الأخبار الرئيسيةحوارات

جبريل في حوار : إقصاء الإسلاميين غير ممكن وبقاء رموز النظام في الحبس دون محاكمة مخالف للثورة

السودان

حوار :الجزيرة نت

قال رئيس حركة العدل والمساواة وعضو مجلس شركاء الفترة الانتقالية بالسودان، جبريل إبراهيم، إن اتفاق السلام بين الجبهة الثورية والحكومة الانتقالية “هو استكمال لما بدأناه في قطر” ممثلا باتفاقية الدوحة للسلام.

وتحدث إبراهيم في حوار أجراه معه القطاع الرقمي في الجزيرة عن عدد من الملفات على الساحة السودانية؛ منها الخلاف حول تشكيل مجلس شركاء الفترة الانتقالية، برئاسة رئيس المجلس السيادي الانتقالي عبد الفتاح البرهان، وعضوية رئيس الوزراء عبد الله حمدوك، وممثلين من المكون العسكري، وقوى إعلان الحرية والتغيير، والجبهة الثورية، التي وقعت اتفاق سلام مع الحكومة الانتقالية بجوبا في أكتوبر الأول الماضي.

كما تحدث عن أسباب تأخر إعلان الحكومة الجديدة، التي ستضم وزراء من الجبهة الثورية لأول مرة بعد توقيع اتفاق السلام؟ وطالب بمصالحة وطنية في السودان تشمل “كل من لم يجرم في حق الشعب السوداني”.

والجبهة الثورية المنضمة حديثا لأجهزة الحكم الانتقالية تتشكل من عدد من الفصائل المسلحة، التي كانت تحمل السلاح ضد نظام الرئيس المعزول عمر البشير، ومنها بالإضافة لحركة العدل والمساواة، حركة جيش تحرير السودان بقيادة مني أركو مناوي، والحركة الشعبية قطاع الشمال جناح مالك عقار، فيما قالت الحكومة السودانية إن جهودا كبيرة تبذل لإقناع حركة تحرير السودان بقيادة عبد الواحد نور والحركة الشعبية/شمال جناح عبد العزيز الحلو للجلوس على طاولة المفاوضات.

وفيما يلي نص الحوار:

ما الغرض من تأسيس مجلس شركاء الفترة الانتقالية؟ وهل هو حاضنة سياسية بديلة لقوى الحرية والتغيير؟

مجلس شركاء الفترة الانتقالية كان قائما بشكل غير رسمي في الفترة الماضية، فمكونات الفترة الانتقالية (مجلس السيادة ومجلس الوزراء وقوى الحرية والتغيير) كانوا يضطرون لعقد لقاء ثلاثي بينهم، ورأى الناس أن هناك حاجة لترتيب الأمر بصورة مقننة، وإضافة المكون الجديد؛ الأطراف الموقعة على اتفاق السلام.

لذا هو جسم طوعي ليس له امتيازات أو تكاليف مالية، مهمته عبارة عن مطبخ سياسي يجتمع فيه الناس، ويتفكرون بقضايا الأمة، وينصحون مؤسسات الدولة بتنفيذ ما يتفقون عليه.

حدث خلاف كبير حول تشكيل مجلس شركاء الفترة الانتقالية رغم قولك إنه مجلس بلا مهام، إذن لماذا الخلاف؟

لا أستطيع أن أسميه مجلسا بدون مهام؛ لكن ليس له مهام رسمية كمؤسسات الدولة، هو مطبخ يعد السياسات، ويحولها إلى مؤسسات الدولة لتنفيذها، أعتقد سبب الخلاف يعود لتجربة العام ونيف الماضية، والصراع الذي حدث بين المكون العسكري والمدني وقوى الحرية والتغيير من جهة طوال هذه الفترة، تركت هذه الأمور آثارا جعلت الثقة ضعيفة بين المكونات، كل كلمة فضفاضة تثير غُبارا كثيفا.

لماذا اعترضتم على تعيين رئيس الوزراء نائبا لرئيس مجلس شركاء الفترة الانتقالية؟

الترتيب المراسمي في البلد لا يسمح، في وجود أعضاء مجلس السيادة، أن يتولى رئيس مجلس الوزراء رئاسة أي اجتماع، الترتيب البروتوكولي يستدعي ألا يكون رئيس الوزراء رئيسا مناوبا لمجلس شركاء الفترة الانتقالية.

هل تجاوزتم هذا الخلاف؟

نعم تجاوزناه تماما.

