حوارالأخبار الرئيسية

النائب المستقل السابق أبوالقاسم برطم: «الثورة قام بها المستقلون وسرقتها الأحزاب السياسية»

حوار: نقلاً عن صحيفة الانتباهة

كيف يقرأ أبوالقاسم برطم الواقع السياسي والاقتصادي الآن؟

  • في تقديري الواقع الاقتصادي والسياسي الآن مُبهم جداً، وغير مبشر أبداً، حال نظرنا للتوقعات والأحلام الكبيرة التي توقعها الناس قبل الثورة. وهذا في تقديري لديه اسبابه. هو واقع غير معلوم، وإذا سالت أي مسؤول حكومي، مإذا سيحدث غداً او بعد ساعةٍ فلن تكون لديه أجابة، وهذا في تقديري بسبب غياب الرؤية، لأّنَ الحكومة التي تكونت لم تمتلك أي رؤية تستطيع بها إخراج البلاد من الواقع. وأنا في هذه الحالة لا أريد المقارنة مع النظام السابق، لان السابق كان سيئاً، (عشان كده قامت الثورة)، وواقعنا اليوم متردٍ، وفيه سيولةٍ أمنيةٍ، وغياب لهيبة الدولة، وغير مريح. أما اقتصادياً فحدث ولا حرج، وسياسياً فيه “لخبطة” وتهافت مجنون على كيكة السلطة “الضعيفة” التي لا تسمن وتغني عن جوع.

هل لديك رؤية للحل؟

  • رؤيتي قلتها منذ اليوم الأول، وتاني بقولها، اختلافنا مع الحرية والتغيير في عدد من الملفات، لأننا عندما نقول لا نريد اقصاء ولا تشفٍ نعلم أن هذا لا ينفصل عن كل الملفات سواء السياسية أو الاقتصادية؛ لانها تشكل واقع الدولة التي نريد، وفي تقديري نحن محتاجين لحكومة كفاءات مستقلين دون أحزاب، لديها برنامج يتم تنفيذه عبر مؤهلين في ظل وجود هيبة حقيقة للدولة، والهيبة هنا لا تعني التسلط ولا القبضة الأمنية الضاربة مثلما في الإنقاذ، لكن القانون مفروض يكون موجود لأنه في ظل عدم القانون إذا جئت “بحاوي” من السماء لن يحل مشكلة السودان، نحتاج الى ترسيخ هيبة الدولة والقانون، وتطبيق شعارات الثورة «الحرية والسلام والعدالة»، وتطبيق القانون على الكل. نحن نحتاج إلى برنامج مرحلي واضح المعالم ومنطقي وعملي وليس برنامج خيالي، لا نريد إعادة استبداد بآخر، ولا نريد استبدال نظام الإنقاذ بأحزاب أخرى بعينها، لكن نرى الآن نفس الفساد ونفس التمكين يتكرر. الحزب الشيوعي، إذا بقى عنده وزير كل الوزارة ستصبح شيوعيين، وكذا البعثي ونفس الحال في الأحزاب الاخرى، لذلك نحتاج حكومة كفاءات يتم فيها وضع المعيار العالمي، في الاختيار والتوظيف لأننا كلنا موطنين سودانيين يفترض أن نتمتع بنفس الحقوق، والواجبات. إبعاد الخدمة المدنية من السياسة وكذلك القضاء الذي اصبح مسيس، والحاكمين يمارسون ذات سلوك الكيزان، الكوادر التي تم رفتها تعبت فيها الدولة ودفعت فيها قروش وتدريب، لذلك لا يمكن أن نأتي في ظل أوهام، سميت التفكيك والتمكين، ونفصل كوادر، أنا أقول حاسبوا هذه الكوادر على الأداء المهني، وغيره، وأتركوهم في وظائفهم لأنهم خبرات.

