همس الحروف _ هل سمحت لنا أن نتقاسم معك الأجر سوياً يا عميد سُفراء الإنسانية؟ _ الباقر عبد القيوم على

بحروفٍ رائقةٍ، ناطقة رائعة وواصفةٍ، كتب كعادته المبدع الإنسان سعادة السفير علي بن حسن جعفر، سفير خادم الحرمين الشريفين بالسودان وجنوب السودان، مقالاً يحمل في طياته كل معاني الإنسانية التي فطر الله الناس عليها، وذلك ليس من باب الكتابة فحسب، وإنما من واقع عشقه للكلمة الطيبة التي تشكل دائماً قالب هذا الرجل العظيم منذ أن عرفناه، إذا تحدث بها أو سطرها بمداد يراعه، أو حتى إذا تدارى بالصمت متخفياً عن الأنظار، فإن في صمته بديع كلام، فلحديثه إيقاع عجيب تطرب له الآذان، وكذلك له لحن شجي رائع لا يستطيع أن يعزفه إلا خبير بلغة الضاد التي استطاع بها أن يجمع شتات الحروف المبعثرة لينسجها لنا ببراعه الصنعة واحتراف الصانع وجمال المصنوع كلما ساورته فكرة أو خامرته خاطرة أو كان هنالك موقف يستحق أن يكتب عنه، لأنه يمتلك ملكة الإبداع التي يمكنه بها التحليق بقرائه في عوالم المعرفة باستنطاقه للحروف الصامتة التي يستطيع أن يجعل منها عبارات وجُملاً توصف لنا الموضوع بصورة أكثر وضوحاً من مدلول معانيها، لأنه دائماً يصنع الجمال ببساطته التي يكاد أن يكون بها زهدٌ، والمدفوعة بإحساسه الداخلي النبيل لدرجة السمو الروحي والصادق لدرجة الكمال والتي تكون دائماً مملوءة بسحر البيان، فلا عجب في ذلك، فإنه ابن أم القرى (مكة) البار، تيمناً منه بالصادق المصدوق كما ورد عنه في الأثر: (إني أفصح العرب بيد إني من قريش).

تذوّقوا معي جمال عنوان مقال هذا الرجل المُلهم، الذي تحرّكت له كل سواكن جسدي (سنتقاسم الخبز معاً)، ونحن نعلم أنّ نيّة المرء أفضل من عمله، كما ورد ذلك في الأثر وخصوصاً أن جميع أفعال هذا الإنسان الفريد من نوعه تسبق أقواله دائماً، وهكذا عهدناه منذ أن تشرف السودان بقدومه، فكان إضافة حقيقية لكل معاني الدبلوماسية، فنجده دائماً في الصفوف الأولى شاهراً بسمته الساحرة، وقائداً للدبلوماسية الشعبية والاجتماعية قبل أن يكون ممثلاً لبلاده على الصعيد الرسمي، راسماً بذلك أجمل عنوان يعكس الوجه المشرق لدبلوماسية بلاد الحرمين الشريفين، وهذا ما يؤكد مهنيته المتشبعة بالعطاء الخالص للإنسانية والمتجرد لله، وكذلك ما عهده الناس في شخصه الكريم والمتسامح ذي الروح الإنسانية التي تشرّبت بالجمال مما جعله أن يكون حاضراً معنا في كل المحافل الاجتماعية السودانية، ولذلك يراه المراقب دوماً صائلاً وجائلاً يجلجل بين صفوف الشعب السوداني بكل ما يكتب ويقول كالقعقاع بن عمر ذلك الصحابي الذي مُيزت جلجلة صوته بأفضل من ألف رجل، بيد أنه صاحب جودية، فأصبح مسجلاً بهذه الصفة حضوراً أنيقاً وجميلاً بجمال روحه في كل المحافل الاجتماعية التي يتبارى فيها صُنّاع الإنسانية، ومفاوضات جوبا تقف على ذلك خير شاهد ودليل، فهو يؤمن بتوسيع دائرة المشاركة لأنه يؤمن بأن البركة في الجماعة، ولذلك أبت نفسه إلا وأن يضع يده بين أيادي الفرقاء، ناصحاً تارة ومتجوداً تارةً أخرى ومقرباً للمسافات بينهم، وآسراً الناس بإبداعه الشخصي الذي يدلل على حنكته الدبلوماسية وفطانته العربية، وحلمه الذي يوصف الناس به أهل مكة في وصف مُوجز يشكل جمال صورته الإبداعية التي يظهر بها في هكذا محافل تشهد على عشق هذا الرجل الإنسان للخير والإنسانية أينما كانا.

 

في إطار تواصله الأنيق مع شرائح المجتمع السوداني المختلفة بأقاليم السودان المترامية الأطراف، فقد ظل هذا الجندي المجهول علي بن حسن جعفر يخفي نفسه تحت جلباب التواضُع، متنكراً لذاته، ومفاخراً بأنه موظفٌ عامٌ لبلاده ليس إلا، لا يرجو ثناءً إلا من عند الله عز وجل في علاه، معتبراً أن شخصه لا يمثل نفسه في جل ما يقوم به من مهام عبر وظيفته، وهذا من باب كسره لأنفة نفسه حتى لا يقع في الرياء، ويعتبر ذلك تواضعاً منه لأنه مؤمن بهذه القناعات، فإن أصاب فهو شاكرٌ لله منيبٌ له ومقرٌ بأن ذلك توفيق وفضل من عنده وإن أخطأ في أمر، فمن نفسه والشيطان، ضارباً بذلك أروع آيات المهنية ونكران الذات، ومتقدماً الصفوف بهذه القناعات مع أركان حربه الميامين الذين يمثلون كامل بعثته الدبلوماسية في السودان، وعلى رأسهم الشاب الرائع فيصل الشهري المسؤول الإعلامي بالسفارة، الذي لم يبخل يوماً واحداً للإعلام والإعلاميين بكل ما يُوثِّق لهذا العطاء من معلومات لتكون شاهداً له، ونحن البشر شهداء الله في أرضه، ومن هذا الباب نشهد لهذا الإنسان صاحب القلب الجميل فوق ما كُلِّف به من مهام رسمية كسفيرٍ، يتفقّد أحوال الفقراء وضعيفي الدخل بدون كلل أو ملل ليتقاسم معهم اللقمة سوياً كما وعد بذلك، وكان وعده صادقاً كما نطق به لسانه، وذلك عبر برنامج مركز الملك سلمان للأعمال الإنسانية، مؤكداً بأفعاله وأقواله أزلية العلاقات الممتدة بين البلدين الشقيقين والمتشعبة بالإخاء الصادق والجوار الممتد والمصالح الاستراتيجية المشتركة التي ترمي في صالح الأسرة العربية جمعاء والتاريخ الذي تضرب جذوره في عمق الأرض لتروي للعالم أجمع أروع قصة حب خالدة تُوصف جمال الإخاء وحُسن الجوار بين الشعبين السوداني والسعودي.

Exit mobile version