في اعتقادك لماذا تأخر تكوين الحكومة الانتقالية بعد توقيعكم على اتفاق السلام بجوبا؟

لسوء الحظ، كل البرنامج المتفق عليه لتنفيذ اتفاق السلام تأخر كثيرا، الأمر على الورق ليس كما في الواقع، الاتفاق يحتاج لجهد كبير، إذا كان تشكيل جسم تشاوري مثل مجلس الشركاء استغرق هذا الوقت، طبيعي أن تشكيل الحكومة سيتأخر؛ لأن مجلس الشركاء أخذ وقتا في التشكيل.

هل حدد وقت لإعلان الحكومة الجديدة؟

أرجو أن يكون قريبا، وصلنا لترتيب معقول وبدأت الترشيحات للمناصب والأسماء تظهر، وفي وقت قريب ستعلن الحكومة الجديدة.

هل دفعتم بترشيحاتكم للحكومة الجديدة؟

ليس بعد.

هناك حديث كثيف مفاده أن الخلافات مع قوى الحرية والتغيير سبب تأجيل إعلان الحكومة؟

أعتقد أن الصراع داخل الحرية والتغيير يمثل مشكلة كبيرة، وخرجت أطراف أساسية من المجلس المركزي لهذه القوى؛ مثل الأمة القومي والحزب الشيوعي والبعث السوداني وتجمع المهنيين، كل هذه الأمور سببت إشكالات داخل الحرية والتغيير، هذا ربما أدى أيضا لاتخاذ القرار داخل الحرية والتغيير.

هناك خلاف واضح بينكم كجبهة ثورية وبين الحرية والتغيير، هل سيؤدي ذلك لبروز تشاكس في الحكم؟

من الصعب أن يكون الناس على قلب رجل واحد أو امرأة واحدة، الأمر يحتاج لتوفيق، وهذا ما استدعى تكوين مجلس الشركاء؛ لمحاولة حلحلة الإشكالات، التي تطرأ، والتنسيق بين مواقف الأطراف المكونة للحكومة الانتقالية.

إذا افترضنا أنه لن يكون هناك مشكلة على الإطلاق، فلن نكون واقعيين بأي حال من الأحوال، هذا الوضع الطبيعي، لا بد من وجهات نظر مختلفة؛ لكن المهم أن لا نفقد الهدف والوصول لتوفيق المواقف والتحرك إلى الأمام.

اتفاقية السلام تواجه بعدة تحديات مثل التمويل كيف ستخرجون من المأزق؟

لا يستطيع أحد أن يقلل من تحدي توفير تمويل للاتفاقية ومواجهة استحقاقات السلام، النوافذ بدأت تتفتح برفع اسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب، وفرص الاستثمار أكبر من أي وقت مضى، فنحن بلد غني نتمتع بموارد كثيرة نستطيع بشيء من الجهد أن نحصل على الأشياء، التي نحتاج إليها عبر الاستثمار في هذه الموارد.

هل توجد جهات خارجية وعدت بدعم الاتفاقية؟

بعض الحديث يبقى حديثا ما لم يتحول لواقع وحسابات معلومة في البنوك؛ لذا لا تستطيع أن تتحدث عن الدعم، كثيرا ما يعلن المجتمع الدولي عن دعم؛ لكن لا تصل إلى المنتهى، ولذلك نحن ننتظر.

ما مصير اتفاقية الدوحة للسلام في دارفور؟

ما أنجزناه في جوبا هو إكمال لما بدأ في قطر، الإخوة في قطر يملكون شرف بداية هذه المفاوضات، وتحملوا تبعاتها لفترة طويلة، وأنفقوا أموال طائلة لتنفيذ وثيقة الدوحة، الفرصة متاحة أمام قطر لتنفيذ المشروعات، التي تم الاتفاق عليها، وشرعوا في تنفيذها، دولة قطر لديها التزامات ومشروعات قائمة، ومشروعات في طريق التنفيذ، ونحن نأمل من الأخوة في دولة قطر استكمال تنفيذ ما التزموا به لإقليم دارفور وكل السودان.

تحدثت في أوقات سابقة عن مصالحة وطنية لكل السودانيين، هل تشمل الدعوة قيادات النظام السابق؟ وما هي رؤيتك للمصالحة الوطنية؟

أعتقد أن المصالحة الوطنية يجب أن تشمل كل من لم يجرم في حق الشعب السوداني، المجرمون لا قبيلة لهم ولا حزب لهم، ويجب أن يحاسبوا، نحن لا ندعو لعفو مطلق بحيث يذهب المجرمون طلقاء، دعوتنا أن المجرم يتحاسب، والأفراد في المجتمع لديهم حقوق.

دعونا للحرية والعدالة، ورفعنا شعارات بالثورة حتى يعبر الجميع عن آرائهم، البلاد بحاجة للتصالح مع الجميع، وليس فقط مع الأحزاب التي كانت جزءا من النظام البائد.