كيف تنظر لما يقال إنه التشاكش بين مكونات الفترة الانتقالية ومدى تأثيره على عملية الانتقال؟

  • اعتقد أن التشاكس شيِّ طبيعي، ولكن في تقديري أن المستقلين كانوا هم أساس الثورة وليس الأحزاب السياسية، التي قفزت فوق الثورة وسرقتها، ولو كانت الدعوة للخروج ضد النظام السابق باسم حزب سياسي فلن يخرج لها أحد، لكنها كانت باسم تجمع المهنيين غير الحزبي، لذلك نحن نعرف ان “قحت” هي عبارة عن عدد من الأجسام المتناقضة، وبالتالي طبيعي أنهم لن يتجانسوا، ومع ذلك إذا كانت مكونات “قحت” تجردت من اللهث وراء السلطة لكان قد وصلنا لاتفاق، ولكن اعتقد أن أي حزب، بما لديهم فرحون ويريد أن يتسيد الموقف، ويأكل الكيكة لوحده، لذلك شخصيا لم اتفاجأ بهذا الخلل، والأمر الغريب أن هذه الأحزاب  لبست ثوب الحاضنة، والأمر هنا أشبه بأن “فأر لبس ثوب الفيل”، والرؤية كانت بالنسبة لنا كمستقلين واضحة لأننا ننظر للأمور بعين مجردة بعيداً عن الحزبية.

الآن هناك أطروحة لتوافق سياسي وطني، ودعوة للتصالح مع الإسلاميين؟

  • أيّ شخص يقول إن الإسلاميين يمكن لفظهم من المجتمع دا زول خيالي ساي؛ نحن لا بدَّ أن نتعامل مع تجربة الثلاثين عاماً كتجربة فيها اخفاقات ونجاحات إذا كنا واعيين، ولا نحاسب الشخص على انتمائه وعلى أساس أنه اسلامي أو شيوعي، وإنما يجب أن نحاسبه السياسي على الفساد أن كان مفسداً، وإذا أردنا أن نحقق عدالة اجتماعية صحيحة ينبغي ان يكون الحساب قبل الثلاثين عاماً الماضية منذ العام 1956، والآن يوجد عدد ضخم جداً من الفاسدين هم غير إسلاميين، ولم يتم حسابهم، لذلك عندما ترهن خلافك السياسي بالعدالة فلن تحقق العدالة، والتصالح لا يعني عفا الله عما سلف، ولكن نتفق على أسس وأجندة في إطار المصلحة الوطنية.

ما ذكرته ربما هو أمر يخص لجنة تفكيك نظام الثلاثين من يونيو؟

  • هذه اللجنة في راي غير نافعة لانها لم تبنْ على أسس علمية، ولا يمكن أن تكون جهة واحدة هي الخصم والحكم، هذا ظلم، هذه اللجنة لم تبنْ على أساس مهني، وإلا لكان الأمر اختلف، نحن أصلا لا نحتاج إلى لجنة تفكيك، لأن لدينا قانون من أين لك هذا، مثلاً نقول “تعال يابرطم أنت بنيت عمارة وعندك عربية مارسيدس جبتها من وين”، فإذا لم يستطيع أن يثبت من أين اكتسبها بعدها تدخله السجن تقطع راسه دا موضوع آخر، لكن يجب ألا تكون القضية تشفٍ ضد اتجاه سياسي بعينه، لأّن ذلك هو ما طبقه الكيزان فيما عرف بالصالح العام وظلموا به الناس، لذلك اعتقد أن لجنة التفكيك وجودها أصبح خصماً على الثورة وخلق غبائن لن تنتهي بين يوم وليلة، ونحن لا نريد أن نبني دولة على الغبائن والضغائن، وهو ذات الأمر الذي حدث للحزب الشيوعي في الستينيات عندما اتفقت الأحزاب على حله وطرد نوابه من البرلمان، ومنذ وقتها فإن الغبينة التي دخلت في الحزب الشيوعي لم تخرج حتى الآن، لذلك ينبغي أن لا نعيد الآن نفس السيناريو، لذلك إن كان حزب المؤتمر الوطني حزب فاسد يتحاسب ويتجرد من كل أصوله، ويتعرى قدام المجتمع كحزب، ولا ينبغي حظره؛ لذلك اعتقد ان لجنة التفكيك مفترض تقيف.

أنت تدعو إلى وقف التفكيك إذن؟

  • أبداً.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *