حوارالأخبار الرئيسية

الملحن المشهور يوسف القديل لـ«النورس نيوز»: ”لن أقدم أغنيات محمود عبد العزيز لمطربين آخرين“

حوار: رندة بخاري

لا زالت ثنائية الملحن ذائع الصيت، يوسف القديل، مع الفنان الراحل محمود عبد العزيز محط أنظار إعجاب كثيرين. وتبقى الأغنيات التي جمعتهما مسطورة في سفر الخلود، لكونها توافرت على خلطة النجاح، بداية من الكلمات، مروراً بالألحان، وليس نهاية بالأداء.

طفنا مع القديل عبر عدد من المحطات وهذه تفاصيلها.

ـــــــــــــــــــ

 ما ذُكر اسم يوسف القديل إلا وطاف بأذهان كثيرين تجاربه الغنائية واللحنية الناجحة ومن بينها تجربته مع الفنان الراحل محمود عبد العزيز فكيف حالك فنك بعده؟

  • تجربتي مع الفنان الراحل محمود عبد العزيز اعتز بها جداً، وبعد رحيله تعاملت مع مجموعة من المطربين الشباب أبرزهم طه سليمان في أكثر من عمل، وكذلك الفنان عصمت بكري، والآن بين يدي تجارب فنيه مع عدد من الأصوات الشابة.

الأغنيات التي تتسيد سوح الغناء حالياً، أشبه برغوة الصابون، ولا تعمر طويلاً .. من واقع تجاربك لماذا ذلك؟

  • يعود الأمر برمته إلى الاهتمام بكلام الشارع، فالمطربين لا يختارون النصوص الرصينة، وحتى الألحان لا يفكرون فيها طويلاً، لذلك تشابهت الألحان، ومن ثم اتجهوا الى الألحان الدائرية. لذا ما أن يلامس اللحن آذان أحدنا نشعر بأنه مألوف بالنسبة لنا، ولأن الكلمات لا تحمل رسالة ملفتة أصبحت الأغنيات لا تعمر طويلاً في وجدان الناس وفي النهاية الأغنية ستكون هشة.

هل من الممكن أن تجد أغنية ركيكة حظها من الشهرة بسب صياغة لحن جميل؟

  • الأغاني الموجودة في الساحة حالياً عرفت باللفظ الملفت والمثير للجدل وهو المهيمن الآن. وسيطرت مسألة رفض التعامل بجدية حتى على المتلقي الذي بات يحب الاستماع الى الكلمات غير الجادة والمفردات خالية من المعاني الرسالية. هذه من الأمراض الاجتماعية التي اصابت وجدان الشعب السوداني وهي كارثة من وجهه نظري، وعلى سبيل المثال يأتيك مطرب شاب يطلب منك أعمال ما أن تبدأ له بالأغنيات الرصينة التي بها نغم ومجهود لتضيف لتجربته شيئا يرفضها ويقول لك (عايز لي حاجة كدة خفيفة). لكن أود التنويه إلى أن بعض الشباب الجاد اتجه لتقديم أعمال رصينة منهم عصمت إبراهيم الأمام الذي سبق وان قدمت له نحو اثني عشر عملاً غنائياً.

 يعلق البعض تقديمه لأغنيات غثة على ذائقة الجمهور، ومن ثم أصبحنا نستمع من بعض المطربين الي مقولة (الجمهور عايز كدة) كما قلت آنفاً؟

  • (هذه مقولة زول محبط)، لأن الفنان مُعلم، ويقال له أستاذ لأنه حقيق بهذه الصفة. على سبيل وبالرغم من كون مدارسناً خلواً من منهج تربية وطنية في المدارس، إلا أن الأغنية قامت بهذا الدور.
  • الفنان هو الذى يعالج الاشكالات أياً كان نوعها من خلال الفن، ومن ثم تؤدي الأغنية وظيفتها. عليه أنا ضد مقولة (الجمهور عايز كدة) والفنان صاحب المشروع يقدم غناء جميل، وفي فترة من الفترات تحدثت في عدد من المنابر عن الإرث الثقافي الغنائي الذي ورثته الأجيال من المطربين الذين سبقوهم (محمود وعصام ونادر)، ثم فجأةً جاطت الأمور في هذا الوسط نسبة لدخول الفنانين فيما يسمى بالتجريب، هذا الأمر خلق اشكاليات تواصل بين الأجيال.
  • أصبح الشباب مقلدين للثقافات الغربية، دون مراعاة لهوية الأغنية السودانية التي مرت بعدد من المراحل من الصفقة الى الاوركسترا، ومن ثم ادخل كثيرين الآلات الموسيقية، وعلى سبيل المثال الطبلة والبنقز (جابهم) سرور من القاهرة والسر عبدالله أدخل الكمنجة، ثم محمد جبريل الذي يستحق التكريم فهو أول من ادخل آلة البيز جيتار في الاوركسترا الموسيقية، وفي العام 1969م جاء معهد الموسيقى وقبلها كانت هناك دراسة في الإذاعة ادخلها مصطفى كامل وبعده مسترلى الذي تتلمذ على يده محمدية ومحمد عبدالله عربي ثم جاء وردي بآلة الطمبور ثم تحول الى الموسيقى ثم (قلب) الأغنية في السبعينات، وشكلت الاذاعة دوراً هاماً في تلك المرحلة إلى أن توقف التسجيل فيها ليصبح الإنتاج الفني بديلاً للإذاعة والتلفزيون يتسيد سوقه مجموعة من المطربين منهم محمود عبد العزيز، وجمال فرفور، وعصام محمد نور، ثم من بعدها جاطت الأمور بالتجريب من غير خبرة.