نعاني من تهتك في النسيج الاجتماعي بشكل كبير جدا، هناك آراء متناقضة تحتاج لتوفيق، هناك نزعات عنصرية وجهوية بدأت تظهر بصورة سافرة يتطلب التعامل معها برفق، وإزالة أسباب التوتر بين المجتمع.

هل لديك رؤية للمصالحة الوطنية؟

نعم، الحديث الذي ذكرته لك آنفا جزء من الرؤية.

هناك من يتهمك بالسعي لإدخال الإسلاميين الحكم عبر بوابة المصالحة الوطنية؟

لا أعتقد أن باستطاعة أي طرف إزالة الإسلاميين من الوجود، هذا أمر غير واقعي، حاول الناس في ستينيات القرن الماضي القضاء على الحزب الشيوعي، وطرد نوابه من البرلمان وحل الشيوعي، مع ذلك استطاع الحزب أن يأتي بانقلاب في 1969، الرئيس السابق جعفر نميري حاول التخلص من الشيوعيين، وجز رقاب كبارهم، مع ذلك استمر الشيوعي، وحاليا هم مكون أساسي من مكونات الحكم في البلاد سواء في المعارضة أو واجهاتهم في الحكومة.

أعتقد أن مسألة السعي لإقصاء أي طرف تدفع الناس لزاوية تجعلهم يقاومون بشتى الطرق، من الأفضل إتاحة فرصة حرية التعبير لهم عن آرائهم، وليس من المصلحة محاولة محاكمة الأفكار، هناك سعي من بعض الجهات لمحاولة محاكمة الأفكار، وهذا لا يخدم المجتمع، التنافس في المجتمع يجب أن يبتعد عن الصراع الأيديولوجي، الذي حدث في العقود الماضية.

كيف تبدو علاقتكم مع الجيش وقوات الدعم السريع؟

علاقتنا مع كل مكونات الفترة الانتقالية علاقة طيبة.

تبدو أقرب للمكون العسكري؟

ليست لدينا أي موقف مضاد تجاه أي طرف، لدينا مواقف تجاه سياسات نرى أنها ليست قويمة، وتحتاج لمعالجة؛ لكن ليس لنا مواقف مطلقة مع أي طرف من الأطراف.

اتفاقية جوبا تحدثت عن النازحين واللاجئين والأكثر تضررا من الحرب؟

الشعب السوداني كله تضرر من الحرب، حتى الذين لا يقيمون في مناطق الحرب تضرروا منها، الاقتصاد السوداني تضرر من الحرب، النازحون واللاجئون كانوا شهودا على اتفاق جوبا، الاتفاق اهتم بهم وأفرد لهم فصلا كاملا لمناقشة قضاياهم.

الآن ننتقل لمرحلة التنفيذ من حيث الاتفاق، والاتفاق أنصفهم تماما، وليس لديهم مشكلة في هذا الجانب؛ لكن التحدي في إيجاد الموارد لتنفيذ ما اتفقنا عليه بشأن النازحين واللاجئين، أطمئنهم أنهم سيعودون إلى ديارهم معززين ومكرمين، ويجدون الخدمات الأساسية التي يفتقدونها.

هناك شباب معتقلون تعسفيا لشهور عديدة، وهذا يتنافى مع شعارات الثورة؟ كيف تنظرون لذلك؟

نحن ضد أي اعتقال تعسفي، نحن مع الحرية لا الفوضى، نحن مع دولة القانون، وأن تقوم الشرطة والنيابة العامة بمهمتها في فتح البلاغات والتحري، وثم يتبينون من أن هناك جريمة أساسية، ثم يذهبون للقضاء، والقضاء هو الفصل بيننا، أما الاعتقال التعسفي بعيدا عن القنوات الرسمية هذا أمر مرفوض تماما.

رموز النظام السابق معتقلون منذ عامين دون محاكمات باستثناء محاكمة مدبري انقلاب 1989.

التأخير في المحاكمة ظلم؛ لأن الفترة التي يقضونها في السجون ستكون غير مفهومة بالنسبة لهم وبالنسبة لأهاليهم، التعجيل في المحاكمة سيكون إنصافا للمتضررين منهم، وإنصافا للمتهمين أيضا؛ لأنهم واجهوا القضاء، ووجدوا جزاءهم سواء كان براءة أو تجريما، أما أن يحبس الناس من غير تقديمهم للمحاكمة ربما في بداية الثورة لأسباب احترازية، والوضع السياسي كان يقتضي حبس بعض الناس لبعض الوقت في ذلك الحين؛ لكن يجب ألا يكون هذا الأمر مفتوحا إلى ما لا نهاية، وهذا مخالف تماما لشعار العدالة.

حال وصولكم للحكم هل ستسرعون محاكمتهم؟

نعم، البريء يخرج والمجرم يحاكم.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *