الصحافة السودانية .. رفعت الأقلام وجفت الصحف

بعد توقف عدد منها

تقرير  : النورس نيوز
رسم ناشرو ورؤساء تحرير صحف سودانية، مستقبلاً قاتماً للصحافة الورقية، في ظل الأوضاع الاقتصادية الحالية التي اجبرت عدد من الصحف اليومية على إغلاق أبوابها وتسريح العاملين بها جراء الضوائق المالية التي أعيت كل حيل وحلول الناشرين في التغلب عليها.
ابواب مغلقة
شهدت الفترة التي تلت رحيل النظام السابق تساقطاً واضحاً للصحف الورقية اليومية حيث توقفت أكثر من خمسة إصدارات يومية عن الصدور واغلقت أبوابها وسرحت العاملين بها وكان القاسم المشترك في التوقف هو الأسباب الاقتصادية.
اول الصحف التي غادرت الساحة في الفترة كانت صحيفة القرار التي توقفت لأسباب اقتصادية، وذلك بعدما عادت للصدور بعد توقف دام ثلاثة اعوام ثم عجزت عن مصارعة الأوضاع الاقتصادية المعقدة قبل ان تتوقف في منتصف العام الماضي.
تبعتها مباشرةً صحيفة مصادر التي توقفت عن الصدور منذ مايو من العام2019م ثم صحيفة الرأي العام التي توقفت عن الصدور منذ عام ثم صحيفة المجهر السياسي التي سرح ناشرها العامليين فيها، وأعلن إيقاف النسخة الورقية ثم التحقت بهم مؤخراً صحيفة اخر لحظة التي سرح العاملين بها امس الأول، بإعلان إيقاف نسختها الورقية.
في السياق ذاته ثمة عدة صحف تحولت للاصدار بصيغة (PDF) بدلاً من الإصدارة الورقية مثل صحيفة حكايات جديدة، وصحيفة الحداثة التي توقفت عن الإصدارة الورقية لأكثر من خمسة شهور ونشطت الإلكترونية قبل أن تعود الصدور الورقي مطلع الاسبوع المنصرم.
ويرى مراقبون أن مستقبل الصحافة الورقية بأت على المحك في ظل الأوضاع الاقتصادية المعقدة وتوقعوا توقف عدد من الصحف في المرحلة المقبلة.
رهان خاسر
يقول ناشر صحيفة مصادر ورئيس تحرير عبدالماجد عبدالحميد (للنورس نيوز) عن مستقبل الصحافة الورقية كنت حتى وقت قريب من المراهنين على مستقبل الصحافة الورقية وإمكانية صمودها في وجه التحولات المذهلة التي شهدتها ساحة الصحافة والإعلام بطول الدنيا وعرضها وأنشأت صحيفة، لكنني سرعان ما تراجعت واغلقتها بالضبة والمفتاح بعد أن واجهت صعوبات لم أكن متحسباً لها.
وحول أسباب تدهور الصحافة الورقية وتساقطها يقول لعل أهم عامل سيعجل بطي ملف الصحافة الورقية إلى الأبد هو التغيير الذي حدث في مجال اهتمام قطاعات واسعة بالقراءة وتراجع تأثير الصحافة الورقية أمام طوفان المعلومة المباشر لحظة بلحظة.
نظرة قاتمة
يرسم رئيس تحرير الرأي العام المتوقفة عن الصدور مالك طه مستقبلاً قاتماً للصحافة الورقية ويقول من يريد مستقبلاً معقولاً للصحافة الورقية فلينظر الى الواقع الذي هو أقرب إلى الجنون.. المؤشرات كلها تقول إن صحفنا في طريقها إلى التلاشي؛ والمؤسف أن نهايتها بدأت بالكبار؛ أعني الصحف العريقة (الأيام والصحافة) اللتان تشكلان أهم ملامح التاريخ الصحفي في السودان.
مضيفا: فاقمت الحكومة الانتقالية من الوضع الماساوي للصحافة الورقية بسياساتها الجائرة فصادرت أقدم وأعرق صحيفة سودانية هي الرأي العام ووضعت سيف التهديد على رقاب أخريات تحت ذريعة قانون ظلامي اسمه محاربة التمكين.
وتابع: لقد جمعت الحكومة الانتقالية بين السيئتين، فهي من جهة اخفقت في تحقيق وضع اقتصادي مستقر يساعد الصحافة الورقية على الصدور والاستمرار، ومن جهة أخرى دخلت في معارك معها بغرض اجتثاثها بتهم سياسية ملفقة.

 

وقال (للنورس نيوز) صحيح أن الصحافة الورقية تعاني في كل العالم ولكنها في السودان  هي أشد معاناة، ومن المفارقات أنه وفي ظل غياب السلطة التشريعية (البرلمان) فإنه كان مأمولاً أن تسد الصحافة الورقية هذه الثغرة وتقوم بالدور الرقابي ولكن يبدو ان الحكومة الانتقالية زاهدة في الاثنين؛ بل رافضة لهما.

ماوراء التدهور

يقول رئيس تحرير صحيفة اخر لحظة المتوقفة عن الصدور حديثاً اسامة عبدالماجد (للنورس نيوز) إن مستقبل الصحافة يبدو مظلماً لحزمة أسباب أبرزها عدم مساعدة الحكومة الناشرين بشأن تخفيض الرسوم والضرائب على مدخلات الطباعة، وعدم تيسير استيراد الورق والذي ياخذ النصيب الأكبر من كلفة صناعة الصحيفة، يضاف لذلك عدم مراعاة الحكومة للصحف فيما يلي ارتفاع قيمة الضرائب على الإعلان وأرباح الأعمال، ومنوهاً إلى إنضعف الإعلان الحكومي الذي يشكل نصيب الأسد جراء قلة وضعف نشاط وبرامج الحكومة.

مضيفاً بأن أسباب أخرى ساهمت في انهيار الصحافة الورقية منها بحسب قوله ما يتعلق بالاوضاع الاقتصادية ودخول مفاضلة شراء صحيفة ام (كيس الخبز)، بجانب تاثر المزاج السوداني وعزوفه عن مطالعة الصحف في ظل انتشار منصات التواصل الاجتماعي وتاثير جائحة كورونا حيث تعود السودانيين غياب الصحافة.

العيش بأوكسجين

يقول المدير التنفيذي السابق لمؤسسة الرأي العام مجاهد باسان (للنورس نيوز) إن صمود الصحف الورقية مستقبلاً بات من الصعوبة بمكان نسبة لإرتفاع تكلفة التشغيل وارتباطه بالسوق الحر الذي يعتمد على السوق الاسود لتمويل مدخلات الإنتاج وهو ما لا يتوافق مع ثبات اسعار الصحف الورقية واسعار الإعلانات بجانب ارتفاع المرتبات والتضخم الحالي، لذلك نجد أن أقل تكلفة لتشغيل صحيفة ورقية في العام يحتاج لمبلغ 50 مليون جنيه (مليار بالقديم) وهو ما لا تستطيعه اعلى الصحف إنتشاراً خلال العام.

Exit mobile version