نادي النيابة والنائب العام.. مَن يكسب الجَولة الأخيرة؟!

السودان

الخرطوم : طارق عبد الله

ثلاث قضايا يرفعها أعضاء نادي النيابة العامة في مُواجهة النائب العام تاج السر الحبر لتأكيد الاتهامات له، وهي قضية سحب ملف مُحاكمة طارق سر الختم المدير العام لشركة سين للغلال، والذي جاء اسمه في قضية الرئيس السابق عمر البشير بالتعامُل معه في تجارة العُملة، وإطلاق سراح المستثمر التركي “أوكتاي”، الذي يُدير شركة تعاقدت لتوصيل الكهرباء في ولايات دارفور، وقضية المُستثمر المصري يسري أبو الفاضل مدير شركة الأمراء لصيانة وبناء السفن، كان لديه اتفاقٌ مع النقل النهري لصيانة السفن، وبناءً على ذلك، له التزامات تجاه النقل النهري وهي مبالغ تُقدّر بنحو 8 ملايين دولار، وقد كان النائب العام قبل تعيينه محامياً له، وبعد تعيينه ساعد في إطلاق سراحه بإضافة توصية (دون المساس بالقرارات الصادرة) ليعطي موكله حقاً لا يستحقه!! تلك القضايا الثلاث يرفعها أعضاء نادي النيابة العامة في معركتهم ضد النائب العام والمُطالبة بإقالته، بل قاموا برفع مذكرة لمجلس السيادة بذلك الشأن لم تجد الاستجابة من رئيس المجلس، بيد أنه تم تشكيل لجنة وساطة لرأب الصدع بين الطرفين.. فهل ينهي التحقيق في القضايا الثلاث، المعركة بين النائب العام وأعضاء نادي النيابة العامة؟

أصل الخلاف

يقول المستشار فائز حسين لـ(النورس نيوز)، إن نادي النيابة العامة كيان مهني قانوني مُهمّته الأساسية، الدفاع عن استقلال النيابة العامة وحمايتها من تدخُّلات الأجهزة الأمنية، وأسس بعد مذكرة في يناير 2019م لتنفيذ مطالب الثورة، وكانت ثمرة ذلك الجهد وجود محامين في لجان التحقيق، وقصد النائب العام الاستفادة من خبراتهم القانونية استناداً على المادة 20 من قانون النيابة العامة التي تمنح النائب العام الحق بمنح وكالة النيابة لشخص أو للجنة، وقال حسين إن البعض بدأ في تغليب المصالح الشخصية الذاتية على مصالح الدولة المنصوص عليها في الوثيقة الدستورية، فظهرت مُحاولة التدخُّل في شؤون إدارة المُؤسّسة وأعمالها كمُحاولات تصفية الحسابات الشخصية الضيِّقة، فتصدّى النائب العام لهذه المُحاولات، مُرجحاً أنها أحد الخلافات، بيد أن المكتب التنفيذي للنادي حَدّدَ أهدافه في بيانٍ أصدره عقب إضراب وكلاء النيابة عن العمل، قال إن تحرُّكهم جاء لتعزيز الحفاظ على إرث النيابة وفي أداء دورها المنتظر كجهاز مُستقل يرمي لتحقيق العدالة، ولإيقاف تحوُّل المُؤسّسة إلى أداة للإفلات من العقاب، وإحباط أيِّ تدخُّل سياسي أو حزبي أو تنفيذي بأعمالها، وهو دورٌ ظلّت تنتاشه سهام التدخُّل السياسي عبر تعيين النائب العام لناشطين سياسيين لتسيير وتوجيه النيابات حتى أصبحت النيابة العامة مسرحاً لإرضاء السياسيين، وقد عانى أعضاء النيابة من كثرة التدخُّلات اليومية في أدائهم لأعمالهم وفق القانون وحدثت تجاوزات لا حصر لها كانت تتم بعلم وتوجيه النائب العام. وقال النادي، إنه من غير المقبول أن تتحوّل مُؤسّسات العدالة إلى أدواتٍ للإفلات من العقوبة ولا الى أدواتٍ للتشفي، بناءً على الصراعات التي تشهدها النيابة العامة تم تشكيل لجنة لتقرير وجهات النظر بين الطرفين.

لجنة الوساطة تنحاز

انحازت لجنة الوساطة التي شكّلت بعد مذكرة المجلس السيادي لمطالب نادي النيابة العامة. وقال رئيس اللجنة المحامي يوسف حقّار إن جلّ المطالب التي كُتبت في مذكرة نادي النيابة وسُلِّمت لرئيس مجلس السيادة الانتقالي مطالب مشروعة، وإن النائب العام الحبر أقرّ واعترف بكل التهم المنسوبة إليه، وهذا الأمر تمّ أمام ثلاثة من أعضاء لجنة الوساطة، جاهزون لقول الحقيقة أمام المحكمة، ولم ينكر النائب العام الادّعاءات التي قدمها النادي بحقه، وقال حقار إنّ النائب العام ارتكب مُخالفات كبيرة وتدخُّلاً بصفة شخصية في كثيرٍ من القضايا، وإن لجنة الوساطة توصّلت لحقيقة واحدة فقط وهي أنّ النائب العام مولانا تاج السر يجب أن يُغادر الكرسي، بل يجب أن تتم مُحاكمته، وإن بقاءه على رأس النيابة خصمٌ من الثورة، وهدرٌ لدماء الشهداء وضياع الحقوق.

أزمات تُحاصر النائب العام

ويرى أستاذ العلوم السياسية عبيد المبارك، أن النائب العام يُواجه بضغطٍ في كل الاتجاهات بخلاف ضغط أعضاء نادي النيابة وهم من داخل (الكار)، هناك محامي الدفاع عن المتهمين في قضايا النظام السابق لديهم أيضاً اتهامات مسندة بالقانون لتسييسه لبعض القضايا وإيقافه عدداً من المتهمين لمدة تتجاوز العام مع عدم وجود بيِّنات ضدهم، تلك القضايا نفسها جعلت الكثيرين ينحازون لصالح الموقوفين بإطلاق سراحهم أو تقديمهم لمحاكماتٍ، مُذكِّراً بحديث الفريق أول شمس الدين كباشي في حواره لقناة النيل الأزرق، وقال المبارك لـ(النورس نيوز)، إن النائب العام مُحاصرٌ من عدة اتجاهات، وَيَبدو أنّ أمر مُواصلته صعبٌ، خَاصّةً أنّ هناك تغييرات حكومية قادمة، وهناك اعترافٌ بفشل الحكومة الحالية في عددٍ من الملفات، منها ملف العدالة والذي بدأت تتحرّك فيه مُنظّمات حقوقية، وصلتها شكاوى من أسر المُعتقلين السياسيين، واعتبر أن كل تلك الإشكالات جاءت نتيجة بعض الممارسات الخاطئة في التعامل مع القضايا، مثل قضايا المعتقلين والمفصولين وغيرها من الأزمات التي صنعتها قِوى الحُرية والتّغيير في مواجهة عامة الشعب أثناء حملتها لإزالة التمكين فوقعت في أخطاءٍ اعترفت بها، فالمجتمع السوداني بات مُقتنعاً أنّ ثورته ضَلّت الطريق وتَخلّت عن السلمية في إدارة شؤون الدولة، فإذا نظرنا للموضوع من هذه الزاوية سنجد أن الخلافات بين النائب العام وأعضاء النيابة، وما ظهر فيها من اتهاماتٍ وحقائق بداية لكشف العديد من الموضوعات وستنتهي في النهاية لإصحاح الحق.

Exit mobile version