أما قبل _ وإنكشف الظهر مرتين …! _ الصادق الرزيقي

إنكشاف ظهر القوات المسلحة و هي تخوض معركة الوطن في الحدود الشرقية ، و خذلان الشريك السياسي المدني لها ، ليس هو الفاجعة الوحيدة التي تعيشها البلاد ، إنما هي مقدمة الخراب الكبير و تحلل الدولة و كيانها الوطني ، هذا هو الأخطر الذي نعانيه ، و يكاد ينشب أظافره دون تميمة تنفع ، وبه تواجه البلاد ظرفاً أشد مضاضة و ضيقاً ، و هي رهينة بين براثن حكم عميل خؤون بائس ، تنهشها مخالب البغاث و ناب كل عاطب ، بينما جيشها بلا سند سوي الأخيار من أبناء الشعب الباسل يقاتل و ينافح و حكومته لاهية يتآمر جزء منها ضد قواته و يكيد لها ليل نهار ، و لكأن أهل الحكم قبلوا الدنية في وطنهم بعد أن قبلوها في دينهم ، و باعوا تراب بلدهم علي الرصيف بثمن بخس ، و تركوا الجيش وحده يرد كيد المعتدي ، و قد أعجز هؤلا العملاء ( وزراء و رئيسهم الغائب دائما في حضرة التراب الوطني ) حتي بيان محترم و لسان مبين ، يدافع بقوة و يحاجج في غلظة و منطق عتيد ..

ما أجمع عليه كل أبناء وطننا المكلوم ، أن حكومة الفترة الإنتقالية التي أوهن من تؤدي و واجبها و مهامها ، لهي أكثر ضعفاً من أن تقف و لو مرة واحدة موقفاً وطنياً مشرفاً ، لم نسمع منهم و الرصاص يلعلع في الفشقة و الدافع تدوي في حدودنا مع أثيوبيا ، لم نسمع إلا التصريحات الباردة الباهتة و العبارات المثلجة المحنطة في حلوق أصحابها المخنثة و هي تنثال مهيضة في الهواء ، لم نجد منهم إلا البيانات المحبطة من وزارة الخارجية المختطفة من العملاء مهطعي الرؤوس ، بينما تجرح كرامة البلاد و تهان في كبريائها و يفتري عليها بالتضليل والكذب كل ناعق و دعي و يلطخ ثوبها النقي الطاهر العدو مباغض ..

لم نجد منهم الا الخيبة والخذلان ، انظروا اليهم من يدعون انهم حكامنا ، ليسوا رجالاً بما يكفي ، ليتقدموا الصفوف ويتسابقوا الي ميدان المعركة كما الشرفاء ، جلسوا في مقاعدهم الوثيرة يحرضون سراً ضد جيش بلادهم ، يتهامسون مع العدو اناء الليل و اطراف النهار وجواسيس المخابرات بينهم يجوسون خلال الديار ، يغرسون خناجرهم المسمومة في ظهر القوات المسلحة ويطعنون خاصرة الوطن ، و يبيعون المواقف بالحياد الغريب ، كأن التراب ليس ترابهم ، والسبايا ليسن من اهاليهم ، والبيادر والحقول السليبة لم تكن يوماً تطعم بطونهم ، والوجوه السمر التي تقف عند كل ثغر لا ولم تدافع يوماً عن أمنهم و إستقرارهم وعن كل قصر منيف سكنوا فيه ..

هؤلاء هم شذاذ الآفاق حقاً … من رئيس وزرائهم لأصغر مسؤول خاب فيه الرجاء.. قدموا الينا من كل صقع ناءٍ قصي ، ملوثة وجوهم و أيادهم بروث العمالة و الخيانة و الكذب البواح ، لا تحركهم غضبة ملء ثيابها رائحة التراب ، ولا تستفزهم صيحة حق تهز أرجاء البلاد عرضاً وطولاً ، هذه الأرواح الخبيئة و الجيف الميتة الضمير ، لا تشبه بلادنا ، و لا تنتمي لطينها و جروفها و صهيلها و زغاريدها و لمعان نصالها ، ألم تر أنهم في كل وادٍ يهيمون ، الا في واد ذي زرع مخضر هو بلدهم المحزون ، خانوه زمناً جهرةً ، و يخنونه الان سراً و علانية و لا يأبهون ..! يبررون للعدو فعلته ، و يتهربون من إعلان التعبئة العامة و الإحتشاد بقوة خلف الجيش ، وتسخير وسائل الإعلام الحكومية و الخاصة من أجل التعبئة و دعم القوات التي تقاتل في معركة الشرف والكرامة ، فها هم يتقاعسون عن واجب يلقي علي عاتق كل حكومة مهما كان ضعفها و هوانها علي الناس و العالمين ..
بجانب ذلك كله إذا أحسنا الظن في بعض الحال ، ما هو واجب الحكومة بل واجب التركيبة الحاكمة كلها ، الذي يتوجب عليها القيام به ، فبعد أن تركت ساحة و ميدان المعركة تقاتل فيها القوات المسلحة بلا ظهير ، و تركت ساحة الإعلام و التعبئة ، فلماذا غابت حكومتنا عن ساحة العمل السياسي والدبلوماسي ولم تسخر أدوات الإتصال الفاعلة العلاقات الدولية ؟ لماذا ظهرنا أيضا مكشوف وكأننا بلا حليف دولي أو إقليمي ؟ يعتدي علي بلدنا ويستشهد أبناء القوات المسلحة ، و لا تستطيع الحكومة و لا مجلس السيادة ، قيادة حركة إتصالات دولية و إقليمية فاعلة لإسماع صوتنا و حجتنا و كسب حلفاء لبلادنا و هي تواجه هذا الموقف العصيب ..؟

لم نر وفوداً بقيادة رئيس مجلس السيادة و نائبه أو رئيس الوزراء و الوفود وزارية تجوب الإقليم بلداً بلدا ، و تحط المحيط العربي قطراً قطرا ، و لم نبصر قادة الدبلوماسية السودانية يملأون الفضاء الدولي حتي يفزع عدوهم و يرعوي ، كل ذلك دفاعاً عن وطننا و زوداً عن حماه ، و لإرسال الإشارات و الرسائل بأن السودان ليس وحده … و قضيته عادلة يتفهما الجميع .. و لن يسلم الشرف الرفيع من الأذي حتي يراق علي جوانبه الدم ..

سقطت الحكومة بموقفها المتخاذل في ميدان النزال والحرب في الفشقة الصغري والكبري .. ثم سقطت في ميزان السياسة بغيابها المتعمد عن الساحة الدولية والاقليمية …و انكشف ظهر الوطن مرتين …..!!!

Exit mobile version