أجنبي، وفي حالة لإدخال الرعب والخوف والقهر في النفوس، ولا يقف عند ذلك بل يواصل إطلاق الرصاص في سلوك ممنهج لقتل المعارضين للنظام في الرأي، الى جانب انهم سوف يقدمون في قضية الاتهام مستند اتهام آخر وهو عبارة تقرير الطب الشرعي يوضح دخول المجني عليه الشهيد محمد عمر عثمان المستشفى بتاريخ 25/12/2018م ، وكان مصاباً بعيار ناري في العنق أدى إلى تمزق القصبة الهوائية وتهتك المرئ وقطع في النخاع الشوكي وتهشم في الفقرات العنقية رقم (7 ، 8)، ودخول الطلقة من الأمام وخروجها من الخلف ، وفاضت روحه الطاهرة في تاريخ 12/1/2019م، ووصف الحبر، بان ذلك بحق هو القتل المباشر، صوب لتقتل ولا ترى أبشع من ذلك، واردف بقوله: (فقد توافر العنصر المادي وعلاقة السببية والقصد الجنائي، طبيعة ما كشف عنه التقرير الطبي الشرعي) بحد قوله.

تهم للمتهم
وكشف الحبر خلال خطبة الاتهام الافتتاحية أن النيابة العامة قد وجهت الاتهام للمتهم تحت المادة 130/186 (القتل العمد والجرائم ضد الإنسانية) ، مؤكداً تقديمهم الأدلة وما يثبت عناصر التهمة دون مرحلة الشك المعقول وذلك من خلال اعتراف المتهم وأقواله امام المتحري، وشهادة الشهود، وطوابير الاستعراف، الى جانب البينات المسجلة عن طريق الفيديو، وتقرير التشريح، وخلافها من البينات.

واجبات النيابة
ولفت النائب العام الى أن تقديم المتهم للمحاكمة يأتي استيفاءً لواجبات النيابة العامة المقروءة بموجب المادة (8/3) من الوثيقة الدستورية وأحكام قانون الإجراءات الجنائية لسنة 1991م والمادة (3/ح) من قانون النيابة العامة لسنة 2017م، والتي تنص على (أن يولي أعضاء النيابة العامة الاهتمام الواجب بالدعاوى المتصلة بالجرائم ، والانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان ، وغير ذلك من الجرائم التي ينص عليها القانون الدولي).

حتى لا تتكرّر ظاهرة القتلة
وأكد الحبر أن هذه القضية تمثل حلقة من سلسلة أفعال العنف الممنهج وتعزيز هجوم واسع النطاق في تسبيب القتل العمد للسكان المدنيين وحرمانهم عمداً من حقوقهم الأساسية التي ينص عليها الدستور ومواثيق حقوق الإنسان التي كانت جزءاً من المنظومة التشريعية السودانية منذ عام 1986م، حيث تمت المصادقة بموجب القانون رقم 6/1986م على العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية والعهد الدولي الخاص بالحقوق الاجتماعية والثقافية والعهد الأفريقي الخاص بحقوق الإنسان والشعوب، وكان ذلك قبل أربعين عاماً مضت، لافتاً الى أن السياسة العقابية تستلزم رؤية جديدة لمثل هذه الجرائم حتى لا تتكرر ظاهرة القتلة المأجورين والشبِّيحة وكتائب الظل والقتل بالإنابة وسياسات العُنف والانتهاكات الممنهجة، وما شهدته بلادنا وعانى منه شعبنا خلال ثلاثين عاماً مضت.

معلومات المتهم
وقال المتهم لقاضي المحكمة، إن اسمه اشرف الطيب عبد المطلب احمد، سوداني الجنسية ويقيم بمنطقة الثورة، ويعمل متعاقداً بجهاز المخابرات العامة بـ(عقد سنوي) ومكلف بالإشراف على وحدة المعلومات، منوها الى انه مسلم الديانة، ويبلغ من العمر (39) عاماً، ومتزوج واب لثلاثة أطفال.

وكلاء نيابة ومحامون
الجدير بالذكر أنّ الاتهام عن الحق العام يمثله وكيل أعلى النيابة ماهر سعيد مصطفى، الى جانب وكيل النيابة محمد ابراهيم، فيما يمثل الاتهام عن الحق الخاص عن اولياء دم المجني عليه المحامي طارق صديق كانديك، الى جانب المحامي معتز المدني وآخرين في ذات الوقت مثل المحقق في القضية وكيل النيابة محمد الصافي، الى جانب مثول والد المجني عليه عن اولياء الدم (محمد عمر).
فيما مثل دفاع المتهم على رأسهم المحامي د. بابكر الصائم بابكر، إلى جانب المحامي احمد ابراهيم أمبدة؛ في المقابل، حددت المحكمة جلسة أخرى لسماع اقوال المحقق النيابي في الدعوى الجنائية، يوم الأحد المقبل.

Exit mobile version