عبارة (كلمات وألحان وغناء) تحولت إلى موضة؟

  • هي من المسائل التي جعلت الأمور تتخلف، فالعالم كله يعمل بالمهنية وعلى سبيل المثال هناك مؤلفات موسيقية يأخذها بعض المطربون وينتفعون منها دون أن يقدموا لأصحابها حقوقهم المادية، وهذا اسلوب غير حضاري. ومن وجهه نظري إن عدم الاعتراف بالحقوق يعتبر عدم وعي، حتى الديمقراطية التي تطبق الآن في البلد هناك من يجهل كيفية التعامل بها، ونحن لن نصل الى نتائج ايجابية نسبة لعدم الوعي.
  • نعم هناك مطربون لحنوا ولديهم موهبة حقيقية ولكن بعضهم مستواه غير جيد في الغناء، فما بالكم أن يكون هناك صاحب ثلاثة مهن في آن واحد هذا تطاول، وعدم الوعي، يأتي نتيجةً لعدم احترام الآخر، وأنا إذ أحترم مهنتي لا أقبل على هكذا فعل.

أين تكمن المشكلة عملياً؟

  • الاشكال كان هو مجلس المهن الذي ساهم مساهمة كبيرة في التعدي على الغير، حيث كان من الممكن إصدار قانونه عبر التدارس والجلوس الى الملحنين والشعراء والفنانين، فلا يمكن أن تصبح مغنياً من دون (وقود)، و(قصة) خمسة أغنيات التي وضعها المجلس منذ تأسيسه كشرط للحصول على الرخصة لم يكن منطقياً، ومن الممكن كان أن يقدم المطرب أي أغنيات نصها من الحقيبة ويدخلها الاستديو ويؤديها أمام اللجان بصورة غير مباشرة، القانون كان هشاً، وأي فنان يعمل ليهوا خلطة من الأغنيات ويستفيد منها ويقدم للعازفين أقل من ربع المبلغ وهذا ثراء حرام.

 الساحة الفنية غابت عنها روح التسامح وأصبح الكل يبحث عن مصالحه الشخصية؟

الخلافات ودخول الأجسام الغريبة ودخول بعض (الرأسمالية المتفننة) حيث تجد أحدهم عمره ستين سنة ويملك قصيدة أو لحن منلوج، ومعه مجموعة من الناس يستغل ظروفهم المادية وحوجتهم ومن ثم يحيكون له أغنيات ويصبح ملحناً. أنا اجتهد في الأغنية ليأتي مطرب يأخذ الغناء ويستفيد منه مقابل مبلغ مادي معين، وهناك من يكتب الكلام ويلحنه ويأتي بالمغني ويعطي المال للفنان ليغني له وهذا ما أصاب الأغنية بهزة فخرج غناءً فطيراً رغم تكراره في الإعلام لكنه لم يصل إلى الناس.

أغنيات الفنان الراحل الراحل محمود عبد العزيز كانت تصنع الفرق في الساحة الفنية، من وجهه نظرك هل من مطرب يستطيع سد فراغ محمود؟

أنا قدمت بعض الأعمال، حيث تغنى لي الفنان شكرالله عز الدين بـ(الدمعة) وحققت النجاح، فالمبدع اذا كان يتمتع بالمهنية سيصنع الفرق، لكن حاجات صاحبي وصاحبك، وجاري وجارك، لا تؤدي إلى نجاح الأغنيات التي أصبحت مؤخراً أغنيات فقط مثيرة للجدل الذي يسعى اليه بعض المطربين، وانقسم الناس حولها، ومطربين كبار يختارون تلك الأغنيات وعاملين فيها نجوم كبار، وهذا أسلوب خطير أشبه بمتعاطي المخدرات.

هل يمكن القول إن مطربون بعينهم -من دون تسمية- يعملون على الاستحواذ على أغنيات محمود التي لحنتها له من أجل الانتفاع منها؟

  • أي مطرب يمكن أن يستحوذ مطربين آخرين على أغنياته، لكن لا يمكن أن يحدث ذلك لمطرب أسطورة مثل محمود عبدالعزيز. صحيح أغنياته تغنى في الحفلات، وهناك من يمثل أنه الحوت، لكن أنا لن أقدم اغنيات محمود لمطربين آخرين. لا يمكن أن أقدم على مثل هذا الشيء، فالغناء الذي جمعني بمحمود (اتعمل) له فقط، ومدرسته كمدرسة غنائية متفردة، والراغب في الانتفاع منه سينتقع منه عبر الحفلات العامة، وعلى سبيل المثال هناك حسين حمد، حذيفة هذين الشابين يقلدون محمود قبل وفاته، اضافة لترديد أغنياته في برامج تلفزيونية، وفي المراكز الثقافية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *